تقرير مفصّل عن حقوق الطفل المهدورة خاصة في قضاء الأحداث.. والمبادئ التوجيهية بشأن العدالة الصديقة للاطفال..بقلم طالبة الحقوق ليلى عباس

يفهم قضاء الأحداث على أنّه جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الوطنية لكل بلد فهو نظام متخصص في العدالة للأطفال المخالفين للقانون و حيث يكون في الوقت نفسه عوناً على حماية صغار السنّ

كيف تُنتهك حقوق الطفل في قضاء الأحداث و ما هو أفضل رد للأطفال المخالفين للقانون

بداية القانون يُعرّف الأطفال على أنهم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن سن الرشد في بلدهم و يتمتع هؤلاء الأطفال بحقوق الأنسان تماماً مثل البالغين، يشمل ذلك الحق في التحدث، التعبير عن الآراء، كذلك الحق في المساواة، الصحة، التعليم، البيئة النظيفة، مكان آمن للعيش والحماية من جميع أنواع الأذى.
لذلك تم تكريس حقوق الأطفال في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989، هي إتفاقية لحقوق الإنسان و قد حظيت بأكبر عدد من المصادقات في التاريخ ، ثمة دولة واحدة فقط من الدول الأعضاء الـ 197 في الأمم المتحدة لم تصدق على الاتفاقية — وهي الولايات المتحدة.

تسعى اتفاقية حقوق الطفل إلى حماية الأطفال من الأذى، توفير الخدمات اللازمة لنموهم وتطورهم، وتمكين مشاركتهم في المجتمع

فإن هذه الحقوق كثيرا ما تنتهك في جميع أنحاء العالم، في كل بلد و خصوصا في نظام قضاء الأحداث ، حيث يكون الأطفال ضحايا للعنف الإساءة، الاستغلال.

من هذه الاتنهاكات :
اولا : قد يسبب إحتجاز الأطفال الى أضرار نفسية، جسدية طويلة الأجل
ثانيا: أن إخراج الأطفال من أسرهم ومجتمعاتهم المحلية و حرمانهم من فرص التعليم يؤدي إلى التهميش الأقتصادي، الأجتماعي.
ثالثا : الاكتظاظ في السجون يهدد نماء الطفل، صحته، رفاهه
رابعا : أن وصمة العار للسجل الجناْئي تضر بآفاق الأطفال على المدى الطويل .

لهذا أن أفضل رد الأطفال المخالفين للقانون هو وجود نظام متخصص لقضاء الأحداث يعزز رفاه الطفل، يتفاعل بشكل تناسبي مع الجرائم المزعومة، يأخذ في الأعتبار الخصائص الفردية للطفل، يركز على اعادة التأهيل الدائم و لا يستخدم الأحتجاز إلا كملاذ أخير و بصورة ملموسة

المبادئ التوجيهية لمجلس أوروبا بشأن العدالة الصديقة للأطفال

من هنا لا بد من الحديث عن المبادئ التوجيهية بشأن العدالة الصديقة للاطفال التي نشرها مجلس أوروبا فإنها استجابت إلى مدى ضرورة أحترام الطفل عند تطبيق إجراءات العدالة من قبل النظام القضائي باعتباره صاحب حق حقيقي
و نتيجة لاهميتها أنعقد مؤتمر لوزرء العدل عام 2007 في مجلس أوروبا حيث حضر 47 وزيرا” من الدول الأعضاء و قد عمدوا خلال هذا المؤتمر على صياغتها و وضع قواعد قانونية دولية تنطبق على الأطفال في العدالة و ذلك لكي يتمكن الطفل من أن يكون جزأً حقيقيا من نظام العدالة.
فالمبادئ التوجيهية هي مبادئ أساسية يجب أن يكون النظام القضائي على علم بها عندما يكون الطفل جزأً من إجراءات العدالة . و ينبغي أيضا تقييم مصلحة الطفل الفضلى في مثل هذة الأجراءات أي احترام حقوق الطفل ليس فقط الحقوق القانونية بل احترام كرامة الطفل و سلامته.
لذلك على النظام القضائي أبلاغ الأطفال بحقوقهم، أعطاء حقهم بالتعبير عن آرائهم و مشاعرهم بحرية خصوصا في القضايا التي تؤثر عليهم، و على النظام القضائي أيضا الإستماع إليهم، التعامل مع أرائهم يجدية و من حق الاطفال أن يعرفوا حقا ما يمكن توقعه ، أن يعرفوا أسم القاضي و كيف تبدو قاعة المحكمة

علاوة على ذلك لا بد أن تكون البيئة صديقة للأطفال فلا ينبغي للطفل أن يواجه الشخص الذي أرتكب العنف ضده إن كان من الأسرة أو من الغير و ألا يضطر الطفل الى الإدلاء بشهادته أمام ذلك الشخص فعندما يدلي الطفل بشهادته في بيئة صديقة للطفل تكون شهادته اكثر مصداقية و على القاضي ايضا ان يشرح ما قرره للطفل لكي تتاح له الفرصة بأن يكون قادرا على الشكوى من هذا القرار، ان لا يتم احتجازهم إلا إذا كان هذا هو السبيل الأخير، لكن عندما ينتهي الامر الى حرمان الاطفال من حريتهم، على هذا القضاء ان يسعى اولا على اعادة تاهيل الاطفال، ادماجهم في المجتمع مع مرعاة المصلحة الخاصة لكل طفل على حدة، يشجع الاتصال بالاسرة و المجتمع المحلي، اخيرا ان يزيد من فرص اكتساب المهارات الحياتية بما في ذلك التعليم و التدريب المهني و الثقافة. و ذلك بهدف الاعداد السليم لهم لانتقالهم الى المجتمع المحلي بطريقة داعمة.

فان هذة المبادئ قد حظيت بالفعل بدعم من منظمات دولية و منظمات غير حكومية بالاضافة الى المهنيين، الاكادميين الذين يؤمنون جميعا بالعدالة الملائمة للاطفال لذلك هناك مشاريع يجري تطويرها في جميع أنحاء أوروبا وحتى خارج أوروبا .و هناك برامج يتم تنفيذها في بعض الدول الأعضاء التي صدقت على إتفاقية حقوق الطفل حيث تهدف هذة البرامج إلى تدريب رجال الشرطة على التعامل مع الاحداث وفق هذة المبادئ التوجيهية

لجنة “لانزاروت” لمكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسي ضد الأطفال

يمكن النظر ايضا النظر إلى لجنة لانزاروت و هي لجنة الخبراء التي تقيم او ترصد تنفيذ اتفاقية لانزاروت التي تحمي الاطفال من الاستغلال الجنسي و الاعتداء الجنسي و هذة اللجنة تقيم عمل دول الاعضاء التي صدقت على إتفاقية حقوق الطفل في مدى تطبيقها لنظام العدالة للطفل و في النظام الداخلي للجنة، يتم دعوتهم الى النظر في ملائمة الطفل للأعداد
كان تاثير عمل هذة اللجنة مثير للاهتمام فقد بدات البلدان في اروبا بإقامة منازل صديقة للاطفال ، و هي عبارة عن منازل او شقق محددة في المباني السكنية العادية التي تقدم فيها الخدمات الاجتماعية، ايضا يمكن للطبيب النفسي أن يساعد الطفل الذي وقع ضحية للاستغلال الجنسي او الاعتداء الجنسي حتى لا يتعرض الطفل لصدمة بسبب الاضطرار إلى الذهاب إلى المقابلات بحيث لا يجب ان يفسر قصته من 10 الى 15 مرة لان بذلك صدمة للطفل

حماية الاحداث المخالفين للقانون او المعرضين للخطر في لبنان

بعد تعريف حقوق الطفل و شرح المبادئ التوجيهية بشأن العدالة الصديقة للاطفال التي نشرها مجلس أوروبا و القاء نظرة على بعض المشاريع التي يجري تطويرها في جميع أنحاء أوروبا وحتى خارج أوروبا من الضروري الاشارة الى كيفية تطبيق القانون اللبناني لهذة المبادئ
فقد لحظ المشرع اللبناني قواعد قانونية خاصة للحدث في قانون العقوبات اللبناني وقانون أصول المحاكمات الجزائية، ثم أصدر المرسوم الاشتراعي رقم 119 بتاريخ 16 أيلول 1983 ، المعني بحماية الأحداث المنحرفين ، وفي مستهل الألفية الجديدة صدر قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر بتاريخ 13 حزيران 2002؛ ملغياً المرسوم 119 من العام 1983 و قد حرص المشرع اللبناني من خلال هذا القانون على مراعاة المبادئ التوجيهية التي يجب أن يكون النظام القضائي على علم بها عندما يكون الطفل جزأً من إجراءات العدالة حيث انه قانون خاص يحفظ حقوق الأحداث المخالفين للقانون الجزائي والأطفال المعرضين للخطر والأطفال ضحايا الجرم الجزائي في جميع المراحل القضائية و نظرا لانه يهدف الى إنشاء تدابير تربوية بديلة تحل مكان العقوبة التي أضحت وسيلة استثنائية لا يمكن اللجوء إليها إلا في الحالات القصوى، خلق نظام حماية متكامل وعملي للأحداث المعرضين للخطر أو الأحداث ضحايا سوء المعاملة والذين هم عرضة للإيذاء الجسدي، التربوي، الصحي، الأخلاقي أو الجنسي، تأمين إطار منسجم مع القوانين الدولية التي ترعى شؤون الأحداث.

و من المبادئ الأساسية لهذا القانون :

حاجة الحدث إلى مساعدة خاصة توجب تطبيق إجراءات وقواعد خاصة به وتنسجم مع إمكانية إعادة تأهيله وتأمين فرصاً أفضل لمستقبله

حق الحدث المخالف للقانون في الاستفادة من معاملة منصفة وإنسانية خلال إجراءات الملاحقة القانونية والتحقيق معه ومحاكمته التي تعتمد في الأصل على التدابير غير المانعة للحرية

لقضاء الأحداث مهمة علاجية وقائية واجتماعية فهو الأولى بشؤون الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر

الثغرات في مواد القانون اللبناني لحماية الطفل

على الرغم من ان التشريع اللبناني قد خطا خطوة متقدمة، في موضوع حماية الأحداث الا ان هناك بعض الثغرات في مواد القانون رقم 422الصادر بتاريخ: 06/06/2002

فقد جاء في المادة 27 من هذا القانون ما يلي “بعد سماع أحد الوالدين أو كليهما ، يجوز للقاضي أن يحتفظ بالحدث ، إلى أقصى حد ممكن ، في بيئته الطبيعية ، بشرط أن يتم تعيين شخص أو مؤسسة اجتماعية للإشراف وتقديم المشورة للأسرة والأوصياء ومساعدتهم في تربيته . يجب على هذا الشخص أو المؤسسة تقديم تقرير دوري إلى القاضي عن تطور وضعهم. و للقاضي إذا اختار إبقاء الحدث في بيئته ، فيجوز له أن يفرض على الحدث والمسؤولين عن ذلك واجبات محددة ، مثل دخول مدرسة، مؤسسة صحية، اجتماعية متخصصة أو أداء عمل معين

للقاضي أن يفرض الإجراءات المشار إليها أعلاه إذا خرج الحدث عن سيطرة أسرته أو أولياء أمره وتعرض لسلوكيات سيئة تعرضه للمخاطر المذكورة سابقاً ، بناءً على شكوى يقدمها هؤلاء الأشخاص أو بناءً على طلب الأخصائي الاجتماعي”

فان القانون هنا يعتبر الطفل موضوع الحماية خطراً على المجتمع ويمنح الوالدين الحق في تقديم شكوى إلى القضاء في حالة تخلي الطفل عن سلطته ، دون دراسة الأسباب التي يمكن أن تكون مرتبطة بالعنف الأبوي أو الإهمال. يعني ان المادة هنا لا تمنح الطفل الحق في التعبير عن رئيه ، كما أنها لا تنشئ آلية تسمح للطفل باللجوء إلى القضاء عندما يتعرض / تتعرض للعنف من أولياء أمره.

طرق فعالة للحد من جنوح الأحداث

اخيرا ان الوقاية داخل المجتمعات المحلية و ذلك من خلال معالجة الاسباب الجذرية للمشاكل الاجتماعية مثل الفقر و عدم المساوة و تامين الخدمات الاساسية هي من أكثر الوسائل فعالية للحد من أعداد الأطفال المخالفين للقانون و ان لجنة حقوق الطفل في تعليقها العام رقم 10 تلفت الانتباه الى ذلك و تعتبر ان سياسة قضاء الاحداث بدون هذة التدابير الرامية الى منع جنوح الاحداث تعتني من اوجه قصور خطيرة.