الإعتدال” إلى جولة لإستنقاذ مبادرته… والخماسية إلى حراك جديد

هَلّ هلال رمضان الكريم غروب أمس، لكنّ هلال الهدنة في غزة وتالياً في الجنوب اللبناني لم يهل بعد حتى يكون إيذاناً بعودة الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين كما وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الاخيرة للبنان مطلع الاسبوع الفائت، ليتابع مهمته في شأن تطبيق القرار 1701 وكذلك في شقها السياسي المرتبط بالاستحقاق الرئاسي والسلطة الجديدة المطلوب إقامتها لتتولى المسؤولية عن المنطقة الحدودية والاضطلاع بمهمة إنقاذ البلاد على كل المستويات.

حَسَمها رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال عطلة نهاية الاسبوع بالقول «ما في حلول طالما الهدنة (في غزة) مش ماشية، وليصير في هدنة بيصير لهوكشتاين دور، وحتى اللحظة ما في شي». أضاف: «هوكشتاين قَدّملنا أفكار في مِنها إيجابية ومِنها في إنّ». وتابع: «نحن ملتزمون بتطبيق القرار 1701 بالكامل و«غير الله ما بيجبرني وافِق على بنود فيها إنّ». ولفت الى انّ «القطريين مهتمون بملف غزة وربطاً جبهة الجنوب حيث يدعمون الحل ويشجّعون على البحث في الافكار التي طرحها هوكشتاين».

M

وعلمت «الجمهورية» انّ بري تلقّى بعد ظهر أمس اتصالاً هاتفياً من الموفد الفرنسي جان إيف لودريان جرى خلاله البحث في ضرورة الحوار والتوافق من اجل انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات المتراكمة على اكثر من صعيد. وقد وصف الاتصال بأنه في إطار مواكبة المساعي الديبلوماسية لإيجاد حل رئاسي.

وفي انتظار التحرك الجديد المُرتقَب لسفراء المحموعة الخماسية العربية ـ الدولية في بيروت، والتحرك المنتظر لتكتل «الاعتدال الوطني» في جولته الثانية لشرح آليات مبادرته الرئاسية وتفاصيلها والمرتقب هذا الاسبوع او الذي يليه، قالت مصادر نيابية مستقلة لـ«الجمهورية» انّ «المبادرة في الشكل الذي طرحت فيه لا تؤدي الى انتخاب رئيس للبلاد، بدليل موقفَي رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الاعلام زياد مكاري منها، وعدم رَد «حزب الله» حتى امس على المبادرة». واضافت المصادر: «لا نتوقّع نجاح المبادرة بل لعلها انتهت عملياً، حتى الذين أعلنوا موافقتهم عليها من حيث المضمون العام اعترضوا على الآلية التنفيذية المطروحة».

لكنّ عضو تكتّل «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني قال امس، خلال استقباله وفوداً شعبية وشخصيات وهيئات عكارية وشمالية في مكتبه في المحمرة، انّ «مبادرة التكتل الرئاسية مستمرة وقد خلقت دينامية كان يحتاجها لبنان، وأعادت الروح إلى الحياة السياسية، وفتحت أبواب أملٍ لدى اللبنانيين بإمكانية الحلّ السياسي الذي يُخرج البلاد من عنق الزجاجة». واضاف: «انّ إطلاق البعض النار على المبادرة أو نَعيها ليس هو الواقع، وهو بطبيعة الحال لا يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين، فالمؤسف أن يكون أصدقاء لبنان في الخارج يسعون إلى إنهاء الشغور وحلّ الأزمة، وهناك في الداخل من يسعى لعرقلة الحل أو يتمنّى أن لا يكون هناك حل يُنهي مأساة لبنان ويضعه على سكّة التعافي». وسأل «ما البديل من الحوار والتّلاقي وكلنا يعلم أنه مهما رفعنا السقوف السياسية في وجه بعضنا البعض، سنجلس في النهاية إلى طاولة ونتحاور؟ فلماذا لا نوفّر كل هذا العناء وكل هذا الوقت على المواطن». وأضاف: «نحن سنتلاقى تحت سقف المؤسسات الدستورية التي تحكم عملنا السياسي، وهي الإطار الأنسَب للوصول إلى نتيجة سياسية ووطنية جامعة، تُراعي وفاقنا الوطني وعيشنا المشترك».

كذلك اكد عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب محمد سليمان لوفود زارَته في وادي خالد، أن «مبادرة التكتل تُحاكي هواجس جميع اللبنانيين لأنها تعمل على التلاقي بين كل المكونات السياسية لإنهاء الشغور، وتسعى لتقريب وجهات النظر بين كل الكتل لإنهاء الفراغ الحاصل في المؤسسات». وقال: «إنّ المسعى الداخلي الذي يقوم به التكتل يُلاقي اليوم المبادرة الخماسية ويذلّل العقبات للوصول الى حل يجمع اللبنانيين ويحمي لبنان».

وكان بري قد قال السبت عن لقائه بكتلة «الإعتدال»: «اللقاء كان إيجابياً. وأنا اللي بحطّ آلية للمبادرة، وما في رئيس غير رئيس المجلس» (لرئاسة الجلسة التشاورية التي تضمنتها مبادرة الاعتدال) .

وفي هذا السياق، وعلى وقع الاجتماعات المتجددة للخماسية العربية والدولية، أفيد انّ سفير قطر في بيروت الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل ثاني آل ثاني يقوم بحركة بعيداً عن الاعلام باتجاه مجموعة من النواب، من ضمن التحرك الفردي للسفراء الخمسة، وسط معلومات عن احتمال زيارتهم لبري قريباً. وقد بدأ آل ثاني حركته بزيارة البترون حيث التقى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وتناول اللقاء العلاقات اللبنانية – القطرية والأوضاع في لبنان، لا سيما منها الاستحقاق الرئاسي وتحركات المجموعة الخماسية في شأنه، والتطورات الجارية في المنطقة وما ينجم من الحرب الاسرائيلية على غزة.

وفي المواقف، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال ترؤسه قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي أمس، أننا «ننظر بكثير من الإيجابيّة إلى مبادرة «تكتّل الإعتدال الوطني»، وإلى مساعي «لجنة السفراء الخماسيّة» راجين للإثنين النجاح، وشاكرين لهم الجهود والتضحيات».

ووجّه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، حذّر فيها من انّ «لبنانُ فِي دَائرَةِ الخَطَر، وَالسَّبَبُ الأَوَّل هُوَ الشُّغُور الرِّئَاسِيّ…». وقال: «إنَّ الأولَوِيَّة المُطْلَقَة اليَوْم هي إِجْرَاءُ انتخابِ رَئيسٍ لِلجُمهُورِيَّة، ولا يُمْكِنُ أن نَخْرُجَ مِن أَزَمَاتِنَا إلا بِإِنجَازِ هذا الاسْتِحْقَاق، لِنُحَافِظَ على وَحْدَتِنَا الوَطَنِيَّة، فلُبنان لا يَعِيشُ إلا بِجَنَاحَيْه، المُسْلِمِ وَالمَسِيحِيّ، ولا نَرضَى إلا بِالمُسَاوَاة التي نَصَّ عليها اتِّفَاقُ الطّائف، ولا يُسَاسُ لُبنان بِمَنْطِق الرَّابِح وَالخَاسِر، أوِ القَوِيّ على الضَّعِيف، بل كُلُّنَا أَقوِيَاء بِكَلِمَة الحَقّ، وَمُنْتَصِرُون لِوَطَنِنَا وَلِشَعْبِنا».

ومن جهة ثانية، وفي الوقت التي تواصلت مظاهر التوتر وارتفاع منسوب العمليات العسكرية في مختلف مناطق قطاع غزة نتيجة الفشل في ترتيب اي اتفاق لوقف اطلاق النار أو أي هدنة انسانية جديدة، شهدت عطلة نهاية الأسبوع مجموعة من اللقاءات والتحركات التي يمكن ان تؤدي الى انفراج ولو مشروط في وقت قريب.

وتقاطعت مصادر ديبلوماسية عربية ولبنانية على التأكيد لـ«الجمهورية» انّ حراك الساعات الماضية يبحث عن ثغرة يمكن ان تجمع الحد الادنى ممّا هو مطلوب للتوفيق بين مطالب إسرائيل وحركة «حماس»، خصوصاً على مستوى اعادة النظر في البرنامج المقترح لتبادل الاسرى والرهائن لدى «حماس» بالمعتقلين في السجون الاسرائيلية وفق جدول جديد تجري صياغته بين الدوحة وواشنطن وتل أبيب، وهو ما كان موضع بحث في العاصمة القطرية ما بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز الذي أنهى جولته على كل من مصر وقطر وتل أبيب بلقاءٍ جَمعه برئيس الموساد الاسرائيلي دافيد برنياع في سياق المساعي الأميركية الهادفة الى وقف النار وتوفير حاجات القطاع من المواد الغذائية والانسانية والمحروقات على انواعها.

وقالت المصادر انّ هذا اللقاء شكّل المناسبة شبه الاخيرة في هذه الساعات الحرجة التي يمكن ان تُفضي الى اي تفاهم يمكن ترتيبه في الأيام الاولى من شهر رمضان الذي بدأ اليوم كما كان متوقعاً. وفيما لم تدخل المصادر في تفاصيل الخلافات التي عبّرت عنها الشروط والشروط المضادة بين اسرائيل وحماس، توقّعت في المقابل ان توفّر واشنطن والقاهرة والدوحة ضمانات محددة للطرفين قد تؤدي الى التوصّل الى هدنة في الأيام القليلة المقبلة.

وفي هذه الاجواء توجّهت الأنظار الى لقاءات الرياض التي جمعت الأحد ممثلين عن 6 دول عربية وخليجية لمواصلة مساعيها لوقف اطلاق النار في غزة، بعدما رفعت المملكة من شروطها لإحياء البحث في تفاصيل مرحلة التطبيع مقابل وقف نار شامل، كذلك رفعت مصر من ضغوطها على الجانب الاميركي ممثّلاً بمدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز الذي لم يتمكن من إحضار نظيره الاسرائيلي الى مفاوضات القاهرة قبل أن يوافيه الى الدوحة. وكلّ ذلك لضرورة إنهاء الحرب على غزة والتوصّل إلى وقفٍ فوري وتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي، ورفع كل القيود التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

الجمهورية