جريمة التكتوكرز في لبنان: بين الواقع المروع والتحديات القانونية

بقلم ليلى عبّاس

في عصر تمتزج فيه الحياة الافتراضية بالواقع بشكل متزايد، تتصاعد التحديات والمخاطر التي يواجهها المجتمع، ومن بينها الجرائم الإلكترونية البشعة التي تستهدف الأبرياء، وأخيرًا وقعت فضيحة مروعة هزّت المجتمع اللبناني، فبعد كشف وسائل الإعلام عن جريمة إلكترونية خطيرة، تبيّن أن عددًا كبيرًا من الأطفال القصّر في لبنان قد تعرضوا لاعتداءات جنسية بشكل مروع، وما يزيد الرعب هو استخدام تطبيق “تيك توك” كوسيلة لتنفيذ هذه الجريمة المشينة. يضاف هذا الحادث المروع إلى سجل الجرائم الإلكترونية المتزايد في لبنان، وسط الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي يعيشها البلد، مما يستدعي تسليط الضوء على التحديات والمخاطر التي تهدد المجتمع اللبناني، خاصة في عالم التواصل الاجتماعي. من بين التفاصيل المروعة، تم توقيف أحد المشهورين في تطبيق “تيك توك”، بتهمة استدراج الأطفال وارتكاب جرائم جنسية بحقهم، وهو مالك صالون لتصفيف شعر الرجال، ما يجعل هذه القضية ليست مجرد جريمة بل كارثة بحق، تجسد مدى خطورة الإساءة الإلكترونية التي يمكن أن تصل إليها الأمور في عصر التكنولوجيا المتقدمة.

من الضروري اذا رفع الوعي بخطورة هذه الظاهرة وتشديد الرقابة وتطبيق العقوبات بحزم على المتورطين فيها، إضافة إلى تعزيز التدابير الوقائية والتثقيفية لحماية الأطفال والمراهقين من المخاطر الكامنة في عالم الإنترنت.

من الضروري في هذا السياق توضيح مفهوم الجريمة الإلكترونية وذلك بتحديد أنواعها  المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يجب استعراض كيفية تعامل قانون العقوبات مع هذا النوع من الجرائم، و ذلك بذكر العقوبات المنصوص عليها للمرتكبين .

من ناحية أخرى، يجب تسليط الضوء على مدى  التزام لبنان باتفاقية حقوق الطفل والتحديات التي يواجهها القضاء في مواجهة الجرائم الإلكترونية، مع التركيز على كيفية حماية الأطفال وتأمين حقوقهم في البيئة الرقمية، وذلك من خلال تحليل الإجراءات القانونية المعمول بها لمكافحة هذه الجرائم وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورتها وسبل الوقاية منها .

تعريف الجريمة الاكترونية,التحرش الالكتروني:

تتشابه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية في بعض الجوانب، لكنها تختلف في الوسائل المستخدمة والتحديات التي تطرحها على أنظمة العدالة الجنائية. تُعرف الجريمة الإلكترونية بأنها نشاط إجرامي يستهدف أنظمة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، حيث تستهدف الهجمات السرقة أو التلف أو التلاعب بالبيانات الإلكترونية لأجل الربح غير المشروع أو التأثير على الأنظمة الحيوية للمؤسسات أو الدول. تتضمن هذه الأنشطة الجرائم مثل الاختراقات الإلكترونية، والاحتيال الإلكتروني، وانتشار البرمجيات الخبيثة، واستخدام الهوية الوهمية، والتجسس الإلكتروني، والتلاعب في البيانات والمعلومات، وغيرها من الأنشطة غير القانونية التي تستهدف البيئة الرقمية. تعتبر الجريمة الإلكترونية تحديًا كبيرًا لأنظمة العدالة الجنائية، حيث تتطلب التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بها مهارات وتقنيات متخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني

اما التحرش الإلكتروني، المعروف أيضًا بالتحرش الرقمي أو التحرش عبر الإنترنت، هو نوع من أنواع الجرائم الإلكترونية يتم فيه استخدام وسائل الاتصال الرقمية مثل مواقع التواصل الاجتماعي، الرسائل الإلكترونية، والمنتديات عبر الإنترنت، للتحرش أو المضايقة للآخرين. يمكن أن يتضمن هذا النوع من السلوك طلبات غير مرغوب فيها للتواصل الجنسي، أو إرسال رسائل مزعجة أو مهددة، أو مشاركة صور أو مقاطع فيديو خاصة دون إذن .

انواع الجرائم الالكترونية :

تتضمن أنواع الجرائم الإلكترونية مجموعة واسعة من الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك الابتزاز و  الاحتيال الإلكتروني الذي يشمل عمليات الاحتيال والتلاعب عبر الإنترنت،وجرائم الاستدراج والخطف عبر الإنترنت، والتحرش بالأطفال .

أ الابتزاز: الابتزاز الإلكتروني هو نوع من أنواع الجرائم الإلكترونية يتم فيه استخدام التهديدات أو الابتزاز بغية الحصول على مكاسب غير مشروعة من الضحية. يتم ذلك عادةً عن طريق تهديد الضحية بنشر معلومات حساسة أو خاصة عبر الإنترنت إذا لم يقم بدفع مبلغ مالي محدد أو القيام بإجراءات معينة .

تتنوع أشكال الابتزاز الإلكتروني وتشمل ما يلي :

– الابتزاز الإلكتروني المالي: حيث يطلب المبتز مبلغًا ماليًا مقابل عدم نشر معلومات حساسة أو خاصة عن الضحية، مثل مقاطع فيديو خاصة أو معلومات مالية حساسة .

– الابتزاز الإلكتروني بوسائل التقنية: وهو عبارة عن استخدام برمجيات خبيثة لقفل جهاز الكمبيوتر أو تشفير الملفات ومن ثم يطالب المبتز بدفع فدية لفتح الجهاز أو البيانات المشفرة .

ب جرائم الاستدراج والخطف : جرائم الاستدراج والخطف الإلكتروني تشير إلى الأنشطة الإجرامية التي يتم فيها استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لاستدراج الأفراد، وخاصة الأطفال والمراهقين، ثم خطفهم أو ابتزازهم أو تعريضهم للخطر. تشمل هذه الجرائم العديد من الأنشطة الخطيرة التي تستهدف الضحايا عبر الإنترنت .

من أمثلة جرائم الاستدراج والخطف الإلكتروني :

– الاستدراج الجنسي للأطفال: حيث يقوم المجرمون بالتحايل على الأطفال عبر الإنترنت باستخدام هويات مزيفة أو شخصيات غير حقيقية بهدف إقناعهم باللقاء الشخصي، ثم يقومون بالاعتداء عليهم جنسياً .

– الابتزاز الجنسي: حيث يستخدم المجرمون صورًا أو فيديوهات مسيئة للأطفال التي حصلوا عليها بطرق غير قانونية كوسيلة لابتزازهم وتهديدهم بنشرها إذا لم يطيعوا مطالبهم .

– العنف النفسي : يمكن للمجرمين استخدام التهديدات والتلاعب النفسي عبر الإنترنت للسيطرة على الضحايا وإجبارهم على فعل أشياء ضد إرادتهم.

ت الاحتيال الاكتروني : تتنوع أساليب الاحتيال الإلكتروني وتشمل عدة أشكال، من بينها:

– رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية: حيث يتم إرسال رسائل زائفة تدعو الأفراد إلى تقديم معلومات شخصية مثل كلمات المرور أو معلومات البطاقة الائتمانية تحت غطاء شركات موثوقة .

-البرمجيات الخبيثة: وهي برامج خبيثة تهدف إلى الدخول إلى أنظمة الكمبيوتر دون إذن وسرقة المعلومات الحساسة أو تعطيل النظام .

-الاحتيال عبر الهاتف المحمول: حيث يتم استخدام رسائل نصية مضللة للتلاعب بالأفراد وإقناعهم بتقديم معلومات شخصية أو مالية.

-الاحتيال عبر الهاتف و هو نوع من الاحتيال يتم عبر المكالمات الهاتفية، حيث يتظاهر المحتال بأنه يمثل شركة معينة أو هيئة مالية للحصول على معلومات شخصية أو مالية.

كيف يتعامل قانون العقوبات مع هذا النواع من الجرائم :

عندما يتعلق الأمر بحماية الاطفال من جرائم الاعتداءات الجنسية، يلعب القانون دوراً حيوياً في تأمين العدالة وتطبيق العقوبات المناسبة. في القانون اللبناني، توجد عدة مواد تهدف إلى تحقيق هذا الهدف، من بينها المواد 650، 507، 509، و523 من قانون العقوبات .

حيث تتناول المادة 650 من القانون العقوبات التهديد بالفضح أو الإفصاح عن أمور خاصة بهدف تحقيق منفعة غير مشروعة، مع تحديد العقوبة لهذا الفعل بالحبس لمدة تتراوح بين شهرين إلى سنتين بالاضافة الى الغرامة المالية . هذه المادة تهدف إلى حماية خصوصية الأفراد ومنع الابتزاز .

من جانبها، تنص المادة 507 على معاقبة الشخص الذي يُجبر شخصًا آخر بالعنف والتهديد على مكابدة أو ارتكاب فعل منافٍ للحشمة بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن أربع سنوات .

وفي حالة أن الشخص المتعرض للاعتداء هو قاصر ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، يتم تشديد العقوبة للمعتدي، حيث يُعاقَب بالأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ويُحدد الحد الأدنى للعقوبة بست سنوات من الأشغال الشاقة إذا كان الضحية قاصرًا ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.

أما المادة 509، فتهدف إلى حماية الأطفال والشباب من الاعتداءات الجنسية، حيث تعاقب أي شخص يرتكب فعلًا منافيًا للحشمة مع قاصر دون سن الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة المؤقتة. وإذا كان القاصر لم يبلغ الثانية عشرة من العمر، فإن العقوبة لا تقل عن أربع سنوات.

أخيرًا، تنص المادة 523 على معاقبة كل من يحرض شخصًا ذكرًا أو أنثى، والذي لم يبلغ سن الحادية والعشرين من عمره، على ممارسة الفجور أو يسهل له ذلك أو يساعده عليه، بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، وبدفع غرامة تتراوح بين ضعفي الحد الأدنى للأجور وأربعة أضعافه. كما تُعاقب بنفس العقوبة كل من يتعاطى الدعارة أو يسهلها .

التزام لبنان باتفاقية حقوق الطفل:

في مقدمة الدستور اللبناني، يُعرَّف لبنان بأنه “دولة مستقلة ذات سيادة، ووحدة وطنية، ومتعددة الأديان، وديموقراطية تمثيلية”. هذه المقدمة تعكس القيم والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

في هذا السياق، تعتبر اتفاقية حقوق الطفل جزءًا أساسيًا من القوانين الدولية التي تعكس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وبموجب المبادئ العامة الموجودة في مقدمة الدستور اللبناني، يمكن الاستدلال على أن لبنان يلتزم بالتزاماته تجاه الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل.

و ان هذة الاتفاقية تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989. لبنان انضم إلى هذه الاتفاقية في عام 1991، وهو بذلك يلتزم بالالتزامات الدولية لحماية حقوق الطفل وتعزيزها داخل أراضيه.

حيث تنص اتفاقية حقوق الطفل على العديد من الحقوق والحمايات، بما في ذلك الحماية من الاستغلال الجنسي. يتعهد الدول الأطراف باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال الجنسي، سواء كان ذلك التجارياً أو في سياقات أخرى.

تؤكد الاتفاقية على ضرورة توفير الدعم والمساعدة للضحايا، بما في ذلك الرعاية النفسية والطبية والاجتماعية. وتلتزم الدول الأطراف بتعزيز آليات الوقاية والتوعية للحد من حالات الاستغلال الجنسي، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية.

باختصار، يتعهد لبنان بحماية حقوق الطفل وضمان سلامتهم ورفاهيتهم، وهو يلتزم بالالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل، من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق أحكامها وتعزيز حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي وأشكال الانتهاكات الأخرى .

تحديات مواجهة الجرائم الإلكترونية :

تواجه السلطات القضائية تحديات عديدة في مكافحة الجرائم الإلكترونية نظراً للتطور المستمر للتكنولوجيا وتعقيدات البيئة الرقمية, من بين هذه التحديات :

أ ضعف التشريعات:

تواجه السلطات القضائية تحديات كبيرة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية، ومن بينها جرائم التحرش بالأطفال والاعتداء الجنسي وانتهاك الخصوصية. ففي حالة جريمة التيك توكرز في لبنان، تكمن المشكلة في عدم وجود تشريعات واضحة وفعّالة تعاقب مرتكبي هذه الأفعال بشكل مناسب. بالرغم من وجود بعض المواد القانونية التي تعاقب جرائم انتهاك الخصوصية المعلوماتية و الابتزاز الاكتروني ، إلا أنها قد تكون غير كافية أو غير محددة بشكل كافٍ لمواجهة التحديات التي يطرحها العصر الرقمي. على سبيل المثال، المادة 650 في قانون العقوبات اللبناني تعاقب على السجن مرتكبي جريمة الابتزاز، لكنها قد لا تكون كافية للتعامل مع جرائم التحرش الإلكتروني بشكل فعّال فان المادة 650 تنص على ما يلي ” كل من هدد شخصا بفضح امر او افشائه او الاخبار عنه وكان من شأنه ان ينال من قدر هذا الشخص او شرفه او من قدر احد اقاربه او شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له او لغيره غير مشروعة عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة حتى ستمائة الف ليرة. تشدد العقوبة وفقا للمادة 257 عقوبات بحق الفاعل اذا كان الامر الذي يهدد بفضحه قد اتصل بعمله بحكم وظيفته او مهنته او فنه “.

وبالتالي، ينجم عن بغياب نصوص خاصة في قانون العقوبات في لبنان التي تتناول بشكل محدد جرائم انتهاك الخصوصية المعلوماتية، فراغ قانوني يسمح بتفادي المساءلة القانونية لمنتهكي الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية.

من جهة أخرى، تعاقب جريمة التحرش بالأطفال على أنها جريمة تحرش عادية، ولكن تكون العقوبة أكثر شدة نظرًا لوقوع الفعل على قاصر. حيث تنص المادة 509 وما يليها في قانون العقوبات على عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لمدة لا تقل عن سبع سنوات.وتُشدد العقوبة إذا كان المُتهم موظفًا أو رجل دين أو له صلة بالضحية، حيث قد تصل إلى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. ورغم وجود التشريعات، إلا أنه لا يوجد قانون خاص في لبنان  يعنى بمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة و تامين الحماية للاطفال .

ب تقنيات التشفير:

تقنيات التشفير تُستخدم بواسطة المجرمين لإخفاء هويتهم وتشفير أنشطتهم الإلكترونية، مما يجعل من الصعب على الجهات القضائية تتبعهم وتحديد هويتهم. يتم ذلك عن طريق استخدام تقنيات التشفير لتحويل البيانات إلى صيغة غير قابلة للقراءة بسهولة، وهذا يجعل من الصعب على السلطات القانونية فك تشفير البيانات لاستخراج المعلومات الضرورية لمكافحة الجرائم الإلكترونية .

التصدي للجريمة وحماية الأطفال :

تتطلب مكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية الأطفال منها جهوداً متكاملة ومتنوعة تشمل التصدي للأنشطة الإجرامية عبر الإنترنت وتوفير بيئة آمنة وصحية للأطفال في العالم الرقمي. تحقيق هذه الأهداف يتطلب:

أ تعزيز التشريعات : يتطلب الفراغ التشريعي في قانون العقوبات التدخل السريع والفعّال من قبل السلطات القانونية لسد هذه الثغرة وحماية حقوق المواطنين في الخصوصية والأمن الإلكتروني. ومن بين الإجراءات المقترحة لتحقيق هذا الهدف، يأتي اقتراح قانون معجل مكرر في المجلس النيابي، الذي يهدف إلى وضع تشريعات جديدة تتعلق بمعاقبة جرائم انتهاك الخصوصية المعلوماتية وتحديد العقوبات المناسبة لها. هذا الاقتراح يهدف إلى إيقاف الممارسات الضارة التي تهدد الأمن الإلكتروني وتثير الرعب والقلق بين الناس، ويعزز الثقة في البيئة الرقمية ويحافظ على استقرار المجتمع اللبناني .

و لحماية الأطفال بشكل فعّال من جرائم التحرش وضمان معاقبة المجرمين، يمكن اقتراح إنشاء قانون خاص يتناول جريمة التحرش بالأطفال بشكل محدد وصارم. هذا القانون يمكن أن يشمل عدة نقاط من بينها :

يجب أن تكون العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون صارمة وتكافئ خطورة الجرائم، مما يشمل عقوبات السجن الطويلة دون إمكانية الإفراج المبكر وفرض غرامات مالية كبيرة.

ينبغي أن يتضمن القانون آليات فعالة لحماية الأطفال الضحايا وأسرهم، بما في ذلك الحق في السرية والحماية من التعرض للمضايقات أو الضغوطات.

ب التوعية والتثقيف: لأن الوعي هو اساس الاستخدام الآمن للانترنت، فعلى الاهل انو يوجهوا اطفالهم  جيداً بأهمية عدم الادلاء بمعلومات خاصة بهم او بأحد افراد عائلاتهم على الانترنت، وعدم مقابلة من يتعرفون اليهم من خلال الانترنت خارج المنزل اذا لم يكونوا موثوقين ومن دون صحبتهم ، وأيضاً عدم الرد على أية رسالة مشبوهة، بالاضافة الى عدم عرض او ارسال صور خاصة بهم على الانترنت .

وعدم الدخول الى غير الأماكن التي يسمح الأهل بالدخول اليها”. وعليهم أيضا ، ان يبقوا على اطلاع على كل ما يفعله أولادهم على الانترنت، “من خلال معرفة المواقع التي يزورها الاولاد في الفضاء السيبراني الشاسع، والعمل على ضبط الهاتف الذي يستعمله اطفالهم عبر برامج حماية وأنظمة دخول معينة تمنع دخول مواقع اباحية او فاحشة، وغيرها من الامور الضرورية لضمان سلامة الاطفال وحمايتهم من اي اعتداء او استغلال .

بالاضافة الى ذلك يجب أن تتخذ المدارس والمؤسسات التعليمية دورًا فعّالًا في توجيه الطلاب حول الاستخدام الآمن للإنترنت والتصرف الصحيح عند مواجهة محتوى. يمكن تحقيق ذلك من خلال :

– إدماج دروس حول السلامة الرقمية والتصرف الصحيح على الإنترنت و مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي  في المناهج الدراسية، مع تطوير محتوى تعليمي يتناسب مع الأعمار المختلفة ويشمل استراتيجيات لتقليل المخاطر الإلكترونية.

– تدريب المعلمين والموظفين على كيفية توجيه الطلاب حول السلامة الرقمية والاستجابة لأسئلتهم واحتياجاتهم بشأن هذا الموضوع.

– توفير ورش عمل وندوات للطلاب وأولياء الأمور حول استخدام الإنترنت بشكل آمن، مع توفير نصائح وأدوات عملية للتصرف الصحيح في حالة مواجهة محتوى غير مناسب .

– التعاون مع الخبراء في مجال السلامة الرقمية لتطوير برامج تثقيفية فعالة تستهدف الطلاب والمجتمع المدرسي بشكل شامل.

تشجييع الابلاغ : يجب تشجيع الأطفال وأولياء الأمور على الإبلاغ عن أي تحرش أو اعتداء جنسي، وتوفير آليات آمنة وسهلة للإبلاغ، مع ضمان حماية الضحايا والإبلاغ السري .

الإجراءات القانونية لمكافحة الجرائم الإلكترونية:

الخطوة الأولى هي  تقديم شكوى مع اتّخاذ صفة الادعاء الشخصي أمام النيابة العامة المختصّة التي تحيل الشكوى إلى الضابطة العدلية المختصّة، وتحديداً مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في قوى الأمن الداخلي، الذي يجري التحقيقات والإجراءات المناسبة تحت إشراف النيابة العامّة. وفي اختتام التحقيقات، تتخذ النيابة العامّة الإجراءات الفوريّة الملائمة في كلّ قضيّة على حدة، ومن ثم يصار إلى إحالة الملفّ إلى القضاء المختصّ، للبتّ في موضوع الشكوى. غالباً ما يتّخذ المسار القضائي إجراءات فوريّة سريعة في مثل هذه القضايا لأنّها تمسّ بحقوق الإنسان، ولا سيّما الحقّ في الخصوصية الفردية .

طرق مكافحة الجرائم الإلكترونية متعدّدة أهمها ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتوقيفهم بالتنسيق مع القضاء المختص عبر استخراج الأدلّة والآثار الرقمية(Digital Traces) من المعلومات المتوافرة , من خلال تعقّب الحسابات المشتبه بها والقيام بالإجراءات التقنية اللازمة، واستدراج الفاعلين أو مداهمتهم وتوقيفهم .

في عالم بلا رحمة، يتسم بالقسوة واللاشفقة ، تبرز جرائم الإنترنت كمخاطر حقيقية تهدد الأبرياء وتعكر صفو حياتهم. وفي ظل هذا السياق، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي من منابع للتواصل والترفيه إلى ساحات للجريمة والتلاعب الخبيث. حادثة التيكتوكرز في لبنان , لم تكن مجرد فضيحة، بل صرخة يائسة تنادي بالعمل الفوري لحماية الأطفال والمراهقين من شرور هذا الزمان .

في هذا السياق المأساوي، يتعيّن علينا أن ننظر بعمق إلى الجرائم الإلكترونية وأن نستوعب خطورتها. فهذه الجرائم لا تقتصر على اختراقات البيانات والاحتيال الإلكتروني، بل تمتد لتشمل الاعتداءات الجنسية والاستغلال الرقمي للأبرياء. وقد أظهرت حادثة تيكتوكرز القبيحة مدى تعقيدات المواجهة مع هذا النوع من الجرائم .

تحمل السلطات القضائية مسؤولية كبيرة في التصدي لهذه الجرائم . لكن، الحماية الفعّالة للأطفال والمراهقين لا تكمن فقط في تشديد القوانين وتطبيقها، بل تحتاج إلى توعية المجتمع وتثقيفه حول خطورة هذة الجرائم وكيفية الوقاية منها.

في الختام يتعيّن علينا أن نتحد كمجتمع ونتخذ إجراءات جادة لمواجهة جرائم الإنترنت، وأن نعمل بجدية لحماية أطفالنا ومراهقينا من الأخطار الكامنة في هذا العالم الرقمي المتقدم، لأنهم هم مستقبلنا وأملنا في غد أفضل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *