“من زمان المنظومة غسلت أيدها مني وأنا أصبحت كبش محرقة”، ربما كان الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، يُدرك جيداً انه هكذا سيكون حاله بعد إنتهاء ولايته، فدافع عن نفسه بهذه الكلمات.
ومع فرض 3 دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا عقوبات على سلامة، يبدو انه ليست المنظومة السياسية اللبنانية وحدها من تخلت عن سلامة، بل الادراة الاميركية أيضاً.
فبعدما كان سلامة لأيام خلت رجل أميركا الاول في لبنان، ويتمتع بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي، بحسب تصريحات السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، أفاد إشعار نُشر اليوم الخميس، على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت بأن الولايات المتحدة أصدرت عقوبات متعلقة بلبنان تستهدف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وآخرين.
كما فرضت الحكومة البريطانية عقوبات مماثلة على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وأضافت الحكومة البريطانية اليوم الخميس الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي رياض سلامة إلى نظام عقوباتها العالمي لمكافحة الفساد.
ورد سلامة على تلك العقوبات قائلا: “إنه يرفض الاتهامات الموجهة له مع العقوبات الجديدة التي تفرضها أميركا وبريطانيا وكندا ويتعهد بتحديها”.
ووفق المعلومات المتاحة فقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سلامة، الذي “ساهمت أفعاله الفاسدة وغير القانونية في انهيار سيادة القانون في لبنان”.
وأشارت الخزانة الأميركية في بيان لها إلى أن “سلامة أساء استغلال منصبه في السلطة، في انتهاك للقانون اللبناني، لإثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية للاستثمار في العقارات الأوروبية”.
وشملت العقوبات الأميركية، نجل الحاكم السابق لمصرف لبنان، نادي رياض سلامة، وشقيقه رجا، ومساعدته ماريان الحويك، وصديقته أنا كوزاكوفا، الذين “ساعدوا سلامة في إخفاء وتسهيل النشاط الفاسد”، بحسب تعبير الخزانة.
واشارت الخزانة إلى ان الولايات المتحدة تتخذ هذا الاجراء إلى جانب المملكة المتحدة وكندا، الشركاء الذين يشاركون الولايات المتحدة رؤية لبنان الذي يجب أن يحكم لصالح الشعب اللبناني وليس من أجل الثروة الشخصية وطموح النخبة اللبنانية.
وذكر البيان، أن سلامة ساهم من خلال استغلال منصبه، لأثراء نفسه وعائلته ورفاقه في انتهاك واضح للقانون اللبناني، بالفساد المستشري في لبنان وأرسى التصوّر بأن النخب في البلاد لا تحتاج إلى الالتزام بالقوانين نفسها التي تطبق على جميع اللبنانيين.
اما وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان إي نيلسون، فقال “نحن ننضم إلى المملكة المتحدة وكندا في فرض عقوبات على الحاكم السابق لأنه استخدم منصبه لوضع مصالحه وطموحاته المالية الشخصية فوق مصالح وطموحات الأشخاص الذين خدمهم، حتى مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان”.
وأضاف البيان: أنه “خلال السنوات العديدة الماضية، كشفت الجهود الدولية لتعزيز شفافية الشركات عن علاقة سلامة بالعديد من الشركات الوهمية والحسابات المصرفية في أوروبا ومنطقة البحر الكاريبي. بصفته محافظًا لمصرف لبنان، استخدم سلامة مكتبه للانخراط في مجموعة متنوعة من مخططات الإثراء الذاتي غير القانونية بمساعدة أفراد الأسرة المقربين والمعاينين”.
واوضح انه في “في أحد المخططات، استخدم سلامة بمساعدة شقيقه، رجا، شركة “فوري اسوسييت” وهي صورية مملوكة من قبل الاخير في جزر فيرجن البريطانية، لتحويل ما يقرب من 330 مليون دولار من المعاملات المتعلقة بمصرف لبنان. كجزء من هذا المخطط، وافق سلامة على عقد يسمح لشركة شقيقه بالحصول على عمولة على مشتريات الأدوات المالية من قبل بنوك التجزئة اللبنانية من مصرف لبنان، على الرغم من أن شركة رجا لم تقدم أي فائدة واضحة لهذه المعاملات وتجنب العقد تسمية فوري اسوسييت، أو مالكها. ثم قام سلامة وراجا بتحويل هذه الأموال إلى حسابات بنكية بأسمائهما الخاصة أو أسماء شركات وهمية أخرى. وانضمت مساعدة سلامة الأساسية في مصرف لبنان، ماريان الحويك، إلى سلامة ورجا في هذا المشروع عن طريق تحويل مئات الملايين من الدولارات، أكثر بكثير من راتبها الرسمي في مصرف لبنان من حسابها المصرفي إلى حساب سلامة ورجا”.
وبحسب البيان “تم تحويل الأموال بشكل متكرر إلى عدد من شركات إدارة الممتلكات في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وبلجيكا التي تم تسجيلها باسم نجل سلامة، نادي، أو شريكة سلامة السابقة، أنا كوزاكوفا. كان نادي هو المسؤول العام المسجل في الشركات المسجلة في لوكسمبورغ التي استخدمت شركات تابعة في ألمانيا وبلجيكا لشراء عقارات تجارية راقية بقيمة عشرات الملايين من الدولارات. أما في فرنسا، فقد امتلكت أنا شركات تلقت أموالًا من فوري واستخدمت هذه الأموال لشراء عقارات فاخرة، بما في ذلك شقق لآنا وسلامة في أحد أكثر الأحياء رواجاً في باريس، ومبنى إداري في شارع الشانزليزيه حيث يوجد مكتب للمصرف المركزي، مساحة مستأجرة لمركز استمرارية العمليات”.
ويختم البيان “استخدم سلامة أيضاً شركات وهمية في بنما وصندوق ائتمان في لوكسمبورغ لإخفاء هويته حيث اشترى أسهماً في شركة عمل فيها ابنه، نادي، كمستشار استثماري، ليبيع تلك الأسهم لاحقاً إلى بنك لبناني خاضع لرقابة مصرف لبنان. ويمثل هذا البيع تضارباً في المصالح وكذلك انتهاكاً محتملاً للقانون اللبناني الذي يحظر على موظفي مصرف لبنان الاستفادة من أعمال خاصة أخرى، والتي تم سنها لضمان تطويرها”.