أخبار عربية – أنقرة
على خطا الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي نصب صهريه جبران باسيل وشامل روكز في مناصب قيادية في الدولة، يسير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويتجه أردوغان إلى تعيين صهره الثاني، سلجوق بيرقدار، وزيراً في حكومته في تعديل وزاري محتمل عقب عودة الأوضاع إلى طبيعتها في البلاد بعد انحسار فيروس كورونا المستجد.
توقعات سياسية غذتها حالة التوتر والجدل التي صاحبت استقالة وصفت “بالخاطفة” لوزير الداخلية سليمان صويلو، بسبب أزمة حظر التجول الأسبوع قبل الماضي وما صاحبها من ارتباك.
صراع الأجنحة
وتحدثت الأروقة السياسية عن صراع أجنحة داخل حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي الحاكم، ظهر بشكل واضح بين جناح وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق صهر أردوغان الذي تدعمه مجموعة تسمى “البجع” وصويلو المدعوم من التيار القومي، الذي يستند عليه أردوغان في السنوات الأخيرة، وجناح ثالث يبدو أقل تأثيراً يتبع وزير العدل عبد الحميد غل.
وكشفت صحيفة “يني تشاغ” المحلية، استناداً إلى معلومات قالت إنها حصلت عليها من مصادر مطلعة على ما يجري بكواليس حزب أردوغان، أن مجموعة “البجع” تضغط لتولي سلجوق بيرقدار، زوج ابنة أردوغان الثانية سمية، حقيبة الصناعة والتكنولوجيا، بدلاً عن الوزير الحالي مصطفى فارانك.
ففارانك لا يحظى بتأييد المجموعة، لكنه قريب من أردوغان كونه كان مستشاراً له ولأنه فقد شقيقه الأستاذ الجامعي أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.
“البجع” غاضبة
ونقلت الصحيفة عن المصادر إلى أن التحركات داخل كواليس الحزب بدأت مع رفض أردوغان استقالة وزير الداخلية، سليمان صويلو، بعد أقل من ساعتين من تقديمها الأحد قبل الماضي، على وقع غضب في الأوساط السياسية والشعبية بسبب قرار حظر التجول المفاجئ الذي تسبب في حالة من الفوضى في الشوارع.
وأشارت المصادر إلى أن صويلو، الذي تلقى أمراً من أردوغان بالاستمرار على رأس عمله، قد ينقل إلى وزارة أخرى في تعديل وزاري محتمل، وأنه من المنتظر أن يطرأ تغيير على عدد من الوزارات الأخرى.
وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن مجموعة “البجع” التي تتمتع بقوة كبيرة داخل النظام الحاكم، غير راضية عن وزير العدل عبدالحميد غل، ووزير الصناعة والتكنولوجيا، مصطفى فارانك، وتعتبرهما من المغضوب عليهم إلى جانب صويلو.
دخول سلس للحكومة
وأضافت المصادر أنه من بين الوجوه الجديدة التي ستدخل الحكومة، رجل الأعمال سلجوق بيرقدار الذي يمتلك مصنعاً ينتج الطائرات المسيرة “بيرقدار”، والذي بات اسمه موضوع تكثيف في وسائل الإعلام الموالية للنظام في الفترة الأخيرة، من خلال تسليط الضوء قيام شركته بتصنيع أجهزة طبية لمواجهة أزمة كورونا.
ورجحت المصادر أن هذه الحملة هدفها تقديم بيرقدار والتمهيد لدخوله بشكل سلس إلى الحكومة، لا سيما أنه لم يعد هناك عائق على اختيار وزراء من خارج نواب الحزب الحاكم بالبرلمان، بعد كسر هذه القاعدة عقب محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو 2016.
وأشارت المصادر للصحيفة إلى أن أردوغان وفريقه يدرسون حالياً السبل التي ستمكنهم من تجنب الجدل والهجوم بسبب إضافة صهره الثاني إلى الحكومة، لا سيما وأن ألبيراق لا يزال هدفاً كبيراً للمعارضة.
بيرقدار.. جدل وملايين الدولارات
ويثير اسم بيرقدار قدراً كبيراً من الجدل أيضاً، حيث كانت نشرت صحيفة “بيرجون” التركية في وقت سابق، تقريراً تحت عنوان “الحرب تصنع من الفقراء شهداء وتصنع من آخرين أثرياء”، تطرقت فيه إلى ضخ وزارة الدفاع التركية 36 مليون دولار في شركة صهر الرئيس.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن وزير الدفاع التركي السابق، فكري إيشيك، إقراره ضمنياً بتحويل 36 مليوناً و77 ألف دولار إلى شركة “بيرقدار” التقنية لشراء 6 طائرات مسيرة، ما أدى إلى هجوم واسع من وسائل إعلام موالية للحكومة طالبت الحكومة بإغلاق الصحيفة.
وذكرت تقارير إعلامية أن تراجع أردوغان عن قبول استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو جاء بتدخل من حليفه السياسي دولت بهشلي رئيس حزب الحركة القومية، الذي أكد له أن صويلو يؤدي مهامه بنجاح وأن الوقت الراهن لا يتحمل إجراء تعديل في الحكومة، وجاء أيضاً نتيجة تدخل حزب الوحدة الكبرى اليميني لرفض الاستقالة، علماً أن وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق كان يدفع باتجاه قبولها.
الأسرة الحاكمة
وقال أوزجور أوزال، نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، في ديسمبر الماضي إن أردوغان بات يحكم من القصر الرئاسي، بينما تتحكم زوجته (أمينة) في السياسات البيئية، وعلى رأس الصناعات الدفاعية صهره سلجوق بيرقدار، وعلى رأس الشأن الاقتصادي صهره الآخر وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق، بينما سياسات المرأة والأسرة لابنته سمية زوجة سلجوق بيرقدار، رئيسة جمعية “النساء والديمقراطية”.
أما شؤون التعليم في الدولة فيتولى أمورها نجله الأكبر بلال الذي يترأس وقف الشباب التركي. وأضاف أوزال: “لم نر نظاماً حكم كهذا من قبل.. هناك 6 أشخاص يلتفون حول أردوغان في الحكم، كلهم من عائلته، ومن ثم إما أن ترفع هذه الأسرة يدها عن حكم تركيا وإما تتحمل ما يوجه لها من نقد”.