بلدية صيدا: عدم معرفة بالقانون ام تخل عن المسؤولية؟

بقلم وفيق الهواري

لفتني البيان الذي أصدره تجمع عل صوتك بتاريخ الثامن من تشرين الثاني ٢٠٢٣، حول العقار رقم ١٥٨٧/ الوسطاني صيدا، وحول ما نشره بعض وسائل الإعلام عن توقيع اتفاق شراكة بين بلدية صيدا ومؤسسة الحريري من جهة وبين منظمة MEDCITIES من جهة ثانية، وذلك لانشاء مساحة خضراء جديدة في صيدا في العقار المذكور. كما ذكر بيان التجمع تقاعس المجلس البلدي عن تقديم اي معلومات دقيقة وصحيحة على الرغم من تقديم طلب رسمي بهذا الشأن.

فما هي مشكلة هذا العقار الذي تملكه بلدية صيدا؟تملك بلدية صيدا العقار رقم ١٥٨٧ في الوسطاني، وهو عقار مستحدث بفعل مرسوم الضم والفرز بمنطقة الوسطاني العقارية وتبلغ مساحته اكثر من ٢٢ الف م٢.

بتاريخ ٢٣ تموز ٢٠٠٣ تقدمت مؤسسة الحريري بطلب لإنشاء وإدارة حديقة عامة في العقار المذكور، وبتاريخ العاشر من أيلول ٢٠٠٣ اتخذ المجلس البلدي برئاسة هلال قبرصلي قرارا حمل الرقم ١٣٩ وقضى بالموافقة على العرض المقدم من مؤسسة الحريري.بتاريخ ٣١ اذار ٢٠٠٤ أدخلت بعد التعديلات على نص الاتفاقية، وصدر قرار بلدي حمل رقم ٥٧ بتاريخ ٣١ اذار ٢٠٠٤قضى بموافقة نهائية على الاتفاقية بعد إدخال التعديلات التفصيلية عليه.

بعد مرور اربعة اعوام على الاتفاقية المذكورة، صدر قرار بلدي يحمل رقم ٢٤٧ بتاريخ ١٥ تشرين الأول ٢٠٠٨، تضمن إلغاء مشروع عقد انشاء الحديقة العامة مع مؤسسة الحريري، لانه انقضى اربع سنوات على توقيع الاتفاق ولم ينفذ المشروع وبالتالي أصبح بدون اي مفعول وكانه لم يكن، نظرا لعدم استحصال على موافقة سلطة الرقابة عليه ومتأخرا عن المتابعة من قبل مؤسسة الحريري.

هذا ما دفع مؤسسة الحريري الى توجيه كتاب الى رئيس مجلس الوزراء آنذاك فؤاد السنيورة بتاريخ الثالث من تشرين الثاني ٢٠٠٨ لتأكيد الموافقة على قرار المجلس البلدي رقم ١٣٩ وطلب عرض الموضوع على مجلس الوزراء لقبول الهبة. وكان المجلس البلدي برئاسة الد. عبد الرحمن البزري اتخذ قرار رقم ٢٤٨ بتاريخ ٢٥ تشرين الأول ٢٠٠٨ بقبول هبة غير مشروطة لإنشاء الحديقة مقدمة من مؤسسة معروف سعد، التي عادت الى سحب العرض بموجب كتاب بتاريخ الأول من ايار ٢٠١٠، بسبب صعوبات إدارية وقانونية.

بتاريخ الأول من ايلول ٢٠١٠ اتخذ المجلس البلدي برئاسة محمد السعودي قرارا حمل الرقم ١٤٠ يقضي بالغاء قرار المجلس البلدي السابق الذي ألغى الاتفاق مع مؤسسة الحريري، وأكد القرار الجديد الموافقة على العرض المقدم من مؤسسة الحريري.ومنذ ذلك الحين لم تجر أي عملية تنفيذية لإنشاء الحديقة العامة، وجرى بعد سنوات حفل لوضع حجر اساس للحديقة فحسب.

في مطلع عام ٢٠١٨، طلب عدد من الناشطين من رئيس البلدية المهندس محمد السعودي استرداد العقار بعد مرور الزمن القانوني لإقامة الحديقة، لكنه طلب التريث، وخصوصا ان المدينة كانت على ابواب الانتخابات النيابية، لكنه في العام ٢٠١٩ تجاهل الطلب مجددا من دون الأقدام على اي خطوة باتجاه وضع خطة لاستثمار العقار المذكور.

وعند بداية العام ٢٠٢٣، وردت اخبار تفيد ان شراكة جديدة بين البلدية ومؤسسة الحريري ومنظمة MEDCITIES، وتم التوضيح لاعضاء من المجلس البلدي يتابعون الموضوع، بان على المجلس البلدي مناقشة المسألة وخصوصا ان العقد بين البلدية ومؤسسة الحريري قد انتهى وعلى البلدية اتخاذ القرار القانوني بشأن ذلك، لكن بعض اعضاء المجلس البلدي لم يعر الموضوع اهتماما، وتجاهل بعض اخر الموضوع، في حين كان بعض المصادر يشير الى شيء ما يجري التحضير له، وعندما طلب من احد اعضاء المجلس البلدي المعنيين، رقم هاتف المعني بالمنظمة الدولية كان جوابه، ان مسؤول المنظمة يرفض اعطاء رقم هاتفه لاي من المجتمع المدني. يبدو أنه “شخص يعمل تحت الطاولة وكان اعمال منظمته تخالف القانون”، وهذا ما دفع بتجمع عل صوتك التواصل بالمنظمة المذكورة عبر البريد الالكتروني وكان الجواب: “عليكم مراجعة البلدية”. يبدو انهم “لا يعرفون القوانين اللبنانية كبعض مؤسساتنا الرسمية”.

لذلك تقدم تجمع عل صوتك بطلب رسمي الى المجلس البلدي للحصول على قرار المجلس بشأن الشراكة في العقار، أجابت ادارة البلدية ان لا قرار بلدي حول الموضوع، وطلب رئيس البلدية د. حازم بديع الانتظار على الرغم من أهمية الموضوع.لقد مرت الفترة الزمنية للطلب الرسمي ومن تبقى من أعضاء المجلس البلدي يجهل ما يحصل، وبعض اخر يتجاهل الاجابة على اي سؤال. كل هذا دفع عل صوتك الى اصدار البيان، وبعد ذلك بيوم واحد، اي بتاريخ التاسع من تشرين الثاني ٢٠٢٣ تقدمت مؤسسة محمد زيدان بطلب من البلدية للحصول على موافقة حول استعداد الجمعية لتنفيذ وإدارة ورعاية وصيانة وعلى كامل عهدتها ونفقتها حديقة عامة وراقية مفتوحة للعموم، على ارض العقار ١٥٨٧ مع إقامة مسارات مخصصة لهواة رياضة المشي والتنزه، مشروع ليس له طابع تجاري، وتلتزم الجمعية بتغطية كامل الكلفة وتولي المسؤولية الادارية والمالية لمدة عشر سنوات.

هذا الوضع الذي يحيط بالعقار ١٥٨٧ يفرض على المجلس البلدي عقد اجتماع عام لفاعليات المدينة لنقاش مستقبل هذا العقار ومعرفة الجدوى الاقتصادية لكل من المشاريع المقدمة وتحديد موقع مصلحة المدينة، وكيف يمكن الاستفادة من احد املاكها العامة لسد العجز المتراكم لديها بشكل قانوني يسمح للمجلس البلدي بالقيام بالمهام المنوطة به.