في عيد الأم.. ضيق العيش يسرق فرحة ست الحبايب

تجري العادة أن يتجنّب البعض منّا أن يذكر كثيراً خصال والدته أمام أي أحد قد خسر أمّه، أو أن يتحدّث بإسهاب عما يخطّط له في مناسبة عيد الام لما تحمله هذه المناسبة من معان خاصّة. كما يحرص كثيرون على عدم نشر الصور والابتعاد عن الاستفاضة في التعبير عن عمق ما يتركه هذا اليوم في نفس كل من جرّب مرارة الخسارة والفقدان. ولكن في لبنان قد لا تكون الخسارة على هيئة موت، بل قد تأتي على هيئة حقوق مسلوبة.
هي الأم ومن أعزّ منّها! ولكنّ هناك من لا يزال يعتبر أن هذه “المعزّة” قضية أخذ وردّ تحتمل النقاش، لا لشيء، بل لأن بعض قوانين الأحوال الشخصية تحكمها أعراف وقوانين ذكوريّة مجحفة بحق المرأة، والأم تحديداً. نعم لا تزال الطوائف في لبنان تتحكّم بقوانين الأحوال الشخصية. 
لطالما علت المطالب والصرخات في أروقة المحاكم. رجولة عقيمة تسجن أمّهات يرفضن التخلّي عن حضانة أطفالهن، أو يجدن أنفسهنّ مضطرات إلى التنازل عن كامل حقوقهنّ في مقابل تربية أطفالهن أو حتى مجرّد رؤيتهم. تكاد لا تكسب الأم أي قضية إلا بعد تنازلها عن حق من حقوقها. وكثيراً ما تجد الأم نفسها مرغمة على التنازل عن نفقة أولادها في مقابل كسب هذه الحضانة.

حتى عيد الأم، لم يسلم من تداعيات الأزمات التي يمر بها لبنان لا سيما الاقتصادية، إذ تحل المناسبة هذا العام، موقظًة الحزن في قلوب الكثير من الأمّهات، جرّاء بُعد أبنائهنّ عنهنّ، إما بسبب الهجرة أو حوادث لها علاقة بالأزمة. 
حروب خارجية وداخلية، أزمات وانهيارات اقتصادية، حملت الأم اللبنانية الكثير من وزرها، إلا أن صوتها لم يكن مسموعاً لدى أصحاب القرار.
وباتت المعايدة عبر تقنية الفيديو الوسيلة الوحيدة التي تجمع معظم أمهات لبنان بأولادهن المهاجرين نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة التي جعلتهم يبحثون عن وطن بديل لتأمين مستقبلهم، بحيث باتت المواساة الوحيدة بالنسبة إلى الأمهات اللبنانيات.
ويظل العيد في أوساط الأمهات اللواتي ودعن أبناءهن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية حزينا، لا ورود ولا حلويات، و”صاحبات العيد” حائرات تختلط في داخلهن أوجاع كثيرة.

ويبقى عيد الأم أقدس ينابيع الحنان، لكنه يبقى الأٌقسى على من فقدت زوجها سواء بالموت أو بالطلاق، فأي دور تلعب النساء “الوحيدات” اليوم، لتعويض الخسارة المادية والمعنوية للأب؟.
لمجرّد أن تصحو الأمّ من نومها وتفتح عينيها، وهواجس الأوضاع السيئة تقلقها لثقل همها، وتفكيرها الدائم بأحبائها، وأحباء أحبائها الذين هم اولادها وأولاد أولادها، فهي الأم وقلبها يخفق حباً ودعاء لهم بالصحة والتوفيق في أعمالهم ودروسهم، فقلب الأم يخفق دائماً بالحب والخير في عالم جاف، تحطمه المادة، وجشع التجارة، وحب المال.
لكن هذه السنة مع كل مرارتها وحزنها، الأم تبقى أمًّا، فهي نبع الحب وهي المحبوبة الحنونة التي سقتنا ذاك الحب الذي صنعنا أخوة بين الناس وأعطانا الخير كي نعطيه لنبني السلام.
لكلّ الامهات، اللواتي ولدن أطفالا واللواتي لم يستطعن الانجاب، كل عام وأنتنّ بخير.