اعتداء على الصحافيين في مطار بيروت.. والحكومة “تشحد” الدولارات من المغتربين

أخبار عربية – بيروت

تعرض بعض الصحافيين اللبنانيين، الأربعاء، لمضايقات من قبل جهاز أمن مطار بيروت خلال تغطية اليوم الأول لفتح أبواب المطار أمام الوافدين من الخارج.

وأفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية أن إشكالاً وقع بين عدد من الإعلاميين وجهاز أمن المطار، بسبب عدم السماح لهم بتصوير الوافدين أثناء خضوعهم لفحص “PCR” الخاص بفيروس كورونا المستجد.

وتأمل حكومة بيروت، من خلال إعادة فتح المطار جزئياً عقب فرض تدابير إغلاق بسبب وباء “كوفيد-19” قبل ثلاثة أشهر، في عودة آلاف المغتربين اللبنانيين خلال فصل الصيف، وجلب دولاراتهم الضرورية لدعم الاقتصاد المنهار.

لكن رجال أعمال لبنانيين كانوا يرسلون أموالهم إلى وطنهم لسنوات، قد لا يكونون على استعداد للقيام بذلك هذا العام.

ويشعر كثيرون بالذعر من تعامل النخبة الحاكمة مع الانهيار الاقتصادي والمالي غير المسبوق في لبنان، والغضب من المصارف المحلية التي تحتجز ودائعهم الدولارية كرهينة.

وتوقف معظم هؤلاء عن إرسال الأموال، باستثناء مبالغ صغيرة لإعالة أسرهم.

وفتح المطار بنسبة 10% فقط من حركة الطيران السابقة. ويقتصر عدد الرحلات اليومية على 20 رحلة بمعدل 2000 راكب يومياً.

ويعول المسؤولون على عودة الحركة السياحية إلى البلاد خلال فصل الصيف مع اتخاذ هذا الإجراء، إلا أن مسافرين اشتكوا من أسعار بطاقات السفر المرتفعة.

“لا تحضرون قرش واحد إضافي”

في المقابل، يفكر آخرون في قطع العلاقات تماماً مع دولة يصفونها بـ”الفاسدة”، ويقولون إنها “سرقت مستقبلهم”.

وقال حسن فضل الله، الذي يعيش في الخارج منذ عام 1997، لوكالة “أسوشيتد برس”: “إذا كنت لبنانياً تفكر في زيارة بلدك هذا الصيف، فستفكر في إحضار ما تحتاج إلى إنفاقه فقط أثناء وجودك هناك، وعدم إحضار قرش واحد إضافي”.

وأضاف: “أشك في أن أي شخص يفكر في الاستثمار في الاقتصاد، خاصة عندما تعلم أن المتلقي لا يستحق هذه المساعدة”.

فبعد أن كان منارة لنمو السوق الحرة والعيش الكريم، يعاني لبنان الآن من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث.

فقد فقدت العملة المحلية حوالي 80% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء منذ أكتوبر الماضي، ولا تزال تتدهور يومياً.

وفرضت البنوك قواعد صارمة على عمليات السحب، والتحويلات للدولار الأميركي.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وعاشت شركات وأسر حالة من الفوضى، واختفت الرواتب والمدخرات بسرعة، وارتفعت معدلات البطالة.

وفي أكتوبر 2019، انفجر الإحباط العام وتحول إلى احتجاجات حيث طالب المتظاهرون برحيل القيادة بأكملها. ويخشى محللون الانزلاق إلى العنف، وسط تصاعد الفقر والتوترات الطائفية.

وتعثرت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ بسبب عدم القدرة على تنفيذ تعهدات بمكافحة الفساد، وتنفيذ إصلاحات.

اللبنانيون في الخارج

ولسنوات، ساعد ملايين اللبنانيين في الخارج في الحفاظ على اقتصاد بلادهم، عن طريق إرسال حوالات بلغت 12.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

والآن، يطلب منهم السياسيون المجيء، وإنقاذ لبنان مرة أخرى. فقد دعاهم رئيس الوزراء حسان دياب، الثلاثاء، إلى القدوم للبلاد بـ”الدولار”.

فيما اقترح سمير جعجع، زعيم حزب “القوات اللبنانية”، كل عائلة مغتربة في الخارج إلى “تبني عائلة في لبنان” مقابل 200 دولار شهرياً لدرء الجوع.

وأثار أحد نواب البرلمان حالة من الغضب بقوله إن لبنان أصبح الآن “رخيصاً”، وذلك بسبب محاولته جذب المغتربين والسياح بعد انهيار العملة. لكن زيارات الوطن هو تقليد صيفي للمغتربين في لبنان.

ويتوقع نبيل بو منصف، رئيس تحرير صحيفة “النهار” اللبنانية، زيارة عدد محدود للغاية من اللبنانيين، وأن أي أموال سيجلبونها سيحتفظ بها أقاربهم مثل “الذهب”، بدلاً من ضخها في الاقتصاد.

وقال: “إن اللبنانيين يتعرضون لسرقة منهجية ومنظمة من قبل الطبقة الحاكمة والمصارف على أساس يومي. لذلك، لا أحد يريد المساهمة في هذه الدورة بعد الآن”.

رجال أعمال ومشاهير

ولبنان، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، يفخر بجالية المهاجرين، بما في ذلك العديد من رجال الأعمال الناجحين والمشاهير.

ومن الأسماء الشهيرة قطب الأعمال المكسيكي كارلوس سليم، والمطربة الكولومبية شاكيرا، والممثلة المكسيكية الأميركية سلمى حايك، والمحامية اللبنانية البريطانية أمل كلوني، ومصمما الأزياء إيلي صعب وريم أكرا.

ومن بين هؤلاء أيضا رئيس “نيسان” السابق سيء السمعة كارلوس غصن، الذي فر من اليابان إلى لبنان العام الماضي.

ويبلغ حجم الجالية اللبنانية في الخارج نحو ثلاث أضعاف اللبنانيين في الداخل. وتوجد جاليات لبنانية كبيرة في كل مكان، من أستراليا وأفريقيا إلى كندا وأميركا اللاتينية وأوروبا. فيما يعمل حوالي 400 ألف لبناني في دول الخليج.

وقد ساعدت أموال الجالية اللبنانية في الخارج على انتعاش الاقتصاد المحلي.

وساعدت البنك المركزي على الحفاظ على استقرار الليرة عند 1507 مقابل الدولار منذ عام 1997، وذلك بفضل الاقتراض الكبير بمعدلات فائدة عالية. وشجع ذلك المغتربين على إرسال الأموال إلى الوطن، وشراء العقارات، والإيداع في البنوك المحلية.

الدولار بـ9 آلاف

وارتفع سعر صرف الدولار الأميركي إلى 9 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء (السوق الموازية). وقد أدت ضوابط رأس المال الجديدة إلى حبس الدولارات في الحسابات المصرفية، مما وحد غضب الأغنياء والفقراء على حد سواء.

وتحدث العديد من المغتربين، على وسائل التواصل الاجتماعي، عن كيفية إرسال الأموال إلى الأقارب دون المرور عبر متاجر الصرافة والبنوك المحلية.

وقال إيلي فارس، وهو طبيب لبناني مقيم في فيلادلفيا: “أنا بالتأكيد لن أسلم أموالي التي حصلت عليها بشق الأنفس لحكومتنا الفاسدة على طبق من الفضة حتى يتمكنوا من إدامة فسادهم”.

وفي تغريدة له على “تويتر”، أبدى فارس حزنه لاعتماد والديه، اللذين أفنيا حياتهما في لبنان، الآن على ابنهما المغترب.

وكتب: “كنت أتحدث مع والدي عبر الهاتف قبل يومين. أمي لم تراني منذ أكثر من عام، وكل ما قالته لي: الحمد لله أنك غادرت، لا مستقبل هنا. انفطر قلبي عندما شعرت بالانكسار في أصواتهم”.

موجة هجرة مرتقبة

ويخشى الكثيرون الآن من موجة جديدة من الهجرة من قبل الطبقة الوسطى في لبنان، بمجرد أن تهدأ جائحة الوباء ويتعافى الاقتصاد العالمي.

وقال مقدم البرامج التلفزيونية ريكاردو كرم، الذي أجرى مقابلات مع مجموعة من المغتربين الناجحين، إن الشباب الموهوبين ونخبة الأعمال في لبنان ممنوعون من النجاح في بلادهم.

وأضاف: “وسط هذا الانهيار.. أشعر بالحزن لعدم وجود رؤية للاستفادة من هذه النخبة. بدلاً من توجيه السفينة، تُرك الدفة لأولئك الذين سيدخلون في مزبلة التاريخ”.