انطلقت في العراق، صباح اليوم السبت، أول انتخابات برلمانية منذ هزيمة تنظيم “داعش”، ولكن لا يتوقع سوى عدد قليل من الناس أن يحقق الزعماء الجدد الاستقرار والازدهار الاقتصادي اللذين طالما تعهدوا بتحقيقهما.
ويواجه العراق المنتج للنفط صعوبة في إيجاد صيغة للاستقرار منذ أن أدى غزو قادته الولايات المتحدة إلى إسقاط صدام حسين في العام 2003 ولم تؤد السياسة إلا إلى إصابة معظم العراقيين بخيبة أمل.
ويدور خلاف منذ عشرات السنين بين الجماعات العرقية والدينية الثلاث الرئيسية، وهي: الشيعة العرب الذين يمثلون أغلبية، والسنة العرب، والأكراد.
وتحول معظم مدينة الموصل الواقعة بشمال العراق إلى أنقاض نتيجة المعارك التي أدت إلى طرد تنظيم “داعش” من المدينة، وسيتطلب إعمارها مليارات الدولارات.
ومازالت التوترات الطائفية تشكل تهديداً أمنياً كبيراً، وسط ركود في الاقتصاد. كما أن القوتين الرئيسيتين الداعمتين للعراق وهما واشنطن وطهران على خلاف.
وقال جمال موسوي الذي يعمل قصاباً ويبلغ من العمر 61 عاماً، في حديث لوكالة “رويترز”، أنه سيشارك ولكنه سيبطل صوته. وأضاف أنه لا يوجد أمن ولا وظائف ولا خدمات كما أن المرشحين لا يتطلعون إلا إلى ملء جيوبهم وليس مساعدة الناس.
ويرى محللون أن رئيس الوزراء حيدر العبادي متقدماً بشكل طفيف ولكن فوزه ليس مضموناً.
وقام العبادي، الذي كان يُنظر إليه في الماضي على أنه غير كفء، بتحسين موقفه بالانتصار على تنظيم “داعش” الذي كان يحتل ثلث العراق.
إلا أنه يفتقر إلى الجاذبية الشعبية كما أنه أخفق في تحسين الاقتصاد. كما لا يمكن للعبادي الاعتماد فقط على أصوات طائفته لأن قاعدة الناخبين الشيعة تعاني من الانقسام بشكل غير معتاد هذا العام. وبدلاً من ذلك فإنه يتطلع للحصول على دعم من الجماعات الأخرى.
وحتى إذا فازت “قائمة النصر” التي تضم مرشحي العبادي بمعظم المقاعد، فإنه سيتعين عليه خوض مفاوضات معقدة من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.
ومنافساه الرئيسيان من الشيعة أيضاً وهما سلفه نوري المالكي وهادي العامري قائد فصيل شيعي مدعوم من إيران.
وقضى العامري أكثر من 20 عاماً يحارب صدام من منفاه في إيران. ويقود العامري (63 عاماً) منظمة “بدر” التي تمثل العمود الفقري لقوات المتطوعين التي حاربت تنظيم “داعش”، ويأمل بالاستفادة من الانتصارات التي حققها في ميدان القتال.
وسيمثل فوز العامري انتصاراً لإيران التي تخوض حروب بالوكالة من أجل النفوذ عبر الشرق الأوسط.
ولكن عراقيين كثيرين يشعرون بالاستياء من أبطال الحرب والساسة الذين تقاعسوا عن إصلاح مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية اللازمة.
ويقول منتقدون أن سياسات نوري المالكي الطائفية خلقت مناخاً مكن “داعش” من كسب تعاطف بين بعض السنة مع اجتياحه العراق في 2014.
وعلى العكس من العبادي، برسالته المتجاوزة للطائفية، يصور المالكي نفسه مرة أخرى على أنه البطل الشيعي ويقترح التخلي عن نموذج اقتسام السلطة غير الرسمي المطبق في البلاد والذي يضمن لجميع الأحزاب الرئيسية تمثيلاً في الحكومة.
ويعتبر المالكي، الذي ضغط من أجل انسحاب القوات الأميركية، والعامري، الذي يتحدث الفارسية بطلاقة وقضى سنوات في المنفى في إيران، مقربين من طهران أكثر بكثير من العبادي.
وبعد سقوط نظام صدام، وضع العراقيون وراء ظهورهم عقوداً من القمع الوحشي والمغامرات العسكرية المكلفة. ولكن أعقب الغزو الأميركي عمليات مسلحة وحملة تفجيرات شنها تنظيم “القاعدة” وتسببت في نشوب حرب أهلية. وفرض تنظيم “داعش” حكماً إرهابياً في مناطق شاسعة من البلاد.
وخُصص منصب رئيس الوزراء بعد صدام للشيعة، فيما خُصص منصب رئيس البرلمان للسنة، أما الرئاسة وهي منصب شرفي في نظام الحكم العراقي فقد خُصصت للأكراد، فيما يختار البرلمان الشخصيات التي تشغل تلك المناصب.
ويخوض أكثر من سبعة آلاف مرشح في 18 محافظة الانتخابات هذا العام من أجل الفوز بمقاعد في البرلمان الذي يضم 329 مقعداً.
ويحدد الدستور العراقي مهلة 90 يوماً لتشكيل حكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات رسمياً.
المصدر: رويترز