مَن يعتقد أن الحلول التي يتم اعتمادها حالياً ستعالج المشكلات يكون واهماً. إنها إبر بنج تسكّن نسبياً بعض الوقت. لكن الأزمات على حالها، وإلى تفاقم أكبر مع انتهاء مفعولها.
هو شراء الوقت وإطالة عمر الدعم اللذان يحكمان المشهد الحالي إلى حين الوصول إلى الحل السياسي كهدف قريب، والانتخابات النيابية كهدف أبعد، والتي بات يتعامل معها السياسيون أصلاً على أنها انتخابات مبكرة، كونها فعلياً تستحق بعد أقل من ٨ أشهر. وإلى حينها معارك بالجملة ستخاض، والمواطن هذه المرة دوره يختلف. فبينما كان يتفرج من دون أن يتأثر عيشه أو عمله كثيرا كما في السابق، بات في صلب المعارك وعلى متاريسها.
وفي معلومات “لبنان الكبير” أن مهلة ثلاثة أشهر إضافية أعطيت للتسكين من خلال ما تم وسيتم الاتفاق عليه في الاجتماعات وخلف الكواليس. أي تمرير فصل الصيف.
وفي التفاصيل، ستبقى الكهرباء على حالها في المرحلة المقبلة، وقد تم تأمينها لهذه الفترة. أما بالنسبة إلى المحروقات، فقد بدأت معركة التحضير لخفض الدعم من خلال الشح والاحتكار. فتُركت الناس في طوابير على مداخل محطات الوقود، وتحولت الأزمة إلى هستيريا جماعية، فأتى خفض الدعم على مشتقاتها كمتنفس لتسيير الأمور ووضع المواطن بين خيار البهدلة وحرق الأعصاب أو شرائها بسعر سيتراوح بين ٦٥ ألف ليرة و٧٠ ألفاً. بالتأكيد سيختار الثانية على قاعدة “هين فلوسك ولا تهين نفوسك”. فلو حصل هذا الأمر ضربة واحدة لكانت قامت القيامة ولم تقعد. والكل يتذكر هنا عندما همس داخل حكومة الرئيس سعد الحريري، ومن بعدها حكومة الرئيس حسان دياب، بزيادة قدرها ٥ آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين ما حصل يومها في الشارع. بمعنى آخر، ما كان في السابق من أصعب الأمور، أصبح اليوم يتم بسلاسة بعد تهيئة الأرضية له بذكاء وبطريقة منظمة، مع التحفظ على كلمة ذكاء حتى لا نقول شيطانية. قبِل الشعب اللبناني مرغماً بكل المحظورات السابقة.
والحلول التي تعالج نصف المشكلات في المرحلة الآنية يراها متنفساً يحتاجه للصمود. فاستيراد المحروقات على ٣٩٠٠ ليرة للدولار، سيتيح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه شراء باخرتين ونصف بدل الباخرة الواحدة، كما سيفتح له المجال للتخفيف من حجم الكتلة النقدية بالليرة. يعني بدل شراء المحروقات بتكلفة مليون دولار أي بما يوازي ملياراً ونصف المليار ليرة، أصبحت التكلفة توازي بالليرات ٣ مليارات، وهو ما سيدفع التاجر إلى خفض قيمة تحويلاته إلى الدولار. وهنا علم موقع “لبنان الكبير” أن توجهاً جدياً سيعتمد في المصارف خلال الأيام المقبلة بالتزامن مع تطبيق التعميم ١٥٨ يقضي بتحديد سقوف السحب بالليرة من المصارف واعتماد نظام الـ pos أي points of sale في المحال الكبيرة والمتوسطة، وإلا فالدفع سيكون “كاش” والذي سيصبح مكموشاً. هذا الأمر الذي سبق وألمح إليه المصرف المركزي سيتحول إلى واقع يؤدي إلى انخفاض في سعر الدولار بدءاً من منتصف تموز المقبل.
يبقى ملف الدواء الشائك والمعركة التي تخاض حوله والتي توصف بأم المعارك، نظراً لتداخل المصالح فيه بين كارتيلات الدواء والوكالات المخيفة وعلاقة بعضها بالسياسيين. لكن الأمور باتجاه حل على القاعدة نفسها المعتمدة في المحروقات مع اعتماد التصنيف. والكباش يدور حالياً حول التوقيت. فالتجار من جانبهم يضغطون باتجاه رفع الدعم اليوم قبل الغد للاستفادة من البضاعة المخبأة في المخازن وبيعها على السعر الجديد، فيما الحكومة تصر على بيع المخزون الذي تم شراؤه على سعر الدولار المدعوم قبل اتخاذ قرار الصرف على اساس سعر منصة الـ3900 ليرة. هي معركة قاسية، من يربحها فيما الخاسر الأكبر فيها هو المواطن؟
المصدر: ” لبنان الكبير “