هل يمكن تحويل قضية المفقودين الى قضية مجتمعية؟

جمهور غفير شارك في مشاهدة فيلم “وينن” الذي عرضته سينما إشبيلية في صيدا بالتعاون مع جمعية ” مجتمع بيروت السينمائي” وذلك مساء السبت ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٤.

بداية طرح مدير الجمعية سام لحود ما تقوم به الجمعية من نشاط في وسط الفنانين الشباب، والظروف التي رافقت انتاج فيلم “وينن” واخراجه.يروي الفيلم قصص عدد من النساء اللواتي فقدن رجالا لعبوا دورا مميزا في حياتهم، المشترك بينهن في بداية الفيلم هو الدعوة للاعتصام امام مجلس النواب اللبناني للضغط عليه لسن القوانين المناسبة لمعرفة مصير ١٧ الف مفقود خلال الحروب الاهلية اللبنانية.بعدها ينتقل الفيلم لعرض حالة أم ما زالت تنتظر ابنها المفقود، تترك باب المنزل مفتوحا في الليل كي لا يطرقه عند عودته، وتضع له صحن الطعام ليشاركها وابيه الغذاء بشكل مستمر، وتوجه له الملاحظات حول عمله ومشاويره.

اما الحالة الثانية فتتحدث عن إمرأة بلغت ٤٥ عاما ولم تستطع بناء حياة خاصة بها لأنها بانتظار شقيقها الذي خرج ولم يعد، وتخاف ان ترتبط باحدهم قد تفقده فجأة لانها تؤمن ان الحرب الاهلية ما زالت مستمرة.ثالث الحالات هي فتاة فقدت القدرة على بناء شخصية سوية بعد فقدان والدها الذي اختفى، ما جعلها تنتظر ان يعود والدها لتكمل معه العابها التي بدأت بها معه وهي طفلة، ولا يغيب عن بالها ملاحظات والدتها حول تضييع وقتها مع الوالد، لكنها اضاعت حياتها وصارت تدخل في علاقات وقطعها حين تريد بدون هدف، سوى انتظار عودة والدها.

اما المرأة الرابعة هي زوجة مفقود، لا تعرف كيف تكمل حياتها، هل هي زوجة عليها احترام العلاقة بانتظار زوجها؟ أم ارملة عليها ان تبدأ حياة جديدة؟ هل تقضي حياتها تنتقل من رجل الى اخر؟ لكنها انتقت رجلا تستطيع الاستغناء عنه عند عودة زوجها اذا عاد.حبيبة سابقة لأستاذ جامعي هي خامس الحالات، أحبت استاذها الجامعي وهو الذي أحدث تغييرا في شخصيتها وقناعاتها، لكنه تركها وتزوج من اخرى من دون أن تعرف السبب، ومع انها تزوجت من شخص له موقع اجتماعي انتجه نظام المحاصصة السياسية بعد اتفاق الطائف، لكنها ما زالت تنتظر عودة حبيبها صاحب البصمات الواضحة في حياتها.في يوم الاعتصام الذي أنهى الفيلم يفاجىء الجمهور ان الحالات الخمس التي تحدث عنها الفيلم هي حالات فقدت شخصا واحدا من أصل ١٧ الف مفقود.

يشير الفيلم الى حجم التاثير السلبي على البنية الاجتماعية للبنانيين بسبب المفقودين وعدم الوصول الى قرارات تحسم مصيرهم وإبلاغ الأهالي بذلك.

بعد الفيلم جرى نقاش واسع عرض فيه بعض المشاهدين حالات فقدان أقرباء او أصدقاء لهم، وأشار البعض الى قانون العفو الذي اقرته السلطات اللبنانية بعد اتفاق الطائف الذي سمح بالافلات من العقاب لامراء الحروب الذين ارتكبوا جرائم الخطف وعدم اعطاء المعلومات التي تسمح بمعرفة مصير المفقودين، كما أشار البعض الى الصعوبات التي تواجه المتابعين في حال اللجوء إلى محاكمات دولية.

ان عدم العمل من قبل السلطات لمعرفة مصير المفقودين يعني انها تعلن استمرار الحروب الاهلية بصور مختلفة.فيلم “وينن” مميز، هل هناك فرص لعرضه في المناطق اللبنانية المختلفة كي تتحول قضية المفقودين الى قضية مجتمعية بامتياز؟وفيق الهواري