أخبار عربية – مقالات
كريستابيل نجم
أمّاه لا تبكِ فدمعُكِ غالٍ دعيهِ في مقلتيكِ، خزنيه ليومِ رجوعي، خبئيه في جرارٍ، عتقّيهِ كالنبيذِ وازرفيه فرحًا. دعيه يهطلُ كالأمطارِ على ترابِ بيروتَ الأحمر، اترُكيه يروي أرضَها العطشى المنكوبة من سنين.
واجعلي من دمعكِ أمّاه ينبوعًا يتفجرُّ بالحنينِ فينبتُ النرجسُ، الزنبقُ والأقحوان، ضُمّيها باقةً واربطيها بشريطِ الشوق، احمِليها إلى هناكَ إلى آخرِ الدربِ الضّيقة إلى حيثُ يرقدُ الشهداء الراحلين إلى الخلود.
أمّاه، نظرتُ لأرى لبنان بين الجموعِ ولكنّني لم أرَه. بكى قلبي من فرطِ حزني كما بكى الطفلُ من الجوع، بكى لبكائي الحجرَ ورقَّ لحالي الصخر، انهمرَت الدموعُ من عينِ الجماد كما ينهملُ المطر.
أَتركُ أفكاري لتسافرَ بين النجومِ عندما يحلو لي السهر، سألتُ ما بكم يا أيّها القومُ فكان الصمتُ جوابي فهل ينطقُ الحجر؟ نعم، أصبحتُم جمادًا فما عدْتم من البشر، كرهتُ الزمنَ إلّا البكاء والسهر .
أمّاه، أستودعُك روحي الغالية، هلُّمي إلى شوارعَ بيروتَ منتصرة، كلِّليها بالورودِ والزغاريطِ مبتهجة، فعروسُ لبنانَ ولَدَت شهداءَ الوطنِ وكرَّست حياتَها للثورة لتضمحلَ الفِتن. واسلِمي هذي الروحَ لقوميَ المفجوعِ وباركيه بيديكِ المقدسَتَيْن فيستمرُ النضالُ بالصلاةِ والخشوع. تحيةً إلى شهداءِ الوطن…