هل تتقدم أسهم قائد الجيش من جديد؟

تضجّ المنطقة بالتحولات والمتغيرات والمصالحات في ظل ترقب القمة العربية المقرر انعقادها في الرياض والتي ستكون “أمّ القمم”، فيما لبنان بمنظومته السياسية يعيش على وقع أزماته وانهيار دولته وما يحيط بالناس من معاناة، الى الاستحقاق الرئاسي الذي يدور في حلقة مفرغة. وفي هذا الاطار قال مرجع سياسي نهاية الأسبوع المنصرم أمام زواره “ان التسوية ليست عيباً ولا مفر منها، وقد شُرّعت أبوابها وقد نترقب وننتظر، ربما قبل قمة الرياض أو بعدها، ان يكون لنا رئيس للجمهورية وإلا فليتحمل كل مسؤول تبعة مواقفه، بحسب صحيفة النهار.

في هذا السياق، كشفت أوساط سياسية مطلعة لـ”النهار”، أن ثمة جهات تبلغت منتصف الأسبوع الماضي تأجيل زيارة الموفد القطري الوزير محمد عبد العزيز الخليفي الى بيروت بعد سلسلة اتصالات قام بها مع ممثلي الدول الخمس ولم يلمس جديداً، اذ كان هناك رهان على تسجيل خرق أو التوافق على أسماء يصار الى تسويقها لدى مسؤولين لبنانيين ضمن تسوية شاملة، أضف أن الموقف الفرنسي كان له دور في فرملة نضج التسوية في ظل إصرار باريس على دعم رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، وما سبقه من موقف لأحد قادة “حزب الله”، بما معناه إما فرنجية أو الفراغ. لكن ما حدث لاحقاً بدّل الكثير في المعطيات من خلال الدور السعودي وصلابته وثباته، حيث نُقل أن الاتصالات على خط باريس – الرياض لم تتوقف خلال الأيام الماضية، اذ إن مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير وليد بخاري كانا قطب هذه الاتصالات والمشاورات مع المسؤولين الفرنسيين وسواهم، وتحديداً مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، وسط أجواء عن تبدل حصل في الأيام القليلة المنصرمة في موقف باريس حيال دعمها لرئيس “المردة”، والذي أرفق في الساعات الماضية ببيان لوزارة الخارجية الأميركية حمل في طياته الكثير من الدلالات غامزاً من قناة ما تريده باريس رئاسياً.

وأضافت المصادر أن التطورات التي حصلت في المنطقة من لقاء عمّان الى ما يجري في السودان وعلى الخط السوري- التركي- الروسي والدور الصيني والتحضيرات الجارية للقمة العربية المفصلية في السعودية، هذه العناوين مجتمعة تأتي في إطار إعادة هيكلة وضع المنطقة برمته وتحديداً عربياً، لكن ذلك لا يعني أنه تناول الملف اللبناني والاستحقاق الرئاسي بشكل خاص، وكل ما يجري يتمحور حول عمليات الأمن وضبط الحدود ووقف الحروب بين هذه الدول، انما التقارب وما جرى ايرانياً – سعودياً، وسورياً – خليجياً له تداعياته الإيجابية على خط توفير الغطاء الدولي والعربي والإقليمي للرئيس العتيد، من دون أن يعني ذلك التوافق على مرشح معين يستوجب توافقاً لبنانياً داخلياً وتحديداً من الأطراف المسيحية الأساسية من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وتبين بالملموس أنه لا يمكن انتخاب رئيس من دون موافقة الرياض لما لذلك من خصوصية لبنانية وخليجية وعربية، ولكونها أيضاً تشكّل الداعم الأساسي للنهوض بلبنان من أزماته الاقتصادية والمالية. وعُلم أن الأمور تبدلت في الساعات الماضية بشكل دراماتيكي وانخفض منسوب حظوظ فرنجية وارتفعت أسهم قائد الجيش العماد جوزف عون، على خلفية أزمة النازحين السوريين من زاوية التصعيد السياسي والقلق الأمني مما يستدعي شخصية قادرة على تحصين البلد أمنياً، وربطاً بذلك عُلم من الذين يتابعون الحراك الخليجي والدول الخمس عموما أن هذه التطورات والحديث مجدداً باسم قائد الجيش أعاد خلط الأوراق وان كان فرنجية ما زال من الأقوياء في السباق الرئاسي.

وفي موازاة ذلك، استأثر ما قيل اعلامياً حول تغيير السفير السعودي، وسوى ذلك من التداول بهذه المسألة، باهتمام المعنيين لتردّ مصادر ديبلوماسية خليجية في بيروت بأن هذا الترويج “لا يحمل من الصحة الخبر اليقين، فالسفير بخاري عندما كان في الرياض كان الملف اللبناني حاضراً من خلال اتصالاته مع الفرنسيين، ناهيك عن التشاور المستمر مع القيادة السعودية، فيما لم يصدر أي بيان سعودي رسمي لتعيين سفير جديد، وان حصل ذلك اليوم أو غداً فهو امر طبيعي في إطار المناقلات الديبلوماسية وليس لأي أمر آخر كما يحلو للبعض أن يحلل”. وثمة مروحة واسعة من الاتصالات سينطلق بها السفير بخاري مع مرجعيات رئاسية وسياسية وروحية، وبمجرد تغريدة منه أو موقف معيّن ستتوضح أمور كثيرة حول المستجدّات السعودية من الاستحقاق الرئاسي، لكن المؤكد أن التسوية انطلقت والعارفين ببواطن الأمور وما يجري على خطوط الدول المعنية بالملف اللبناني يؤكدون أنه “في غضون شهرين سيكون هناك رئيس، وإلا فأمد الفراغ لا حدود له”.