أخبار عربية -(متابعات)
توفي اليوم السبت 18 أغسطس 2018 سابع أمين عام للأمم المتحدة، وأول إفريقي يتولى المنصب ويخدم فترتين من 1997 إلى 2006.
التاريخ سيذكر للراحل كوفي عنان (الحاصل على جائزة نوبل للسلام) أنه كرّس حياته للجوانب الإنسانية في مسيرة مهنية خيّمت عليها الصراعات الدولية التي خرجت عن نطاق السيطرة.
عنان لم يكن باستطاعته إحلال السلام في سوريا أو وضع حد لإخفاقات الدبلوماسية في رواندا والبوسنة ودارفور وقبرص والصومال والعراق، ومن المرجح أن تطغى كل هذه الإخفاقات على ما قام به من وساطات هادئة وما بذله من جهود لاستئصال الفقر والإيدز والتي توجت بفوزه بجائزة نوبل للسلام في عام 2001.
نشأ عنان في ثقافة عانت من الانقسام العرقي في بلاده غانا وهو ما جعل للحوار قيمة فيها، لكن تلك الفترة طغت عليها مشاعر الثقة والتفاؤل مع اتجاه غانا لنيل الاستقلال عن بريطانيا.
عندما كان فريد إيكهارت متحدثا باسم عنان حين كان يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، قال لرويترز “كانت تحركه دائما فكرة “لا تفكر في كلمة لا”.. كان يبحث دوما عن النتيجة الأفضل”.
وصقل الراحل شهرته كوسيط عندما نجاح في وقف الصراع في كينيا عام 2007 حين تسبب خلاف بين مرشحين في الانتخابات الرئاسية في مذابح عرقية قتل فيها أكثر من 1200 شخص.
وجمع عنان الطرفين في غرفة وقال لهما: “هناك كينيا واحدة فقط”، وساعد في إقناع أحدهما بقبول منصب رئيس الوزراء في حكومة مشتركة.
لكن في وقت سابق من سيرة حياة عنان كان سجله أقل نجاحا، فقد كان رئيسا لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عام 1994 عندما اعترف بأنه كان يتعين فعل المزيد للحيلولة دون مقتل 800 ألف شخص في رواندا من قبيلتي التوتسي والهونو.
وكان أكثر ما يلام عليه أنه فشل في التعامل مع برقية من قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الجنرال روميو دالير تحث على اتخاذ إجراء ضد تخزين الأسلحة من قبل المتطرفين الهوتو وهم يستعدون للقتل الجماعي، لكن دالير أشاد بعنان، في كتاب وجه فيه انتقادا لاذعا لفشل العالم في فعل شيء، لإنسانيته وتفانيه في مواجهة محنة الآخرين.
وقال عنان بعد سنوات: “أعتقدت في ذلك الوقت أنني أبذل قصارى جهدي.. لكنني أدركت بعد الإبادة الجماعية أنه كان هناك الكثير يتعين علي أن أفعله لدق جرس الإنذار وحشد التأييد”.
وعندما انتهى عمل عنان في الأمم المتحدة في 2006 اعتبر أن أهم ما حققه من نجاح هو إرساء مفهوم للمسؤولية عن حماية المدنيين عندما لا يوفرها لهم قادتهم أو لا يستطيعون توفيرها لهم.
وأفاد الأمين العام الأسبق عنان بأن من بين أسوأ لحظاته عدم قدرته على وقف إراقة الدماء في دارفور في السودان وتفجر فضيحة النفط مقابل الغذاء وحرب العراق التي فقد صوته بعدها لعدة شهور.
ثم جاء أكثر حدث مؤلم بتفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد في الـ19 أكتوبر تشرين الأول عام 2003 الذي قتل فيه 22 شخصا، ووقع التفجير بعد أن قرر عنان بطلب من الولايات المتحدة إعادة كبار العاملين الدوليين في المقر إلى بغداد ومن بينهم مبعوثه سيرجيو فييرا دي ميلو الذي كان أحد القتلى.
وكان عنان في المنصب أيضا عندما وقعت مذبحة سربرينتشا في البوسنة عام 1995 بسبب نقص قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مرة أخرى، في عدم وقف أعمال القتل، كما سبق ذلك فشل ذريع في الصومال وسبقه فشل في رواندا.
ويقول المدافعون عنه إنه حاول الحصول على قوات كافية وحشد الدعم من القوى الكبرى لتغيير الوضع في البوسنة ورواندا، لكن منتقديه يقولون إنه لم يتمتع بالجرأة اللازمة لتقيده بالحدود التي تعلمها خلال عمله لعقود موظفا في المنظمة الدولية.
وأثناء احتفاله بعيد ميلاده الثمانين في إبريل 2018 دافع عنان عن دوره في رواندا وعن مسيرته وبدا وكأنه يكافح للإفلات من لعنة التاريخ، كما عبر عن الأسى لغياب القادة الأقوياء الذين يساعدون في الأزمات.
وقال “واجهتنا صعوبات في الماضي لكن في بعض الحالات كان للقيادة شأن”، واختتم عنان بالدعوة إلى التفاؤل قائلا “أنا متفائل عنيد.. ولدت متفائلا وسأظل متفائلا.. لحظة أن أفقد الأمل كل شيء يضيع.. أدعوكم للتشبث بالأمل مثلي”.