جمعت السيسي وبن زايد وبينيت.. ماذا وراء لقاء شرم الشيخ الثلاثي؟

غادر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قبل ساعات، اليوم الثلاثاء، مطار شرم الشيخ المصري، عقب لقاء مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو اللقاء الذي لم يعلن عنه مسبقا.

وفيما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه “حدث غير مسبوق”، وقالت “القناة 13” الإسرائيلية إن القمة تتمحور حول ما وصفته بخطر إيران، وتحدثت وسائل إعلام أخرى عن قضايا أخرى ناقشتها القمة منها بحث التداعيات الاقتصادية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وملفا الطاقة والأمن الغذائي.

من جهتها، أشارت الرئاسة المصرية إلى أن اللقاء ناقش قضايا الطاقة والأمن الغذائي في ظل تداعيات التطورات العالمية. وقال بيان نشره المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن اللقاء تناول التباحث بشأن تداعيات التطورات العالمية خاصة ما يتعلق بالطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائي، فضلا عن تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه آخر مستجدات عدد من القضايا الدولية والإقليمية.

من جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الزعماء الثلاثة “بحثوا العلاقات بين الدول الثلاث في ظل آخر التطورات العالمية والإقليمية وسبل تعزيزها على جميع الأصعدة”.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية، أن الاجتماع الثلاثي “تناول تعزيز العلاقات بين الدول وأهمية التعاون والتنسيق والتشاور بما يلبي طموحات التنمية والاستقرار في المنطقة، وأمن الطاقة واستقرار الأسواق العالمية”.

المياه الراكدة

وتعليقا على اللقاء، قال أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي إن هناك تطورات إيجابية في العلاقات بين إسرائيل ومصر منها إنشاء خط طيران مباشر بين البلدين من شأنه أن يعزز السياحة.

وفي تصريحات متلفزة، قال فهمي إن زيارة رئيس وزراء إسرائيل لشرم الشيخ للمرة الثانية منذ سبتمبر/أيلول الماضي، تكتسب أهمية كبيرة في إطار التعاون الإقليمي، وتحريك المياه الراكدة في بعض الملفات الإقليمية، والاتفاق على مجموعة من المشروعات والتعاون في إطار العلاقات المشتركة بين مصر وإسرائيل والإمارات.

وكان السيسي قد التقى بينيت في سبتمبر/أيلول الماضي، في اجتماع عُقد بمدينة شرم الشيخ وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بالمهم جدا والجيد للغاية، لافتا إلى أنهما وضعا خلاله الأساس لتعميق الروابط وتعزيز المصالح.

وتوقع طارق فهمي أن يفتح هذا الاجتماع المجال لإمكانية تكرار مثل هذه اللقاءات، وانضمام أطراف عربية خاصة من الجانب الفلسطيني، ما يخدم القضايا العربية والإقليمية، وليس فقط مشروعات أمن وتعاون.

ولفت المحلل السياسي المصري إلى أن القاهرة تسعى لتعديل البروتوكول الأمني بمعاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، بما يوفر لمصر المزيد من الوجود الأمني في شبه جزيرة سيناء.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن المتحدث العسكري المصري أن اللجنة العسكرية المشتركة مع إسرائيل اتفقت على تعديل الاتفاقية الأمنية، بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية في منطقة رفح المصرية.

وأوضح فهمي أن اللقاء تناول كذلك التعاون في مجال الغاز خاصة القدرات المصرية في تسييل الغاز وتصديره للخارج.

وأضاف أنه تم التباحث فيما يتعلق بقرب إتمام اتفاق حول الملف النووي الإيراني، ونية واشنطن رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب، بما ستكون لها تداعيات على الأمن القومي العربي والمنطقة، وليس الخليج فحسب.

الغاز والقمح

وبحسب وكالة الأناضول، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن من بين المواضيع التي تأتي في صلب محادثات القمة الثلاثية، احتمال رفع كميات النفط التي تصدرها الإمارات، نظرا لارتفاع أسعاره الحاد في الأسواق العالمية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى الباحث المصري بالشؤون الأمنية والسياسية أحمد مولانا أن الزيارة ترتبط أولا بتكثيف التعاون في ملف الغاز، بحيث تزيد إسرائيل الكميات التي توردها لمصر، والأخيرة تسيله، ومن ثم يباع لأوروبا، في ظل الطلب الأوروبي على بدايل للغاز الروسي، وهذا قد يتطلب تطوير البنية التحتية لإسالة الغاز في مصر.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن من بين المواضيع التي تأتي أيضا في صلب محادثات القمة الثلاثية، التوتر القائم بين كل من الولايات المتحدة ومصر والإمارات، في ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا وارتفاع أسعار القمح، واحتمال رفع كميات النفط التي تصدرها الإمارات، نظرا لارتفاع أسعاره الحاد في الأسواق العالمية.

إيران وأميركا

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية تأكيد مصدر دبلوماسي إسرائيلي، لم تسمه، بأن اللقاء يتناول “المصالح الأمنية التي تتقاسمها الدول الثلاث”. وتابع المصدر “تُعارض إسرائيل والإمارات المساعي الأميركية لشطب اسم الحرس الثوري الإيراني، من قائمة الإرهاب لإرضاء إيران”.

لكن الباحث السياسي أحمد مولانا يستبعد قيام السيسي بالتحرك ضمن ملف يخص إيران، إلا في حال ضخ أموال ضخمة من الخليج إلى مصر، تسهم في علاج الأزمة الاقتصادية الحالية.

الملف السوري

أما فيما يتعلق بالملف السوري، فربما تلعب مصر والإمارات دورا في الوساطة بين دمشق وتل أبيب لإجراء تفاهمات مباشرة بينهما بعيدا عن إيران وروسيا، بحسب أحمد مولانا، الذي استبعد مناقشة القمة لأي ملف متعلق بالقضية الفلسطينية لعدم حضور ممثل عن السلطة، وجمود عملية السلام حاليا، وعدم انشغال أي من الدول الثلاث بتحريكها.

في هذا السياق، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر سياسية إسرائيلية، لم تسمها، أن إسرائيل تقوم بدور الوسيط بين الإمارات والولايات المتحدة، لتهدئة التوترات بين الطرفين.

وبحسب الإذاعة، فإن الإدارة الأميركية غاضبة من زيارة بشار الأسد للإمارات (يوم الجمعة الماضي)، ووصفتها بأنها استفزازية، إذ يقاطع الأميركيون رئيس النظام السوري؛ من ناحية أخرى فإن الإمارات غاضبة لأنها تشعر أن هناك نقصا في الدعم الأميركي إزاء قضية هجمات الحوثيين من اليمن.

السلام الدافئ

وتُمثل القمة الثلاثية أحدث التطورات في “اتفاقات أبراهام”، التي شهدت تطبيع إسرائيل للعلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب في اتفاقات تمت عام 2020 على يد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وتأتي هذه الزيارة بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، عن الاتفاق مع الرئيس المصري على تسيير خط طيران مباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ بدءا من أبريل/نيسان المقبل.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + وكالة الأناضول