عبدالله غطاس يتحدث عن تجربته في الكتابة و”علم الضياع”

أخبار عربية – بيروت:

تحدث الكاتب اللبناني ​عبدالله غطاس عن مسيرته الكتابية في حوار أجراه معه موقع “أخبار عربية”.

كتابه الجديد “علم الضياع” شهد ردة فعل غربية من القراء، حيث لم تكن إيجابية بالكامل نسبة إلى اختيار المفاهيم المتخصص، لكن هذا الأخير لم يندم إلا على عدم قيامه بمقدمة لتفسير العنوان بكامله.

علم الضياع ليس اختياراً فنياً، بل اختيار مفهومي وفلسفي بحت، إنها حالة إنسانية من التشويش وعدم فهم الذات. الأفكار الشاعرة في هذا الكتاب هي مفهوم أتى لعدم الفصل مجدداً بين الفكر والشعور، الفكر كطريقة لفهم الإنسان والشعور كطريقة تلقائية سريعة للإحساس بالإنسان. وقد أشار إلى أن المعنى هو الذي يعطي الإجابة.

لن ننسى ذكر أن لعبدالله كتابين آخريين هما “الكرة الأرضية تتكن على الوتر” و”عندما يبدء الإنسان”.

وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة:

درجة الوعي عند الشاعر تتجلى بخطورة الانتساب بصدق للقصيدة، يجعله يتهيب للسفر في مجهولها. كيف يستطيع الشاعر أن يتق شراسة المصافحة الأولى مع النص لحظة الكتابة؟

على القصيدة أن تكتشف شيء جديد، أو أن تجعل من الشاعر يطلع على أمرٌ مثير كي ينتسب هو لها. القصيدة تنتمي إلى الشاعر وتنتمي إلى تراثه. ينتسب المرء أو الكاتب إلى القصيدة حين تسمح له هذه الأخيرة اكتشاف منطقة مجهولة من وعيه. أما المصافحة الأولى، التي تعني الكثير للكاتب، هي عملية “خلق”، فمن خلال الفن يتجاوز المرء نفسه كي يصل لمرحلة الإبداع.

هدفي هو أن تتجاوز القصيدة العلاقة الموضوعية. فالمصافحة الأولى هي أشبه بآخر رجفة “ويسكي”، لأنها هي سبب إعطائنا شعلة الإبداع المليئة بالنشوة، وبطبيعة الحال مليئة بالمعنى، بالفرح.

ما هو الباب الذي تفتحه القصيدة لك سريعاً عند لقائك بها في منحدر اللغة، “باب الطفولة، الحنين، الحب، النسيان، المرأة ..” وهل للشاعر في أبوابه أسرار وألغاز؟

من الأفضل أن ينتقل التشبيه من باب إلى شاطئ. عندما نكتب القصيدة، بالفعل لا نعود مسؤلين عنها، أي أن الباب يختفي، فقصيدة واحدة تستطيع أن تترجم لنا جميع الأبواب في آن واحد، كلمة واحدة مثل “بحر” أو “سكر” أو “مكتبة”.

علينا إذاً تخطي المحدوديات لسبب بسيط وهو أن المحدوديات تسبب لنا التقاء الوهم، والوهم هو الإنغلاق على النفس والإيمان بحقيقة واحدة فقط. أما السر فهو ملازم للكتابة، فالكتابة هي أحد ممارسة الأسرار، وأيضاً هناك طقوس للكتابة.

هل القصيدة قلعة الشاعر التي يحتمي فيها، وبداخلها عواصف الحزن والإغتراب والشجن ، أم نافذة يطل منها على أشياؤه السرية و الحميمة؟

القصيدة ليست قلعة، هي أشبه ببرية كونها مليئة بالمخاطر، بالشعور الإستوائي، كونها تصطدم بالواقع.

القصيدة رسالة مفتوحة للعالم، وأنت تكتب هل تفكر بالقارئ؟

لا أدري إن كان أمراً سليماً، لكنني لم أكتب للقارئ أبداً، كما لم أكن موجهاً الكتابة لنفسي. نوع الكتابة التي أمارسها ليست كتابة رسالية، أي ليست رسالة، بل هي معرض أو لوحة، فأنت تختارين الكتاب بحسب اختبار.

سألجئ هنا إلى تشبيه القصيدة إلى موجة، هذه الصورة قد تعني شيئاً ولكن فهمك لها قد يعني شيئاً آخر، لهذا نرى وجود الكثير من القراء الذين ينتقدون عظمة شاعر معين.

يقول مالارميه: “القصيدة سر، و على القارئ أن يبحث عن مفتاح”. هل للقصيدة أسرارها الخاصة مثل عاشقة في منتصف الغواية؟ وهل لا بد للقارئ العاشق أن يدخل أبوبها؟ ويبحث عن مفاتيح خاصة بها؟

لا يوجد مفاتيح للقصيدة، وهي ليست سر فنحن نظلمها إن أطلقنا عليها هذة التسمية، لأن القصيدة هي أعمق من السر.

داخل كل شاعر طفل ما، هل طفلك الساكن في أعماقك مشاغب أم مدلل؟

طفلي مشاغب و بشدة. بحسب نيتشه، سوف نضيئ على موضوع هنا: البشرية بمجملها تشبه الجمل الذي في الصحراء يركع كي يحمل جميع الأمتعة أي المعلومات، ثم يقف صامداً و يكمل في الصحراء أي الحياة، هذا الجمل في مكان ما سيخضع لتحول، سيتحول إلى أسد يرمي كل الثقل عنه ويحطم كل فكرة وكل شخص يظهر أمامه. لاحقاً سيتحول إلى “الطفل”، طفل يملك البراءة الإبداعية.

عملية اختيار الدواوين و القصائد صعبة ، وأحياناً تؤرق الشاعر، كيف تختار عناوين قصائدك، وهل من طقوس معينة في الإختيار؟

ليس هناك قوانين، إنها عملية نسبية بامتياز.

ما هو احساسك بعد الإنتهاء من كتابة القصيدة؟

أبتسم.. أبتسم بسمة نادرة!

ما هو الكتاب الذي قرأته وأثر في مخيلتك، وتجربتك في الحياة والكتابة؟

كاتبان أقرأ لهم وأستمتع، و هم: “نيتشي” و”ماركس”. نيتشي لفلسفة الحياة العظيمة التي صاغها، والكتاب الأساسي الذي زخرف وعيي، هكذا تكلم زارادشت. ماركس بالنسبة لي هو أهم من نيتشي، والذي صاغه هو نظرية التاريخ لتحويل المجتمع، أي نظرية تشمل الحياة دون أن تدخل في تفاصيل هذه الحياة.

هل تخاف من الموت ؟

الموت يعنينا ويعنينا كثيراً.

الحب عاطفة أم غريزة؟

الحب موضوع غير مكتمل الملامح، ولكن يمكننا أن نكون أميل إلى كلمة غريزة. لكن اختيارنا للشريك يبقى على أساس “حلم”. ليس الحلم بالمعنى العضوي، بمعنى بناء الذي لم يحدث بعد هذا الشخص ليس من يشاركنا الحلم بل من يبني معنا هذا الحلم.

هل تتعرض للإنتقاد، وهل تتقبله؟

طبعاً، لكن بالنوادر لأن الكتابات لا تزال خجولة.

أيهما أسهل بالنسبة لك، بداية كتابتك لأبيات القصيدة، أم إنهاء القصيدة بكتابة آخر أبياتها؟

نسبية، تتأثر بعوامل الكتابة.

ما هي حكمتك بالحياة؟

أن نبقى مبدعين بفكرتنا الأسمى.

هل تؤمن بأن الظروف جعلتك كاتباً؟

ليس فقط الظروف الموضوعية، بل الإختبارات الحياتية والظروف الذاتية أيضاً.

أكمل العناوين:

قصيدة أتعبتك حتى أكملتها: امواج

قصيدة أهديتها لشخص: لا يوجد