“لا يختلف إثنان على أن لعيد الميلاد ميزة خاصة، بحيث تجتمع العائلة على العشاء لتتناول أطيب المأكولات التي باتت تكلّف كثيراً نتيجة إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة من جهة، وارتفاع الدولار الجمركي، وبالتالي حكماً ارتفاع الأسعار من جهة ثانية. هذا الأمر أثّر بشكل أو بآخر على نوعيّة المأكولات ولكنه حكماً لم يستطع الغاء العادات والتقاليد في الأعياد.“
لا يوجد طبق موحّد يقدم للمناسبة، وعبر التاريخ كان الطبق الأساس هو الأوزّة وعندما إرتفع ثمنها كثيراً تمّ الانتقال الى الحبشة التي أيضا لم يكن ثمنها مرتفعاً قبل الأزمة، ولكن مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وارتفاع أسعار اللحوم أصبح خارج متناول أي شخص وربّما تقتصر على طبقة الميسورين، وحالياً هناك أطباق أخرى يمكن الاستعاضة عنها لتكون هي طبق العيد، كالدجاج المحمّر.
“حبشة العيد أصبحت تكلّف حوالي 4 الى 5 مليون ليرة”. هذا ما يؤكده الشيف عماد معراوي عبر “النشرة”، لافتا الى أن “هذا الأمر قد يدفع بالناس الى استبدالها بطبق آخر قد يكون أقلّ كلفة، وعلى الأرجح سيكون الدجاج المحمّر الذي لن يكلّف أكثر من مليون و500 ألف ليرة خصوصاً وأنّ مكوّناته تتألّف من الدجاج والأرز والكستناء”.
ومن الطبق الرئيسي في عشاء العيد، هناك أيضا الحلوى أو Buche de Noel الذي يتراوح سعره ما بين 300 الى 700 الف ليرة لـ20 cm. ويلفت معراوي الى أن الـBuche الاكبر والذي يصل الى 35cm يفوق سعره المليون ليرة لبنانية.
طيلة حياتنا كنا نسمع أن ما يصنع في المنزل هو “أوفر”، ولكن حالياً تغيّرت الأمور فالمفارقة التي أنتجتها ما اصطلح على تسميته بـ”ثورة” أدّى الى ارتفاع الأسعار وتأزّم الوضع، وغيّرت مقولة أن ما يصنع في المنزل يكلّف أقلّ. إذ يشرح الشيف عماد معراوي أن ما يصنع منزليًّا أصبح كلفته مرتفعة جدًّا، لافتا الى أن “الحبشة في المنزل تحتاج الى أن تطبخ لما بين 4 الى 5 ساعات في الفرن وتكلفة قارورة الغاز فاقت لـ500 الف ليرة اضافة الى كلفة اللحوم والحبشة والكستناء التي تفوق 500 الف ليرة، و2 كيلو ارز اميركي كلفة الكيلو 60 الف ليرة اضافة الى المكسّرات والنتيجة تكلفة أكبر من شرائها جاهزة.
في المحصّلة إختلفت الأحوال كثيرا، ولكن العادات وتحديدا عشاء العيد سيبقى قائماً، ولكن على اللبناني التكيّف مع المتغيرات، والواضح أنّ هذا الامر حصل عبر التاريخ، ولا شك أنه نتيجة إنعكاس الاوضاع الصعبة على الناس بسبب فساد المسؤولين الّذين لم تتغيّر وجوههم منذ هدوء أصوات المدافع خلال الحرب اللبنانيّة… والبارز أن كلّ الازمة التي عصفت بلبنان غيّرت الكثير من نمط عيش مواطنيه لكنها لم تستطع أن تمحو عادات الميلاد ولو أنه في السابق كان يتم التحضير لعشاء فاخر جداً ولم يعد هذا بمقدور الكثيرين أو الاغلبية الساحقة.