أثار خالد الجبري نجل مستشار الأمن السعودي السابق سعد الجبري الجدل عبر وسائل الإعلام بمقال دعا فيه واشنطن “لمعاقبة الرياض على دعمها لروسيا في ظل النزاع في أوكرانيا”.
وأشار الجبري في المقال الذي كتبه بالتعاون مع الباحثة أنيل شيلين لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إلى أن السعودية “وقفت إلى جانب روسيا في وقت ترص فيه الولايات المتحدة صفوفها مع حلفائها ضد الغزو الروسي لأوكرانيا”، مضيفا أن امتناع المملكة عن إدانة العملية الروسية وتأكيدها التزامها باتفاق “أوبك+” أظهرا صدوعا في الشراكة القديمة بين الرياض وواشنطن.
وأثارت هذه المقالة ردود فعل ساخطة لدى مغردين سعوديين:
وذكّر المقال بتقارير صحفية كشفت في وقت سابق من الشهر الجاري أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رفض إجراء اتصال مع بايدن، بعد أسبوع من مكالمة أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واتهم المقال محمد بن سلمان بأنه من خلال رفض تعويض النفط الروسي في السوق “يسهم في عدوان بوتين من خلال تمكينه من استخدام الطاقة كسلاح في مواجهة العقوبات الدولية واحتجاز الدول الأوروبية التي تعتمد على واردات الطاقة رهينة للغاز والنفط الروسيين”.
ولفت المقال إلى أن إدارة بايدن على الرغم من “التعنت السعودي” أرسلت مؤخرا إلى المملكة بطاريات جديدة من صواريخ “باتريوت”، وذلك دون أي ضمانات من الرياض بزيادة حجم الإنتاج.
وجاء في المقال: “يمثل عدم رغبة السعودية في زيادة حجم إنتاج النفط تلبية لطلب بايدن آخر مؤشر على تغيير ولاءاتها. ظلت واشنطن على مدى سبعة عقود من الشراكة، أكبر ضامن لأمن الرياض، بينما نسق معظم الحكام السعوديين سياساتهم في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة بشكل وثيق، غير أن العلاقات الثنائية، منذ تعزيز محمد بن سلمان حكمه، تزداد توترا أكثر فأكثر بسبب قرارات سياسية خارجية متهورة اتخذتها السعودية، منها الحرب المستمرة منذ سبع سنوات في اليمن، بالإضافة إلى تدهور وضع حقوق الإنسان ما بات جليا تماما في قضية الاغتيال المروع للصحفي جمال خاشقجي”.
ورجح المقال أن السعودية في الواقع لا تشكك في الضمانات الأمنية الأمريكية المقدمة إليها وأن ما يريده ولي عهد المملكة هو ضمان بقاءه في الحكم، موضحا أن الحكام الخليجيين يرون في موقف الولايات المتحدة الحيادي خلال الربيع العربي سبب الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في مصر.
وتابع المقابل أن السعودية مقتنعة بأن تدخلها عام 2011 وليس تواجد الأسطول الخامس الأمريكي في المنامة هو ما أنقذ عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، مؤكدا أن انعدام الثقة لدى السعوديين بالولايات المتحدة ومخاوفهم إزاء اضطرابات داخلية محتملة ازدادت منذ ذلك الحين.
ورجح المقال أن ولي العهد السعودي، في ظل قضية خاشقجي، خلص إلى استنتاج بأن جهوده الرامية إلى “تغيير العلامة التجارية” للمملكة في الغرب باءت بالفشل، وأنه رأى في روسيا والصين شريكتين لن تعاقباه على مقتل الصحفي المعارض.
وحذر المقال من أن الرهان على الضمانات الأمنية الروسية والصينية تمثل مغامرة بالنسبة للسلطات السعودية، لافتا إلى أنه ليس لدى هتين الدولتين أي تاريخ ملموس للتواجد العسكري في الخليج وأن عملية تخلي السعودية عن الأسلحة الأمريكية سوف تستغرق عقودا وستكلف المملكة مئات مليارات الدولارات.
في الوقت نفسه، خلص المقال إلى أن محمد بن سلمان، على الرغم من قلقه المحتمل إزاء علاقات روسيا والصين مع إيران، سيفضل التعويل على شريك مثل بوتين في التعامل مع أي اضطرابات داخلية محتملة في المملكة.
وجاء في المقال أن ولي العهد السعودي سيختار على الأرجح الرهان طويل الأمد على بوتين بدلا عن خطر إثارة عداء الرئيس الروسي من خلال التقارب مع مسؤولين غربيين منتخبين لفترات محدودة.
وأشار المقال إلى أن فشل آخر المبادرات الغربية الموجهة إلى الرياض من قبل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونس ومسؤولون أمريكيون كبار، ورفض محمد بن سلمان لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يؤكد أن ولي العهد السعودي “اتخذ قراره” وأنه “لن ينتهج سياسة نفطية من شأنها تقويض أدوات بوتين في مجال الطاقة وقطع خط الحياة البيترودولاري لروسيا، لأنه فضل موسكو على واشنطن”.
وذكر المقال أنه يتعين على إدارة بايدن في هذه الظروف “الكف عن التوسل إلى السعوديين من أجل النفط عندما تضغط على حلفائها الأوروبيين كي يتخلوا عن الوقود الروسي”.
وتابع المقال أن التضارب بين “الديمقراطية الأمريكية والسلطوية السعودية” زادت منذ وقت طويل من حدة الخلافات في العلاقات بين الدولتين، مضيفا: “حان الوقت منذ وقت طويل للولايات المتحدة للكف عن التوسل إلى السعوديين من أجل النفط، والوقت حاليا ليس مناسب لتعزيز نظام استبدادي عنيف آخر مبني على الهيدروكربونات”.
ورجح المقال أن استئناف الاتفاق النووي مع طهران وإعادة السماح للنفط الإيراني بالتدفق إلى السوق يمثل “الأفضل من الخيارات السيئة للتعامل مع ارتفاع الأسعار الحالي”، داعيا بايدن إلى الشروع على مدى بعيد في العمل على تقليص اعتماد الولايات المتحدة على النفط والغاز كي تتخلى واشنطن عن ضرورة إبرام “صفقات منافقة مع استبداديين غنيين بالنفط”.
كما حث المقال بايدن على مراجعة نهجه إزاء السعودية، مشددا على أن سياسات واشنطن الحالية تعزز انطباع محمد بن سلمان بأن حاجة بايدن إليه أكثر من حاجة الرياض إلى واشنطن، ما قد يدفع المملكة إلى مواصلة تعزيز شراكتها مع روسيا والصين.
وجاء في المقال: “بدلا عن ذلك، يتعين على بايدن اغتنام الفرصة المتاحة ومراجعة علاقات أمريكا مع السعودية جذريا، خصوصا بوقف كافة صادرات الأسلحة وتجميد العقود الخاصة بتقديم الدعم الفني إلى القوات المسلحة السعودية. إنه الطريق الوحيد للإظهار للرياض أنها تواجه خطر فقدان الشريك المستقر الوحيد”.
المصدر: “فورين بوليسي”+ RT