الطلاب اللبنانيون في أوكرانيا: المجازفة الخيار الوحيد

كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: «عادت الروح»، أخيراً، إلى والد مريم ونور درويش بعد ساعات عصيبة من حبس الأنفاس فقد خلالها الاتصال بابنتيه اللتين تدرسان في مدينة دنيبرو الأوكرانية، بعدما اطمأن إلى أنهما استقلتا القطار باتجاه مدينة لفيف التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن الحدود مع بولندا حيث لا تزالان تنتظران في الباص الذي سيقلهما إلى «المعبر». لكن قلب الوالد، القلق على مصير ابنتيه، لن يبرد قبل أن تعودا إلى منزله في عكار، لا سيما أن رحلتهما إلى لفيف «كانت مرعبة ومتعبة، إذ أصيبت نور (18 سنة) في قدمها، واضطرت للهروب مع شقيقتها، والسير لأربع ساعات قبل أن تعاودا ركوب القطار ثانية».

لا حل أمام الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا سوى المجازفة على الطرقات للوصول إلى بر الأمان عند الحدود مع الدول الأوروبية المجاورة.

الانتظار ليس خياراً وارداً لدى كثيرين في ظل عدم تحديد وزارة الخارجية اللبنانية حتى الآن موعداً ثابتاً لإجلاء الجالية اللبنانية.

وبحسب نائب رئيس أكاديمية خاركوف الطبية للدراسات العليا، عباس قعفراني، يتجاوز عدد الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا الـ1100، نصفهم يدرسون في خاركوف، ويتوزّع الباقي في عدد من المدن الصغيرة المجاورة للمدينة مثل دنيبرو، بلطافا، سومي، وزاباروجيا، إضافة إلى العاصمة كييف ولفيف.

ومع أن القسم الأكبر من الطلاب لا يزالون قابعين في الملاجئ ومحطات المترو، «إلا أن معظمهم يفضلون المخاطرة وليست لديهم ثقة بأن عمليات الإجلاء ستتم في وقت قريب»، كما قال قعفراني، مشيراً إلى «أنّنا نساعد المجموعات الطلابية التي تقرر المغادرة في حجز بولمانات إلى الحدود مع بولندا التي تبعد 1000 كيلومتر عن خاركوف، وتستغرق 3 أيام بسبب الزحمة».

الكلفة تضاعفت 5 مرات، إذ بات صاحب الحافلة يتقاضى 500 دولار بدلاً من 100 دولار في الأوضاع الطبيعية.
الطريق التي سلكها نجلا عضو جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج شكري حمادة، اللذان يدرسان في لفيف، كانت أكثر أماناً، وإن كانت الرحلة طويلة واستغرقت 15 ساعة للوصول إلى الحدود البلغارية ومن ثم الحدود الرومانية «حيث حلت المبادرات الفردية مكان السفارة اللبنانية هناك، إذ لم يكلف أي من موظفي السفارة نفسه بالحضور إلى الحدود للوقوف على أوضاع الجالية اللبنانية، في حين تولت جمعيات أهلية ومنظمات دولية المساعدة في إجلاء الطلاب، وأتى طلاب لبنانيون من دول أوروبية مجاورة رافعين الأعلام لنجدتهم».


ثمة مشكلتان تعترضان الطلاب اللاجئين إلى الدول المجاورة: الأولى، إمكان حجز رحلة استثنائية من بولندا أو رومانيا أو إيطاليا إلى لبنان بالتنسيق بين وزارة الخارجية اللبنانية والسفارات، والثانية الأوضاع المالية الصعبة لأهالي الطلاب وعدم القدرة على دفع تذكرة السفر، فيما ينتظر الأهالي، كما قال حمادة، الإفراج الفوري عن المساعدة التي قدمتها إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) والمحجوزة في مصرف لبنان منذ 3 أسابيع، وهي عبارة عن 800 دولار لكل طالب.

مصادر السفارة اللبنانية في أوكرانيا أشارت إلى أن «الوضع صعب جداً والأمور تتأزم يوماً بعد يوم، إذ ليس هناك مكان آمن في أوكرانيا ويتعذر على السفارة جمع الطلاب في مكان واحد».

وأضافت أن «هناك ضغطاً كبيراً على الحدود مع الدول المجاورة، والأمل هو في إعلان هدنة حتى يمكن تسيير قافلة الإجلاء».

فيما ينفي المحامي نهاد سلمى الذي يتابع أوضاع ابنة شقيقه ورفاقها صحة ما يصدر عن الخارجية اللبنانية من بيانات لجهة تكليف الهيئة العليا للإغاثة بمتابعة الموضوع، و«كل ما يحصل يجري بمجهود شخصي وطوعي من الطلاب».

المصدر: وكالة وطنية