تكلفة بدل النقل للطلاب.. التعليم لمن استطاع إليه سبيلا!

| رنا منصور |

أُقيم في تبنين – قضاء النبطية مع عائلتي، أتنقل يومياً بالمواصلات العامة، حوالي 4 ساعات ذهاباً وإياباً، لأصل إلى الجامعة اللبنانية – كلية الإعلام، وأُنفق في كل يوم أقصد فيه الجامعة أقلها مليون ليرة، بعد أن كانت الـ100 ألف ليرة تكفي لشهر كامل قبل الأزمة الاقتصادية.

ما قالته ريان قدوح لموقع “الجريدة” ما هو إلا عينة من معاناة الطلاب الذين يقطنون في المناطق البعيدة، في جنوب لبنان أو شماله، حيث بات الوصول إلى الجامعة يومياً “لمن استطاع اليه سبيلا”!

إذا تجولت في باحة كلية الإعلام – الجامعة اللبنانية، تجد الملاعب والصفوف التي لا طالما اكتظت بالطلاب شبه خالية، والسبب عدم مقدرة الطلاب القدوم إلى الجامعة يومياً.

يقف طلاب الجامعة اللبنانية أمام خيارين، إما تحمل تكلفة النقل، أو اللجوء إلى مشاركة الأصدقاء السكن الجامعي.

لكن الأزمة الحقيقية، أنه بالتزامن مع ارتفاع تكلفة بدل النقل، ارتفعت ايجارات السكن الجامعي.

وقد أشارت المعلومات إلى أن تكلفة النقل من المناطق الجنوبية إلى بيروت تتراوح بين الـ 300 إلى 600 ألف ليرة، وذلك بحسب البُعد الجغرافي للمنطقة، أما النقل العام في المناطق الشمالية يصل تقريباً إلى الـ 200 ألف.

هبة شاذبك، هي طالبة في إحدى كليات الجامعة اللبنانية، تُقيم في الجبل، وفي السمقانية تحديداً، حيث تستقل في كل صباح الباص العام الذي يوصلها إلى جامعتها في بيروت، وتنفق هبة في اليوم الواحد فقط حوالي الـ 600 ألف ليرة.

من جهتها، قالت الطالبة في الجامعة اللبنانية حنين شعيب لموقع “الجريدة” إنها تقصد الجامعة عند الضرورة، وعند الامتحانات الفصلية فقط، حيث تُقيم شعيب في الشرقية قضاء النبطية، مشيرةً إلى أن النقل اليومي أصبح كالإعدام!
شعيب لم تعد باستطاعتها الحضور يومياً إلى الجامعة كالسنوات التي ما قبل الأزمة، وحالها كحال الكثير، الذين بقيت رواتبهم ورواتب أهلهم على حالها رغم ارتفاع تكلفة النقل إلى العشرين ضعفاً.

الطلاب المقيمون في بيروت، لم يسلموا من هذه الأزمة أيضاً، ففي حديث مع العديد منهم، أفادوا أن هذه الازمة كانت الأقسى، حيث توجهوا جميعهم نحو سوق العمل، منهم من عمل في المطاعم، والآخر في محلات الألبسة والكثير من الأعمال الأخرى، مما اضطرهم التغيّب عن صفوفهم.

أما الطلاب القادمين من شمال لبنان، أشاروا إلى أن تكلفة المواصلات ضمن الشمال قد ارتفعت أيضاً، ففي الحديث مع عبدالله العلي، وهو طالب أيضاً في الجامعة اللبنانية، قال إن تكلفة نقله من طرابلس إلى حلبا هي 100 ألف ليرة لبنانية، ومن حلبا إلى وادي خالد 100 ألف، ومن وادي خالد إلى بيروت ـ الكولا 150 ألف، إذاً يوم واحد في الجامعة يكلف العلي تقريباً 700 ألف ليرة لبنانية.

وفيما يصارع لبنان العديد من الأزمات المعقدة، من الضروري الالتفات للقطاع التعليمي والتربوي، حيث يحتاج هؤلاء الطلاب إلى خطة واضحة، تخفف عنهم الضغط النفسي والعبء المادي، فعلى الحكومة أن تعطي الأولوية للقطاع التربوي، حتى تنقذ ما تبقى منه، قبل أن يصبح هذا القطاع في مهب الريح!