كتب عمار نعمة في “اللواء”:تشير كل المعطيات إلى عدم القدرة اليوم على اجتراح الحل للانتخابات الرئاسية وحل مسألة الشغور، في انتظار التسوية الخارجية البعيدة حتى الآن.هذا ما دلّت وتدلّ عليه كل جلسات المجلس النيابي لانتخاب الرئيس حتى اللحظة بغض النظر عن كل ما يقال حول ارتفاع عدد اصوات المرشح النائب ميشال معوض وانخفاض عدد الأوراق الأخرى، نظرا الى عدم جديّة التصويت الذي يجعل النتيجة مغايرة في حال مضي معوض صعودا في عدد الاصوات المؤيدة له واقترابه من النصف، أي 65 صوتاً، ومن ثم تخطيه.ثمة من يقول إن عدد الاوراق البيضاء سيتخذ منحى مختلفا ويقترب من النصف مثلما أن عدد مؤيدي معوض من الحلفاء سينخفض نظرا إلى أن البعض منهم يخوض معركة حرق ترشيح مرشح “حزب الله” الفعلي سليمان فرنجية عبر منافسه الشمالي، أي معوض، أكثر من كونه يخوض معركة إيصال رئيس “حركة الإستقلال” الى الرئاسة.هي وجهة نظر قائمة لدى متابعين للمعركة الرئاسية في جبهة الممانعة تُقر في الوقت نفسه بأن حظوظ فرنجية ليست سهلة ولكن “حزب الله” لم يخض معركته حتى اللحظة، وهو قادر على المضي بها والاستمرار الى ما شاء الله فيها لو أراد ذلك.لكن الحزب نفسه يعلم بأن موازين القوى اليوم تختلف عن معركة إيصال رئيس “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون الى الرئاسة في 2016. في ذلك الحين تمكن الحزب من فرض عون مرشحا غير قابل للتفاوض لكنه لم يتمكن من تزكيته من دون شرعية شعبية حصل عليها عون من “القوات اللبنانية” كما من زعيم الشارع السني رئيس “تيار المستقبل” آنذاك سعد الحريري.الأمر الهام جدا اليوم هو أن حال البلاد يختلف عنه قبل سنوات ست وسط أكبر أزمة اقتصادية يمر بها لبنان منذ نشأته لا يريد “حزب الله” تحمل وزرها بعد أن حُمِّل سابقا مسؤولية إيصال عون الى قصر بعبدا، ما كان السبب، حسب أخصامه والأعداء، وراء تلك الأزمة أو أحد أسبابها الرئيسية.طبعا كان ما حدث من كارثة اجتماعية في البلاد نتيجة تراكم سنوات طويلة وفساد يشمل المنظومة السياسية التي حكمت اللبنانيين منذ الطائف وحتى نتيجة الحرب الأهلية التي يتحمل أركان في الحكم، وليس في الموالاة فقط، مسؤوليتها.لذا يرى الحزب أنه من الافضل أن لا يخوض اليوم علناً معركة إيصال فرنجية الذي يفتقد الى الشرعية المسيحية التي حصل عليها عون في 2016، إضافة الى المانع الاقليمي السعودي وافتقاد الضوء الأخضر الدولي، الأميركي تحديداً.على أن فرنجية يعمل تحديداً على رفع الممانعة السعودية عنه ولذلك فهو استمهل “حزب الله” مدة قد تتخذ شهرين أو أكثر للعمل على رفع هذا المانع في الوقت الذي سيتابع الحزب فيه ضغطه في موضوع الأوراق البيضاء ومنع عون وباسيل من تسمية في عملية الانتخاب، ولو على سبيل التمويه، لعدم إحراج الحزب ومعسكره ودفعه الى تسمية فرنجية في الوقت غير المناسب.لكن باسيل يعمل فعلياً على حظوظه وهو لم يفقد الأمل فيها والعامل الهام جدا بالنسبة إليه يتمثل في هيبة واستمرار الرئيس ميشال عون. ولذلك فإن شراء الوقت هو ما يهم على طريق محاولة رفع العقوبات عنه. ثم ان باسيل، مهندس اتفاق الترسيم البحري، يريد فرض معادلة ان ما بعد الترسيم ليس كما قبله، وبما أن عون وباسيل خاضا معركة الترسيم، فإن من الطبيعي ان يكون رأيهما سارياً في اختيار الرئيس وليس غيرهما..ويحمل المقربون من باسيل تأكيد على متانة العلاقة مع “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصر الله مع نفي ما قيل عن توتر بين الجانبين على أثر اجتماعهما الأخير، وليس تخلي كتلة “لبنان القوي” عن طرح اسم للرئاسة في جلسة مجلس النواب أمس الأول سوى الدليل على ذلك. وإذا كان الوقت غير ملائم اليوم لفرض باسيل رئيسا فقد ينضج الموضوع مع الوقت ولما لا انتظار بداية العام المقبل وتحديدا في الشتاء بعد اتصالات اقليمية ودولية مكثفة؟لكن باسيل وفق هذه الرؤية سيبقى من يعطي الضوء الأخضر لأي رئيس مثلما سيبقى في المقابل من يمنع الرئيس غير المرغوب به، وفق هؤلاء.سلاح المعارضة.. ذو حدّينالأمر اللافت للنظر أخيراً كان السجال حول نصاب الثلثين في دورة الاقتراع الثانية وهو ما يشير الى أن مفتعلي هذا السجال، وهم أركان في المعارضة، باتوا في موقف الهجوم وبلغت ثقتهم بالنفس درجة باتوا معها يريدون فرض رئيس للجمهورية خارج رغبة “حزب الله”، وهم يتوقعون تصاعد أصوات معوض في جلسات مقبلة..لكنه سلاح ذو حدّين كون الفريق الآخر، الأكثر تنظيماً وتمرساً، قادر على مفاجأة خصومه وتوحيد الصفوف وصولاً الى هذه الغالبية البسيطة.