أخبار عربية – أسعد الأسعد
“تلفزيون لبنان”.. الشاشة المهملة بسبب تخلي الدولة عنها.
مرت على التلفزيون أزمات عديدة، منذ إقفاله عام 2001 حتى أزمته الحالية.
فمنذ العام 1999 حتى 2013، عاش التلفزيون أوضاعاً مأساوية حيث كان يفتقر إلى التقنيات والتجهيزات التي تمكنه من منافسة بقية القنوات اللبنانية.
وفي عام 2013، وبعدما توفي جميع أعضاء مجلس الإدارة ورئيس مجلس الإدارة المدير العام الأسبق إبراهيم الخوري، كان لا بد للدولة من التحرك بسرعة ما أثمر تكليف الدكتور طلال المقدسي مديراً عاماً للتلفزيون بقرار قضائي مستعجل.
وبعد تكليف المقدسي، شهد التلفزيون الرسمي اللبناني “نفضة” نوعية، حيث أعيد تجهيزه بأحدث التقنيات التلفزيونية وانتقل بثه من النظام التماثلي إلى نظام البث الرقمي. كما أُعلن عن شبكة برامج جديدة مع وجوه جديدة عام 2014، إلى جانب التغيير الجذري لديكورات البرامج المحلية وشعار المحطة.
إلا أن هذا التكليف لم ينجح في حل مشاكل التلفزيون الإدارية والخلافات داخل المؤسسة، ولم يستطيع إلغاء دوائر النفوز حيث تصاعد الخلاف بين مدير الأخبار والبرامج السياسية صائب دياب، وطلال المقدسي المدير العام للقناة.
ونتيجة لهذا الخلاف، اندفع المقدسي حينها إلى عدم الالتزام بطلب وزير الإعلام ملحم رياشي بالإمتناع عن الإدلاء بأي تصريح يخص القناة الرسمية أو التحدث بإسمها، وسُحب التكليف القضائي للمقدسي في أيار 2017 من قبل قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف بناء على طلب من وزير الإعلام. وكلّف جوزيف سماحة، المدير المنتدب الممثل لمجلس الإدارة مجتمعاً، مديراً مؤقتاً مكان المقدسي بهدف تسيير أمور التلفزيون، لحين تعيين رئيس جديد له. ولاحقاً تم سحب تكليف سماحة على خلفية خلافه مجدداً مع مدير الأخبار.
كما شهدت تلك الفترة خلافات عميقة داخل تلفزيون لبنان، وعقد مؤتمرات صحافية هجومية متبادلة بين المقدسي ومدير الأخبار، وصولاً إلى وقوع إشكال بين مدير البرامج والإنتاج وعدد من الموظفين المعارضين للمقدسي بسبب إصرارهم على الدخول إلى الاستديو وتعطيل البرامج المباشرة المقررة آنذاك.
وحتى تاريخه، لم يتم تعيين رئيس مجلس إدارة مدير عام جديد للشاشة الرسمية اللبنانية. ويعود ذلك بحسب مصدر مطلع في تلفزيون لبنان، إلى “الكباش السياسي” بين حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” على الأسماء التي وصلت إلى الإختيار النهائي بعد مرورها بوزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية.
وكانت تعيينات “كازينو لبنان” قد حصلت قبل طرح تعيينات تلفزيون لبنان على طاولة مجلس الوزراء، وحصل حينها خلاف بين القوات والتيار على عدد الأعضاء لكل منهما، حيث حصلت القوات على عضو مجلس إدارة واحد في الكازينو بينما حصل التيار على خمسة.
واعتبر التيار أن هذه التعيينات أتت وفق الحجم السياسي لكل طرف من الطرفين، حيث يمثل التيار 28 نائباً والقوات 5 نواب في المجلس النيابي. ورفضت حينها القوات تلك النتيجة معتبرة أنها غير عادلة.
وفي سياق ما تقدم، حصل الخلاف بين وزير الإعلام التابع للقوات اللبنانية ملحم رياشي، وبين رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يعتبر أن تعيينات التلفزيون هي من مكتسبات الرئيس. ويعتبر هذا المنصب (مدير عام تلفزيون لبنان) عرفاً للطائفة الكاثوليكية، الأمر الذي أبلغه البطريرك السابق غريغوريوس لحام إلى رئيس الجمهورية، كما أبلغه المجلس الأعلى للروم الكاثوليك إلى وزير الإعلام.
وأمام هذا الواقع، استُبعدت جميع الأسماء بسبب انحصار النتيجة للمرشحين الكاثوليك، رغم وجود كفاءة عالية لدى المرشحين الذين تقدموا بطلبات لمجلس الخدمة المدنية.
وعند سؤاله عما إذا كان يتوقع انتهاء الفراغ في مجلس إدارة تلفزيون لبنان قريباً، يجيب مدير البرامج في التلفزيون د. حسن شقور في حديث لـ”أخبار عربية”: “أتوقع (انتهاء الأزمة) مع تشكيل الحكومة الجديدة وليس في ظل الحكومة الحالية، أي ليس قبل نهاية العام”.
وأضاف شقور: “وزير الإعلام لن يطرح أي اسم من خارج الآلية التي أقرها وعمل عليها.. أعتقد أن هناك إعادة نظر في منظومة الإعلام الرسمي من قبل فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث يجب أن تواكب هذه المنظومة إنجازات العهد والإضاءة عليها في السنوات الخمس القادمة”.
وكشف شقور أن نتيجة هذا الفراغ في رئاسة مجلس إدارة تلفزيون لبنان، تراجع أداء ودور التلفزيون من ناحية القرارات والتطوير والتجهيزات واختيار البرامج.
والجدير ذكره أن الفراغ في إدارة تلفزيون لبنان تزامن مع مغادرة المدير المؤقت طلال المقدسي لمركز الشركة بعد سحب قاضي الأمور المستعجلة تكليفه بتاريخ 27 أيار/مايو 2017.