قصةٌ تقشعر لها الأبدان… طفلة تُهاجر وحيدة إلى إيطاليا (صور)

تشهد ظاهرة الهجرة غير النظامية من سواحل تونس في اتجاه أوروبا، وبشكل خاص نحو السواحل الإيطالية، انتشارا ملحوظا، لتفرز تداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية وعواقب خطيرة، بحسب وصف منظمات اجتماعية وحقوقية أدانت صمت السلطات مما أدى لتضاعف أعداد الهالكين والمفقودين في رحلات الهجرة السرية.

وجاءت قصة الطفلة البالغة من العمر 3 أعوام فقط والتي أبحرت من سواحل محافظة المنستير التونسية، نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، دون أن يكون أحد من والديها مرافقا لها، لتهز الأوساط الاجتماعية والإعلامية والحقوقية في البلاد، وتثير موجة من التفاعلات كان أكثرها مستنكرا للحادثة ومنددا بما وصفه “دفعًا” من السلطات للشباب والأطفال وحتى الرضع نحو الارتماء في “قوارب الموت”.

وكان تونسيون تداولوا مقاطع فيديو وصور على شبكات التواصل الاجتماعي لطفلة عمرها لا يتعدى 3 سنوات، وصلت في غضون الأسبوع الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية مع مجموعة من المهاجرين غير النظاميين على متن زورق بحري قبل أن يتم إيقافه من قبل الشرطة الإيطالية، واعتقال كل من كانوا على متنه في مركز لإيواء المهاجرين، باستثناء الطفلة التي تم الاحتفاظ بها لدى السلطات الإيطالية.

وبحسب مصادر إعلامية في تونس، فإن والد الطفلة كان يتأهب مع زوجته وابنتيه لاجتياز الحدود البحرية خلسة، في رحلة من بين عشرات الرحلات السرية التي تنطلق يوميا من السواحل التونسية باتجاه إيطاليا، لكن الأب وبعد أن أركب ابنته القارب، عاد ليحمل زوجته وابنته الكبرى إلا أنّه فوجئ عند الوصول بأن المركب أبحر نحو إيطاليا دون انتظار بقية الركاب.

وتهاطلت ردود الأفعال في تونس عقب الحادثة محملة السلطات مسؤولية ما يحدث يوميا على السواحل من رحلات غير نظامية تنتهي أغلبها بغرق المركب ووفاة أو فقدان كل من هم على متنه، فيما اتهمت منظمات حقوقية وجمعيات خاصة، الحكومة، بدفع هؤلاء للبحث عن لقمة العيش في أوروبا بعد أن يئسوا من الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي في البلاد والذي يزداد احتقانا يوما بعد يوم.

وأعلنت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة في تونس أن الحكومة أذنت بإرسال مندوب حماية الطفولة إلى إيطاليا لتأمين عودة الطفلة ذات الأربع سنوات التي كانت ضحية رحلة هجرة غير نظامية.

وقالت وزارة الشؤون الخارجية في بيان رسمي أنه “على إثر عملية هجرة غير نظامية إلى السواحل الإيطالية ضحيّتها طفلة تونسية غير مصحوبة بأفراد عائلتها، فإن وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج تبلغ الرأي العام أن بعثتها الدبلوماسية ومصالحها القنصلية بإيطاليا تولي أهمية مطلقة لهذا الموضوع، منذ تسلم السلطات الإيطالية للطفلة، وذلك من خلال المتابعة الحثيثة والتنسيق المستمر مع الجانب الإيطالي والمنظمات الإنسانية المختصة، من أجل تأمين سلامتها وتوفير الإحاطة الصحية والنفسية اللازمة لها حيث تمّ إيواؤها بمركز مختص لرعاية الأطفال.”

وتابعت الوزارة في بيانها قائلة: “إن هذه العملية تُترجم مرّة أخرى مأساة عديد ضحايا الهجرة غير موال جرائم التي لم تستثنِ حتى الأطفال والرّضع”.

وكشفت وزارة الخارجية أن تونس أكدت في جميع المؤتمرات الدولية والإقليمية على ضرورة تحمل المجموعة الدولية لمسؤوليتها المُشتركة لاحتواء هذه الظواهر ومكافحتها عبر اعتماد مُقاربة شاملة ومُتعدّدة الأبعاد لا تقتصر فقط على المعالجة الأمنية وإنّما تقوم على تصوّر عملي للتنمية المتضامنة والمتكافئة سواء في دول المنشأ أو العبور.

بدوره أعرب مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان عن أسفه للحادثة التي تعد مأساة حقيقية، بحسب تعبيره، مضيفا في تصريحات لسكاي نيوز عربية أن المرصد يتابع عن كثب حالة الطفلة ويجري اتصالات سواء مع منظمات وجمعيات في تونس أو في إيطاليا لتوفير الرعاية النفسية اللازمة للطفلة.

وقال عبد الكبير: “من خلال التحريات التي قمنا بها فإن الطفلة هي من مواليد سنة 2019 وعمرها ثلاث سنوات، نحن على اتصال ببعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية في إيطاليا لتوفير العناية اللازمة بالطفلة التي لا تعدو أن تكون سوى ضحية لتيار الهجرة غير النظامية الذي استفحل بدرجة غير مسبوقة في تونس خلال السنوات الأخيرة.”

وبحسب رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، فإن الحالة الاجتماعية والصحية لعائلة الطفلة كانت الدافع الأساسي لوالدها ليخوض رحلة هجرة سرية مع زوجته وابنتيه، وتابع: “حسب المعطيات التي بحوزتنا فإن البنت الكبرى التي تعاني من مشاكل صحية في القلب وتستوجب العلاج خارج تونس كانت دافعا للعائلة للهجرة بصفة جماعية، لكن ذلك لا يمكن أن يكون مبررا للمخاطرة بحياة افراد العائلة وتعريض طفلة رضيعة للخطر المحدق بحياتها.”

وتابع: “هناك جمعيات بررت ما أقدم عليه الاب بحالة المرض والخصاصة لكن ذلك قد يفسح المجال نحو رحلات مماثلة تقوم بها عائلات بأكملها نحو السواحل الإيطالية.”

وأكدت وزارة المرأة في تونس نشرت بدورها أنها أرسلت مندوب حماية الطفولة يوم السبت لتأمين عودة الطفلة إلى عائلتها.

وقالت الوزارة في بيان لها: “في إطار متابعة قضيّة وصول طفلة الأربع سنوات إلى التراب الإيطالي في عمليّة هجرة غير نظاميّة، كلّفت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ السيد مهيار حمادي، المندوب العام لحماية الطفولة، بالتنقّل صباح السبت 22 تشرين الأول 2022، إلى مدينة باليرمو الإيطاليّة، حيث سيتولّى المندوب العام، بالتنسيق مع المصالح القنصلية التونسية في باليرمو والسلطات الايطالية، التعهّد الميدانيّ بالطفلة وضمان مراعاة مصلحتها الفضلى وإتمام الإجراءات والتدابير لتأمين عودتها إلى أرض الوطن”.

من جهته، قال النائب السابق في البرلمان المجمدة أعماله في تونس، مجدي الكرباعي إنه يتابع باستمرار وبالتنسيق مع السلطات الإيطالية والتونسية وكذلك منظمات خاصة مهتمة بالطفولة وذلك من أجل الإحاطة بالطفلة بمجرد أن تلقى اتصالا من عائلتها بحسب قوله.

وقال الكرباعي وهو ناشط سياسي وحقوقي مقيم بإيطاليا: “تم وضع الطفلة في مركز رعاية مختص وهي تتلقى إحاطة كاملة، نحن في متابعة مستمرة لوضعيتها منذ اليوم الأول لوصولها إلى سواحل إيطاليا.