هل سينتهي نظام العمل لثماني ساعات بعد الجائحة؟

لا بدّ أن كلّ عامل(ة) بدوام كامل سأل(ت) عن أصل نظام العمل المُحدّد بثماني ساعات، والمتبع في الوظائف والأعمال؟
 

نظام الثماني الساعات

قرّر المؤتمر العام لـ”منظّمة العمل الدوليّة”، والذي انعقد في واشنطن في 29 أكتوبر 1919 م. بناء علي دعوة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكيّة، اعتماد بعض المقترحات المتعلّقة بتطبيق مبدأ تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يوميًّا أو بثمان وأربعين ساعة أسبوعيًّا (في الصناعة). كما قرّر أن تأخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، لتصدقها الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية وفقًا لأحكام دستور المنظمة، مع تعيين تاريخ بدء النفاذ بـ13 يونيو 1921م. 

• سنّ هنري فورد، مؤسّس شركة فورد لصناعة السيّارات، والذي كان متأثرًا بالنقابات العمالية، قانونًا في عام 1926م، فرضه على بعض موظفيه، ينص على العمل لثماني ساعات. وبسبب مكانة فورد آنذاك، حفّزت الخطوة نقاشًا وطنيًّا، وذلك لأنّ العديد من الأمريكيين الذين يعملون في المجالات التصنيعية، كانوا يعملون لمدة 10 إلى 12 ساعة قبل قرار فورد. لذا، فقد أقرّ يوم العمل المكون من ثماني ساعات من أجل حماية العمال الذين شغلوا وظائف أتت بها الثورة الصناعية آنذاك.
•  في دراسة مسحيّة تناولت نحو ألفي موظّف في بريطانيا عام 2016م، ورد أنّ الموظف المنتج لا يعمل لأكثر من 3 ساعات، فيما يقضي الساعات الباقية من الدوام في تصفّح الشبكة العنكبوتيّة وتفقد “الموبايل” وتحضير الوجبات أو مناقشة أمور غير متعلقة بالعمل مع الزملاء…


مطالبات عالميّة

يرى مختصّصون أنّ التكنولوجيا والعولمة والاستعانة بالمصادر الخارجيّة، كلّها عوامل جعلت العديد من الوظائف الصناعية التي سنّ القانون من أجلها لم تعد موجودة، ما يحثّ على السؤال الآتي: هل ينبغي على الشركات اليوم أن تُعيد النظر في تصميم قانون آخر يتعلق بساعات العمل وفق المتغيّرات الحديثة؟
بعد مرور أكثر من مئة عام على قرار فورد، يرى عدد متزايد من الموظفين والناشطين أنّ الثماني ساعات لم تعد ذات جدوى، فعلى ثورة الذكاء الاصطناعي أن تسهّل  حياة البشر. ورعت هذه المطالبة مجموعة من الشركات الجريئة في العالم الغربي، والجمعيات والاتحادات العمّالية، إذ أنَ المغزى من العمل في عصرنا الحالي هو الإنتاجيّة، فكل موظف لديه مجموعة من المسؤوليات والواجبات التي ينبغي عليه أن يؤديها، فإذا أتمّها، لماذا ينبغي عليه الانتظار حتى قضاء الثماني ساعات؟

هل سينتهي هذا النظام؟


 فرَض الوباء العالمي “كوفيد- 19” قيودًا على العمل، فانتقل كثيرون إلى العمل عن بعد (من المنزل)، الأمر الذي أجبر كبريات الشركات إلى إعادة النظر في ما إذا كان العمل الاعتيادي لا يزال هو الحل الأفضل لتحقيق أهداف المنظمات بموازاة الاحتياجات الفردية للأشخاص؟ وعلى الرغم من أنّ الكثيرين تملّكتهم المخاوف حول قلّة الإنتاجية والإبداع والتعاون التي قد تنجم عن هذا التوجه الجديد وهو العمل عن بُعد، إلّا أنّ الكثير من المدراء اقتنعوا بأنّ الموظفين قد يبذلون أقصى جهودهم أثناء تسجيل دخولهم لأجهزتهم في وقت متأخر من الصباح نظرًا لتمتعهم بقسط كاف من الراحة.


الجدولة المرنة


وعلى الرغم من ذلك، لم يبدو العمل عن بُعد خيارًا مناسبًا لبعض الوظائف، إلّا أنّ الخبراء ينصحون مدراء الشركات ورؤساء الأقسام بضرورة الجدولة المرنة لساعات عمل الموظفين… فقد يقرر الموظف العمل لمدة 12 ساعة، عندما يتطلّب الأمر ذلك، أمّا في أيّام أخرى حين تقلّ المسؤوليات فيكتفي بأربع ساعات. وفي المحصّلة النهائية، يقوم الموظف بعمله على أكمل وجه، ويزيد الولاء إلى المنظّمة (الشركة) في آن واحد.

المصدر: ” سيدتي “