كانت نتيجة التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الكبيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، من خلال تصاعد الأحداث والتحديات، والتي تلقي بظلالها على ساحة السياسة، والاقتصاد محلياً، وإقليمياً، ودولياً. بما ساهم في تغيير مسار حركة الشحن الدولي، حيث تم الإعلان من بعض شركات الملاحة الدولية بضرورة تحول حركة السفن من قناة السويس إلى ممر جديد خوفاً من هجمات الحوثي بمنطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وحيث إن الدولة المصرية قد تبنت رؤية ثابتة تجاه ما يحدث بالمنطقة واتخذت مواقف حازمة تجاه حفظ حدودها، وتأمين أرضها من أي جسم عدائي أو أي محاولات لاستفزازها أو استدراجها لدائرة الصراع خاصة من ناحية حدودها. فهل يمكن أن يكون هناك ارتباط بين هذا التحول والتوترات الإقليمية؟ وكيف يمكن إدارة هذه التحديات بفعالية وبتعاون دولي؟لكون آثار الحروب والتوترات بالمنطقة قد ينتج عنهم تسارع الأحداث وتشابك القضايا السياسة والاقتصاد، وربما كان من نتيجة تلك الاحداث تغيير مسار الشحن، بما يستحدثه ذلك من عوامل اقتصادية جديدة، وقد ينتج عنها خسائر كبيرة للدولة المصرية، وخاصة مع توقف شركات الشحن عن عبور البحر الأحمر بسبب الاعتداءات من جيش الحوثي. وربما نتج عن ذلك تأثر العلاقات الاقتصادية الدولية في ظل عدم وجود داعي قوي لتغيير مسار خطوط الشحن؟ومن خلال تلك الرؤية الشاملة للتحديات والتغيرات في حجم التداخل بالمشهد الحالي بين التحولات الجيوسياسية والتغييرات الديمقراطية والأمور الأمنية.
فإن إدارة هذه التحديات تتطلب تعاونًا دوليًا وحوارًا بناءً للحفاظ على أمن وأمان المنطقة واستقرارها، وضمان استمرارية سير التجارة الدولية بشكل فعّال وآمن. حيث تظهر لنا التحديات التي تواجه سير التجارة الدولية في باب المندب جليةً، لكون هجوم الحوثيين كعامل مؤثر على حركة الشحن والتجارة العالمية. قد وجه دفة الأحداث لتلقي بظلالها الاقتصادية، على توجيه شركات الشحن الكبرى لتغيير مسار عبورها لسفن الشحن عبر قناة السويس.
ومن ذات المنطلق يتصاعد السؤال هل هناك خطط محكمة تستهدف تغيير خريطة الملاحة البحرية؟ أو التسبب في تحقيق أضرار اقتصادية لمصر؟، ولماذا تتجاهل إسرائيل وأمريكا هجمات الحوثي دون أي رد فعل فوري وحاسم؟ وهل هناك مخططات مستقبلية قد تتسبب في تغيير المسار الاقتصادي والسياسي بالمنطقة؟
وفي ظل تلك التساؤلات يظهر لنا حجم التأثيرات الهائلة على حياة المواطنين واقتصاد الدول المعنية، وكذا على المجتمع الدولي والذي يجب أن يكون على استعداد للتعامل مع تلك التحديات وهذه المتغيرات، والبحث عن حلول دبلوماسية لضمان استقرار المنطقة وتحقيق سلامتها.
ومن خلال تناولنا بالتحليل لحجم المفارقات السياسية والتحديات الاقتصادية التي قد تنشأ عن هذا التغير الاستراتيجي. وهل هو نتيجة صدفة طارئة في ظل التطورات الديمقراطية؟ أم أن هناك تداخل استراتيجي يستهدف تحقيق أهداف سياسية محددة في المنطقة؟وحيث أن مصر تلعب دورًا حيويًا في سياق التحولات الراهنة. بين توترات الحدود وضرورة الاستجابة للتحديات الأمنية، ويتعاظم السؤال حول كيف يمكن إدارة هذه التحديات بفاعلية دون التأثير على حركة التجارة الدولية واستقرار المنطقة، وربما، يكمن التحدي الحقيقي حالياً حول تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والتحولات السياسية، مع الاعتراف بأهمية التعاون الدولي والحوار المستمر لضمان استمرارية الحياة الاقتصادية والاستقرار في هذا السياق المعقد.
وفي ظل تردد الأنباء حول تحول حركة الشحن الدولي، وتأثيرات ذلك على السياسة والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن هذا التغيير في مسار حركة الشحن الدولي يلقي اهتمام العالم بأسره. لكون قناة السويس التاريخية تعتبر أحد أهم الطرق المائية في العالم، فهي تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وتقدم أقصر مسار للسفن بين الشرق والغرب، من خلال موقعها الجغرافي الفريد مما يتيح من خلال الموقع الجغرافي الفريد لقناة السويس اختصار المسافة بين موانئ الشمال والجنوب، وتستمر القناة في تقديم خدماتها للسفن على مدار ساعات اليوم، وتتحمل عبور السفن ذات الحمولة الكبيرة، وهي مزودة بنظام لإدارة حركة السفن (VTMS)، مما يتيح متابعة حركة السفن والتدخل في حالات الطوارئ باستخدام تكنولوجيا الرادار والكمبيوتر، ولكل ما سبق تظل قيمة وأهمية قناة السويس في توفير الوقت، والتكاليف من خلال اختصار المسافات، وتوفير الوقت في الملاحة عبر قناة السويس، مما يساهم بتحقيق الوفرة في تكاليف تشغيل السفن، وإذا كانت تلك المؤشرات حقيقية لتغير مسارات التجارة الدولية فإن أثر ذلك قد يضر بسوق المال والأعمال.
ولكن يظل السؤال هل هي مصادفة أن يتم الإعلان عن نتيجة فوز فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتعبير عن إيمان هذا الشعب بحرية اختياره وثقته في قيادته السياسية ودعمه لسياسات دولته ورؤية قيادته ودعمه لرئيس الدولة في كل قراراته، خاصة في ظل ما تمر به المنطقة من تغييرات وأحداث تتصاعد فيها الاحداث بمنطقة الصراع العربي الإسرائيلي، والتي قد تؤثر على حركة الشحن، وتضر بالاقتصاد المصري؟ ولكن لماذا تزامن ذلك مع إعلان نتيجة الانتخابات، وفوز الرئيس السيسي؟ وهل يعد هذا التحول مصادفة، أم أنه جزء من استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهداف محددة حيث أن هذا الشعب قد نجح في الاختبار الأول من خلال تخطي الضغوط الدولية لإشعار هذا الشعب بأزمات يتم تصديرها إليه بشكل مباشر وغير مباشر من خلال وسائل الاعلام تارة ومن خلال تصعيد مشاكل الحريات وحقوق الانسان وضغوط شروط البنك الدولي والتلويح بضرورة تعويم الجنيه بما يشكل فزاعات قد تزعزع إيمان هذا الشعب وتفقده تأييده لقيادته، ولكن كانت جموع المصريين شاهد عدل يوثق حجم الايمان بدور المواطن الغيور علي وطنه في دعم قيادته، وإختيار من يمثله ليكون قائداً لأعظم شعب وجد علي هذه الأرض ومن هذا المنطلق كان الفوز الساحق لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي ختام هذا المقال، ندرك بوضوح قيمة ودور قناة السويس باعتبارها شريان يربط العالم بين الشرق والغرب. نظراً لموقعها الاستراتيجي ولحجم التسهيلات الكبيرة التي تقدمها لتسيير حركة السفن مما يجعلها مسار ملاحة للتجارة العالمية لا غني عنه، وبالطبع تتمثل قوة قناة السويس في مرونتها والتكنولوجيا المتقدمة التي تدعمها، مما يسمح بتحمل مرور سفن المتنوعة بحمولاتها المختلفة. ومن خلال نظام إدارة حركة السفن واستمرار الحركة البحرية ليلاً ونهارًا، وسوف تظل القناة تعمل كممر حيوي بلا انقطاع. في ظل وجود رؤية ودعم الدولة المصرية لخطط استراتيجية تعزز من دور وقيمة هذا المسار الحيوي للتجارة العالمية، بفضل الرؤية الاستباقية والإمكانيات التحديثية، والتي تميز قناة السويس في تسهيل حركة التجارة العالمية وتحفيز التنمية الاقتصادية، في ظل التحديات التي تواجه المجتمع الدولي، وسيظل الاعتماد على قناة السويس أمرًا ضروريًا لتحقيق التكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي. فالعالم أجمع يحتاج لهذا الشريان الملاحي لتحقيق الترابط بين الشعوب والدول، بما يمثل نموذجًا للتعاون الدولي في بناء مستقبل مستدام.