لقاء صعب” بين بري ووفد الكونغرس: “أوقفوا الحرب أولاً”

يرحب المسؤولون اللبنانيون على مختلف مستوياتهم السياسية والامنية بحضور وفود غربية الى بيروت، ولا سيما اذا كانوا من الاميركيين، في توقيت اكثر من ساخن على وقْع التهديدات الاسرائيلية واعلان تل أبيب ان المواجهات قد تتسع حدودها بحيث لا تقتصر وتيرتها على ارض الجنوب فحسب.

ويسجَّل اهتمام لبناني اكبر مع كل ما يأتي من واشنطن نظراً الى حجم تأثيرها على اسرائيل رغم تغطيتها لحروبها.

لذا اتجهت انظار المراقبين في الداخل والخارج الى ما حمله وفد الكونغرس الاميركي الممثل للجنتي الخارجية والأمن في جولته على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون.

وضم الوفد سناتورين ناشطين يعرفان جيدا سياسة المنطقة واوضاعها هما ريتشارد بلومنتال وكريستوفر كونز (احتل موقع الرئيس جو بايدن بعد انتخابه رئيسا)، ورافقتهما السفيرة ليزا جونسون، وهما لا يمكنهما التحدث باسم ادارة البيت الابيض لكنهما يعملان تحت مظلة الحزب الديموقراطي.

وحضر الرجلان من اسرائيل بعد جولة لهما في المنطقة، واحتلّت الحرب الاسرائيلية المفتوحة في غزة والجنوب صدارة البحث عند بري والآخرين، وتناولا باسهاب اخطار التهديدات التي تصدر عن اركان الحكومة الاسرائيلية المصغرة وعلى رأسها بنيامين نتنياهو ضد لبنان اعتراضاً منهم على ما يقوم به “حزب الله” من اعمال عسكرية ودخوله في مواجهات تهدد عمق الامن الاسرائيلي على الحدود. ويكفي انه تسبب بنزوح عشرات الآلاف من المستوطنين في الشمال، ولن يعود هؤلاء الى منازلهم قبل اطمئنانهم الى ان الصواريخ اصبحت بعيدة عن رؤوسهم واماكن سكنهم، تلك النقطة التي لا تفارق اجندة كل الموفدين الغربيين جراء الضغوط على الحكومة الاسرائيلية.


كان لقاء الوفد “صعبا” مع رئيس المجلس نظراً الى التباعد في تقييم اسباب الحرب وارتداداتها على الارض مستقبلا حيث لم تتمكن اسرائيل منذ اكثر من اربعة اشهر من القضاء على القدرات العسكرية لحركة “حماس” ولا استعادة الاسرى، ولم يبقَ امامها إلا استعمال ورقتها العسكرية الاخيرة ضد الغزاويين في رفح. ولم يخفِ الوفد في نقاشه مع بري ان واشنطن لا تريد تمدد الحرب بصورة اكبر نحو لبنان مع تركيزهم على هواجس الاسرائيليين وما تعرّضوا له في قطاع غزة، فضلاً عن إبداء خشيتهم من الترسانة العسكرية لـ”حزب الله” وصواريخه وضرورة ابتعاد وحداته ولا سيما “قوة الرضوان” عن الحدود وتحديدا من منطقة جنوب الليطاني، وان اسرائيل وجيشها لن يقبلا باستمرار هذا المناخ العسكري في الجنوب والذي يهدد عمق امنها القومي.

ولم تختلف تحذيرات الوفد وتحت عنوان من باب مصلحة لبنان عما نقله وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا وقبلهم المستشار في البيت الابيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين عندما حضروا الى بيروت بعد 7 تشرين الاول الفائت. ولدى ابداء وفد الكونغرس حرص اميركا على أمن لبنان وضرورة تحييده عما يحصل في الاراضي الفلسطينية، جاءه الرد من رئيس المجلس: “أوقفوا الحرب في غزة أولا” على ان ينسحب هذا الامر على الجنوب. ولم يشأ الدخول مع الوفد في كل ما يجري تناقله من اوراق ومطالب في وسائل الاعلام تغلّب مصلحة اسرائيل في الدرجة الاولى ليدخل معه في شكل مباشر بالدعوة الى الكفّ عن كل ما يُطرح في هذا الشأن والعمل فورا على تطبيق القرار 1701 من دون زيادة او نقصان وعلى تثبيت مندرجاته التي لم تتحقق منذ عام 2006 نتيجة الخروق الاسرائيلية المتواصلة التي تعرفها واشنطن جيدا والعواصم الاخرى المعنية في مجلس الامن اولا.

وكان رد بلومنتال وكونز ان التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة او الدخول في هدنة يشكل فرصة للبنان لمنع تطور الاعمال الحربية وتصاعدها قبل حلول شهر رمضان، ولا سيما ان الحكومة الاسرائيلية واركان جيشها لم يحققوا بعد ما اعلنوا عنه منذ اليوم الاول لحربهم في غزة التي حوّلوها ركاما بعد كل المجازر التي ارتكبوها.
وناقش وفد الكونغرس كل هذه المواضيع مع الرئيس ميقاتي والوزير بو حبيب، وكرر مخاوفه من تفلت الامور في الجنوب حيث تحدث السناتوران عن “خطر حقيقي” يهدد لبنان والمنطقة. وكان الرد اللبناني الموحد ان اسرائيل “هي التي تعمل على جرّنا الى الحرب”.

وابلغ وزير الخارجية الوفد موقف لبنان نفسه حيال تمسكه بالـ 1701. وتناول معهما ايضا اخطار إقدام اميركا واكثر من دولة غربية ومانحة على وقف مساهماتها المالية في دعم وكالة “الاونروا” نظراً الى الارتدادات السلبية لهذا الاجراء على اللاجئين الفلسطينيين والدول المضيفة لهم، وخصوصا لبنان الذي يعاني ازمات عدة، وان الحلول التي يتعين ان تتوافر يجب ان تكون كاملة وليست مجتزأة.

في الخلاصة، ولو ان وفد الكونغرس لم ينقل تهديدا اسرائيليا بطريقة مباشرة، لكن لسان حاله كان على طريقة ان “عليكم الانتباه الشديد”.

المصدر – النها