أخبار عربية – حصاد عام 2018
اقترب عام 2018 من بلوغ منتهاه ما دفعنا إلى التوقف لتأمل الحالة العربية الراهنة بالرصد والتحليل، ولابد أن نقرر بادئ ذى بدء أن العام 2003 أى منذ خمسة عشر عاماً يعتبر عاماً فاصلاً فى التاريخ العربى الحديث وترتبت عليه تداعيات وانكشفت حقائق فى السنوات اللاحقة له، لأن هذا العام تحديداً كان بمثابة القشة التى قصمت ظهر «البعير» حيث رفع الستار عن أبعاد «الكارثة»، التى تطورت واستفحلت لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد خاصة اعتباراً من أواخر العام 2010 حيث خيم ما سمى الربيع العربى على المنطقة!
وبنى على هذه الكارثة كل أحداث المنطقة العربية واعتبر الغزو الأمريكى للعراق بالتعاون مع بريطانيا بعد نحو سبع سنوات «نقطة بداية تنفيذ الخطة» وقد طرح آنذاك سؤال هل الغرض من هذا الغزو كان إسقاط نظام حكم الرئيس صدام حسين فقط تحت ما تردد عن امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل؟ أم أن هناك أهدافاً أخرى مستترة، ولا سيما وقد ثبت بعد سنوات قليلة أن هذا الزعم لم يكن سوى أكذوبة كبرى خططت لها الحكومتان الأمريكية والبريطانية؟
إن تطورات الأحداث السياسية خلال الأعوام التى تلت عملية سقوط بغداد أوضحت أن نظام صدام لم يكن الهدف بقدر ما كان المقدمة للعبة كبيرة يتم من خلالها استنفاذ القوة العربية وتفكيك أوصال العالم العربى بتفتيت دوله من خلال إضعاف القوى منها والإجهاز على الضعيف فيها ثم تحويله إلى منطقة ملتهبة تنشغل بصراعات داخلية وحروب أهلية وقد أدت إلى تعطل برامج وخطط التنمية فى الدول المستهدفة بخلق حالة عدم الاستقرار فيها وبات واضحاً أن المستقبل المنظور – على الأقل – فى هذه المنطقة من العالم قد صار غامضاً إلى حد كبير!
ولعل نظرة سريعة لخسائر غزو العراق تؤكد أن هناك مخططاً مدروساً حيكت وتحاك خيوطه ضد عالمنا العربى حيث أوضحت الإحصاءات الموثقة للخسائر البشرية والمالية التى سببها العدوان الأمريكى على العراق أن عدد القتلى من العراقيين بلغ مليوناً و455 ألفاً و590 مواطناً عراقياً، فى حين بلغ عدد القتلى من العسكريين الأمريكيين 4801 ضابط وجندي وقتل 3487 عسكرياً من صفوف الحلفاء الآخرين وتكلفت الحرب على الجانبين تريليوناً و705 مليارات و856 مليون دولار، وتقدر خسائر الوطن العربى وحده بـ 830 مليار دولار! (حسب التقديرات الرسمية الصادرة عن الجانب الأمريكى)!
أما فيما يتعلق بسوريا فتشير تقديرات محايدة إلى أن عدد ضحايا الحرب الأهلية السورية تجاوز أكثر من نصف مليون شخص مدنى منذ عام 2011 غير العسكريين، وكان مبعوث للأمم المتحدة فى سوريا قد قدر عدد وفيات الحرب بحوالى 400.000 قتيل عام 2016، ونتساءل من المسئول عن عملية سفك الدماء العربية بهذا الشكل؟
وليس خفياً على أحد أن الولايات المتحدة قد أعطت إشارة البدء لانطلاق عصر الإرهاب الذى يضرب عالم اليوم ويقض مضاجع البشرية، ولم يكن ليتحقق ذلك إلا بخلق الظروف الملائمة لاستنساخ كيانات إرهابية على غرار طالبان والقاعدة، ومن بينها تنظيم الدولة المسمى «داعش».. وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله.