الأزمة الاقتصادية تهدد التعليم الخاص

انعكس الانهيار الاقتصادي الذي أصاب كل القطاعات الإنتاجية في لبنان، على القطاع التربوي، الذي يعتبر من أهم مميزات المجتمع اللبناني.

وبعد التراجع الكبير الذي أصاب التعليم الرسمي من جراء وباء كورونا ومحاولة التعليم عن بعد في العام الماضي، والفشل في استئناف العام الدراسي الحالي 2022 بشكل طبيعي بعد موجة الإضرابات المطلبية من المدرسين التي شلت القطاع، اتجه معظم اللبنانيين إلى القطاع التعليمي الخاص، الذي صار يشكل 70 بالمئة من نسبة التعليم في البلاد.

ولمواجهة الأعباء الكبيرة المترتبة عليها، قامت الغالبية العظمى من المدارس الخاصة برفع الأقساط المستوفاة من الأهالي بشكل كبير، وعمدت في الفترة الماضية إلى طلب قسم منها بالدولار.

وتراوحت الطلبات التي أُطلق عليها اسم “مساعدات إلزامية” بالدولار، لتمكين المؤسسات التعليمية من الاستمرار، بين 400 و800 دولار، بالإضافة إلى القسط الأساسي بالليرة اللبنانية، الذي طالته الزيادة أيضا .

بدورها، رفضت لجان الأهالي دفع الزيادة، متسائلة عن مصير الطلاب. وعبر “اتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة” في بيان صدر مؤخرا، عن رفضه زيادة الأقساط، ودفع المساعدة الإلزامية بالدولار الأميركي.

وحذر الاتحاد في بيانه، من “انهيار في القطاع التربوي، يطيح بآخر مقومات نهوض البلد والتعليم”، مضيفا: “نحن نخسر أولادنا والمستقبل”.

وطلب الاتحاد من كافة الجهات المعنية، “السعي لتأمين التمويل اللازم للقطاع التربوي الخاص من الجهات المانحة”.

من جانبه، طالب مجلس النواب اللبناني بـ”إقرار قانون يسمح للمودعين بسحب أموالهم المحتجزة في المصارف اللبنانية، على سعر الصرف نفسه الذي أقره القانون لأهالي التلاميذ الذين يدرسون في الخارج، عملا بمبدأ المساواة بين المواطنين”.

كما دعا إلى “إطلاق حملة لتمويل وتحديث القطاع التربوي الخاص”، وقد تم تشكيل لجنة منبثقة من الاتحاد لهذه الغاية.

رفض ومخاوف

وقال سمير عيتاني، وهو ولي أمر تلميذين في مدرسة خاصة: “فوجئنا الأسبوع الماضي بقرار المدرسة رفع الأقساط للعام المقبل، وطلب استيفاء ما أسموه (مساعدة الزامية) للمدرسة بقيمة 400 دولار، ونحن بالكاد نستطيع دفع القسط بالليرة اللبنانية، ورواتبنا لا تزال تدفع لنا بالليرة، ولم تصرف لنا زيادة عليها، قد أكلها التضخم منذ العام الماضي”.

مخالفة للقانون”

وقالت المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة، المحامية مايا جعارة، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الوضع المالي لأهالي التلاميذ صعب جدا، فهم لا يستطيعون سحب أموالهم من المصارف التي ترفض تسديد رواتب معلمّي وموظفي المؤسسات التربوية ما لم تودع نقدا لديها، فلذلك بدأت هذه المؤسسات تفرض على الأهل الدفع نقدا”.

 واستطردت: “بعض المدارس زادت أقساط الفصل الأخير بشكل كبير، ومنها من فرض الدفع بالدولار النقدي، وهذا مخالف للقانون”.

وطالبت جعارة الدولة بـ”تحمل مسؤولية تأمين الدعم المادي للأهالي، وأن تسعى لتأمين التمويل من الجهات المانحة، بدفع جزء من الأقساط المدرسية، على أن يتحمل مصرف لبنان مسؤولياته تجاه القطاع التربوي، ويقوم بتسهيل تحويل المبالغ من حساب الأهل إلى حساب المدارس، وكأنه تحويل نقدي”.

جزء من القسط

وفي تصريحات إعلامية، قال نقيب أصحاب المدارس الخاصة، أحمد عطوي: “طلب استيفاء جزء من القسط بالدولار لم يعمم على جميع المدارس الخاصة، فبعض المدارس فرضت على الأهالي زيادة على الأقساط بالدولار، لكن معظم المدارس، لا سيما الصغيرة منها، لا تتقاضى الأقساط إلا بالليرة”.

وأضاف: “من المفترض أن تنخفض نسب الزيادات بالدولار، إذ لا يجوز فرض مبالغ مثل 400 و600 دولار في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها أولياء الأمور، لكن المدارس محقّة في وضع زيادة على الأقساط، فهي تتكلّف أيضا بالمصاريف التشغيلية”.

ويعيش لبنان أزمة معيشية خانقة، شلت القطاع التعليمي بكل أطيافه، وسط تخوفات من فقدان مقومات التعليم الخاص.

المصدر: سكاي نيوز