توقعات كوهين لمحو إسرائيل في ظل تعاظم القوة العسكرية بمنطقة التحولات الإقليمية، وتحديات الأمن القومي المصري.د/أحمد مقلد

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات استراتيجية ملحوظة، حيث تتسارع وتيرة التغيرات في موازين القوة واستخدام أحدث الأساليب القتالية، بما يتزامن مع التحديثات الملحوظة في قوة جيش مصر وزيادة جاهزيته، في ظل وجود تهديدات مباشرة وغير مباشرة لأمن وأمان مصر حدودياً ومائياً، وبالطبع هذا الوضع مازال يثير التساؤلات حول ارتباط هذه التطورات بنبوءة محو إسرائيل على يد الرئيس السيسي، وفي هذا السياق، يبرز دور ومكانة الجيش المصري بقوته المتزايدة ومدي تحسن تكتيكاته، بما يُظهر استعداد مصر وجاهزيتها القتالية لاستخدام أساليب حربية متطورة. ويأتي هذا التطور متزامناً مع تزايد التحديات الأمنية، وفي ظل التوترات الموجودة بالمنطقة، خاصة فيما يتعلق بأمن الحدود، وحماية المقدرات الوطنية. من أن يمسها غاصب أو يحاول تهديد أمنها أي محتل، وكان من أمثلة التهديد مهاجمة قوات الحوثيين للسفن في البحر الأحمر وزيادة التوتر حول ملف سد النهضة خاصة بعد توقف المفاوضات بين مصر واثيوبيا حول ذات الملف وعدم الوصول لحل عادل وفي وقت تحتفظ فيه نصر بحق الرد في حال تم تهديد امنها المائي أو تضررت من نتائج وجوده. كما سنسلط مرحبا في هذه المقالة الضوء على كيفية ارتباط قوة الجيش المصري بتلك القضايا وكيف تلعب دورًا حاسمًا في تحديد المشهد الإقليمي.

كما سنستعرض في هذا المقال حجم التحولات في استراتيجيات المقاومة في فلسطين وتأثير ذلك على سير الأحداث بالمنطقة. كما سنلقي الضوء على مدى الخطر الذي قد تمثله المناطق الجنوبية والشرقية في مصر وكيف تتسارع التحولات في هذه المناطق بما يهدد بظهور تصاعد التوتر بالمنطقة مما مهد لظهور أحداث جديدة، وفي خضم هذه التحولات، يظهر جليًا دور مصر كلاعب إقليمي قوي، حيث تتصدى للتحديات بحذر وقوة، وتحمل في جعبتها استراتيجيات متقدمة وقدرة عسكرية فعّالة.

ولهذا فقد أثارت توقعات الجنرال كوهين جدلاً واسعاً حول إحتمال زوال إسرائيل على يد التحركات الاستراتيجية للرئيس السيسي، من خلال تمهيده الطريق للنهاية الهادئة لإسرائيل، واستخدام مصر كقوة حاسمة لوضع حد للصراع، وقد دفع ذلك خبراء الأمن الإسرائيليين إلى التشكيك في التهديدات الوجودية التي تواجهها الدولة، رغم ما توقعه كوهين نتيجة تنظيم الجيش المصري لخطوط حماية بما يمثل ترسانة ضخمة من الأسلحة على طول خطوط العمليات، ومصممة لاستهداف المواقع الاستراتيجية والبنية التحتية في عمق إسرائيل. بما يعكس تطلعات الرئيس السيسي، لتغيير الصورة التقليدية للقائد العسكري حتى تتحول لشخصية قوية، ترمز إلى وحدة الشعب وفي ظل جهود التحديث العسكري التي بذلتها مصر خلال السنوات الأخيرة مما أدي إلي رفع التصنيف العسكري المصري من المركز الثامن عشر إلى التقدم بين العشرة الأوائل على مستوى العالم. وشمل ذلك حصول مصر على طائرات متقدمة مثل رافال وميج وسوخوي مما يدل على استعداد مصر لمعركة تتطلب القدرة على المواجهة لمسافات شاسعة والانخراط في القتال الجوي لفترات طويلة، وستظل كل صفقة تسليح أبرمتها مصر لتحديث قواتها المسلحة بمثابة رسالة واحدة مفادها أن الجيش يستعد بقوة لمواجهة أي تحديات تواجه الأمة المصرية. وكان تركيز القيادة المصرية دوما على مكافحة الإرهاب، والتنمية الداخلية، والتعزيز العسكري لقوة وقدرة الجيش المصري من أجل ضمان أمن وأمان المنطقة.

وفي ظل ظهور أحداث تتطلب مواقف حاسمة وقوة رادعة كان إعلان مصر رسمياً بعد إعلان نتيجة فوز الرئيس السيسي لولاية رابعة عن انتهاء مفاوضات سد النهضة الاثيوبي وعدم التوصل لأية نتائج بسبب محاولة النظام الاثيوبي استغلال الغطاء التفاوضي لفرض الامر الواقع، في ظل تأكيد مصر أنها تراقب الملء والتشغيل للسد، وتحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضها للضرر.

في يناير 2015 أصدر الرئيس السيسي قرار بإنشاء قوات شرق القناة أو القيادة الموحدة لمنطقة شرق القناة وعين الفريق /أسامة عسكر كرئيس أركان الجيش الحالي وأول قائد لها، وبعمق 27 متر تحت سطح الأرض افتتح فخامة الرئيس السيسي في فبراير 2018 مركز القيادة الموحدة لقوات شرق القناة وكان من اللافت وقتها ظهور حجم قوات الدفاع الجوي وعناصر الصواريخ المضادة للطائرات من أجل تأمين القوات البرية وتوفير التأمين الرادارى للمقاتلات على الاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي ، وقد وصل حجم قوات الدفاع الجوي الي 15 كتيبة من مختلف الأنواع بإمكانيات 3100 مقاتل و 295 مركبة ومعدة من مختلف الأنواع والحجم ولهذا كانت لمصر القوة أن تسقط الطائرة المسيرة والتي أطلقها ذراع ‎ إيران في ‎البحر الأحمر من خلال “الحوثيين” على مدينة إيلات وقد تم اعتراضها بواسطة قوات الدفاع الجوي المصري حين اخترقت الأجواء المصرية بمدينة دهب، مما أثبت قدرات منظومة الدفاع الجوي s300 و BUK ME2 والتي تمتلكها مصر، ولم يقف أمر التطور في البناء العسكري عند هذا الحد بل قامت مصر خلال معرض ايديكس عن إعلانها تصنيع منظومه راداريه خاصة بالطائرات المسيرة اسمها “حارس” بتكنولوجيا مصرية 100%، كما أن المروحيات المصرية قد غطت أجواء المنطقة الحدودية مع قطاع غزة وبهذا تبسط مصر سيادتها وقوتها على كافة حدودها بما يمثل رسالة تحذير أن الحدود المصرية لن تكون مستباحة حتي تتحول لمنطقة تصعيد ولن يستطيع أحد أن يستبيح أرضها أو أن يزج بها لجزء من معارك إقليمية أخري.

وفي ختام هذا الاستعراض لبعض جوانب التحولات بقوة جيش مصر وتأثيرها على المنطقة، يبرز مستقبل القوة العسكرية المصرية كلاعب رئيسي في مسرح التحولات الإقليمية. بما يزيد التحدي ويتعاظم معه الضغط على القوى العسكرية بمنطقة الشرق الأوسط في ظل التطورات المستمرة وما بها من اضطرابات واحداث تدور على صفيح ساخن، وربما تشهد المنطقة مستقبلًا مليئاً بالتحديات والمخاطر، ولكن ستظل قوة جيش مصر على الخطوط الأمامية في مواجهة هذه التحديات ومقاومة أي تهديدات مباشرة أو غير مباشرة، سواء معلن عنها أو لا، ولذا وجبت مراقبة المشهد الإقليمي بحذر وحرص شديد، حيث يتساءل الكثيرين عن تأثير تلك التحولات الاقليمية على الساحة الدولية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، ورغم ذلك ستكون مصر هي القوة الرائدة في تعزيز الاستقرار، ومواجهة التحديات التي قد خلقت توترات متزايدة وأخطار متعاقبة على اشتعال فتيل حرب عالمية جديدة، ولذا يجب أن نفهم أن دور مصر أكبر مما نتصور، فهي ليست مجرد دولة تتصدي للتحديات، ولكنها هي عامل الحسم في تحديد مستقبل المنطقة، وسيظل السؤال حول ارتباط تلك التحولات في قوة الجيش المصري وجاهزيته بنبوءة محو إسرائيل قائمًا، وفي نهاية المطاف، يظل واضحًا أن قوة جيش مصر واستعدادها لما يحاك لها هو وسيلة تشكيل المستقبل الإقليمي، في ظل استمرار التحولات، حيث سيكون هناك تأثيرات كبيرة على الخريطة الإستراتيجية للمنطقة وعلى العلاقات الدولية.