من بيروت – “أمال وآلام”
د. عبد السلام الجوفي
عضو اللجنة التوجيهية العالميه للتعليم 2030
من بيروت عاصمة المهاجرين والمهجرين، من بلد الهجرات والنزوح بلد الطوائف والأديان المتآلفة أحياناً وغير ذلك أحياناً أخرى، نشارك اليونسكو تدشين التقرير العالمي حول تعليم المهاجرين والمهجرين والنازحين، قصص آمال وأحلام وطموحات ونجاحات عانقت عنان السماء وقصص مآسي وحرمان وقهر تدمي القلوب.
نعم بين هذا وذلك مفارقات وفروقات شاسعه وكأنه حديث حول الثرى والثريا. ببساطه الهجرات أوصلت المهاجر أوباما إلى سدة حكم أكبر دولة بالعالم وأوصلت المهاجر أحمد زويل إلى نوبل في العلوم وعشرات المهاجرين وصلوا إلى مناصب سياسيه واقتصادية عليا وألوف اندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة وألوف حسنوا أوضاعهم الاقتصادية والمعيشة ودعموا أسرهم ومجتمعاتهم، وبنفس الوقت الهجرات أوصلت ألوف إلى البحر غرقاً وإلى غرف مغلقه سجوناً وإلى قارعة الطرق محرومين وبائيسين وكلاً منهم يبحث عن فرصة الهجرة، للهجرات أثر إيجابي على دخل الأفراد والأسر والمجتمعات ولها في نفس الوقت أثار تدميرية على بعض المجتمعات، وفي الجانب الآخر هناك الهجرات القسرية والنزوح وهذه قصة أخرى لها مالها وعليها ما عليها.
التعليم والهجرات موضوع شائك آلاف الشباب لا يجدون فرصة التعليم وآلاف النازحين ومثلهم وأكثر المحرومين والمهمشين وذوي الإعاقة.
يضل التعليم هو حجر الزاوية وركنها حيث لا جدال أن التعليم الجيد ينهض في الأفراد والمجتمعات والدول والعالم وانعدامه يولد الفقر المجاعات والإرهاب والدمار.
يأتي التقرير في وقت يتم الإعداد لاتفاقيات دوليه حول الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، وكذا الاتفاق العالمي حول اللاجئين وأعتقد أن هذه الاتفاقيات ستكون في مصلحة الأفراد والشعوب ورقي الإنسانية.
يعاني العالم العربي من هجرات اقتصادية وهجرة العقول والرسمال كما يعاني العالم العربي من الهجرات القسرية والسياسية ونزوح لم يسبق له مثيل في تاريخه بالإضافة إلى تدمير للمدارس ومنع التدريس وقصور في تمويل التعليم. يتضاعف القلق إذا علمنا أن 22 مليون عربي لا يجدون فرص للتعليم أو التدريب أو فرص عمل ووصل في بعض الدول إلى 45% من الفئة العمريه 17-23 سنة، إن جودة التعليم في العالم العربي لاتبشر بخير حيث أن نتائج الاختبارات الدولية واسعة النطاق توضح بجلاء قبوع كل الدول العربية في أسفل القائمة وهذا مؤشر له دلالاته العميقة حول مستقبل المنطقة واقتصادها وتقدمها مالم يتم بسرعة معالجته. كل ذلك يجعل التساؤل حول مستقبل المنطقه أمر غاية في الأهمية خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي لكثير من الدول وعدم الاستقرار الاقتصادي لدول أخرى وازدياد مساحات الفقر والعوز المجتمعي وتراجع تعليم الفتاة.
يأتي التقرير ونحن نعد للمؤتمر العالمي حول التعليم والاجتماع العالي العالمي حول السياسات 2019، إن رسالة العرب لهذه الاجتماعات يجب أن تكون واضحة حول القصور في جوانب جودة التعليم والتدريب وأثر الحروب والأزمات على التعليم والتدريب وإتاحته وجودته.
يأتي الحديث عن التعليم وجودته للمهاجرين والنازحين والمحرومين والمهمشين وذوي الإعاقه والفتيات باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لمجتمعات آمنه ونامية ومستقبل أكثر إشراق وبهاء، وعن المعلمين ودعمهم وبناء قدراتهم في مجال طرق التدريس وقيم ومهارات القرن الواحد والعشرين وقيم التسامح والحريه والسلام وقبول الآخر باعتبار أن المعلم ركيزة التعليم وعنصرها الأساس.
يأتي الحديث عن جودة التعليم والتدريب والتعلم باعتبار أن ذلك هو الخيار الوحيد لتحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامه. شكراً لليونسكو ومكتبها الإقليمي للدول العربية وشكر لمكتب التربية العربي لدول الخليج والشكر موصول لمعدي التقرير.
سنبي الأحلام والآمال والطموح إيماناً منا أن شباب العرب قادرين على قهر الصعاب وكسر قيود التحدي والتخلف. إن العالم اليوم وبفضل تكنولوجيا الاتصالات قد مكن الكثير من الشباب من تحقيق ذاتهم وإبراز قدراتهم وإن العالم اليوم لا سبيل له إلا بالعيش المشترك والفهم المشترك وأيضاً هناك دعم سياسي غير مسبوق لقضايا التعليم وشعور مجتمعي بأنه لا سبيل إلا بتعليم جيد. إن إنجازات الإنسانية ستكون بخير وستعمل على رقي الإنسانيه طال الزمن أم قصر.