كم من سنواتٍ مرّت ولا تزالُ شابًا نابضًا بالحياة – بقلم: كريستابيل نجم

إستفاقت عينايَ على وتر الأبوّة، بحضنٍ مؤبدٍ يكتنزُ الرّجولة، فقلتُ أبي وثغري لا يعرف النطق فحمَلني وغَدى بي كالذكرى الّتي تلوح وتلوج أطيافَ المحبةِ والأمان فأنا ابنته الغالية على الدّوام. أبي وإن أحببتَ أحدًا أكثر منّي أنكرُ ذاك الكلام فما من حبٍّ أعظمَ من الأبِ لابنته ولا يعرف الزوال. أبي إن عشقتُ الحياة فعلّمني كيف أطيرُ بأجنحةٍ فتّاكة حتّى أختارُ رجلًا يشبهُك شهامة. ربّي جعلَ من الأبِ أسطورةً للكفاح ليعملَ بكدٍ ويعيل عائلته كي لا يصحبوا جياعًا. أبي يشبهُ عظماءَ الأدبِ والفلسفةِ فقد منحَني العلم، الفكر وأسرار الرونقة، علّمني على أن تكون القوةَ والعزيمةَ سلاحي الوحيد وأن أجتازَ المصاعبَ وأشقَّ طريقها بعيدًا عن مملكتي فأستريح. كم من سنواتٍ مرّت ولا تزالُ شابًا نابضًا بالحياة أودعني عزّة النّفس والكرامة فبادلته الوفاء. وحين حملتُ شهادتي الجامعيّة للمرّة الأولى بكيتَ فرحًا، حملتَني عاليًا ومن ثمّ نظرتَ إليَّ بتأنٍ وكأنّني أعظمَ كائنًا على هذه الأرض مكللًا بالفخر والنجاح وبحبكَ متغنٍ. وأنت بجانبي لا أرهب السقوط في بئرٍ من الشوك والسيول، لا أخاف خوضَ نزاعٍ مع المشقّات والسدّود، فأنا على يقينٍ أنّك من سينتشلُني من هذا البئرِ بسرعةٍ و بلا أيّة ردودٍ. أبي ومن راهنكَ بوعدٍ كان قد خسرَ الرِّهانَ فأنت لا تستسلم ولا تحاكي الغدرَ والنسيان، فعدني بأن تبقى بجانبي مطولًا وأن تُعلِّمَ أولادي الحبَّ والمثابرة.

كلَّ عامٍ وأنت بخيرٍ يا أبي !