نائب لبناني لـ”أخبار عربية”: لو كنا في دولة أخرى لاستقالت الحكومة.. وعلينا مصارحة الناس بشأن كورونا

أخبار عربية – بيروت

يشارك النائب في حزب “الكتائب اللبنانية”، إلياس حنكش، في الاحتجاجات المتواصلة منذ 17 أكتوبر من العام الماضي ضد الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، على الرغم من كونه عضواً في البرلمان اللبناني.

السياسي الشاب قال في حديث لموقع “أخبار عربية”، إن الوقت الحالي يعد الأصعب لأي شخص كي يكون نائباً في البرلمان اللبناني، نتيجة المسؤولية الملقاة على عاتق النواب.

وأكد حنكش أنه يلتزم في قرارات حزبه الذي يرأسه النائب سامي الجميل، كونها تتماشى مع قناعاته الشخصية.

واعتبر أن حكومة رئيس الوزراء حسان دياب عليها وضع خطة شاملة للخروج من الأزمة الحالية، منتفداً السياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة، والتي أوصلت البلاد إلى وضعها الحالي.

كما انتقد حنكش أسلوب تعاطي الحكومة مع أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، متهماً السلطات بإخفاء العدد الحقيقي للإصابات.

وحول السياسة الخارجية، اعتبر نائب “الكتائب” أنه يتوجب على لبنان تعزيز علاقاته بمحيطه العربي للخروج من الأزمة الاقتصادية، داعياً إلى تبني سياسات تتماشى مع نظرة جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي للأزمات الإقليمية والدولية.

وفي ما يلي النص الكامل للمقابلة:

هل أنت مع أو ضد دفع اليوروبوند؟

أنا مع إعادة هيكلة الدين، مع خطة واضحة وصريحة كي نستطيع أن نتفاوض من موقع قوي. الدفع من عدمه سيصبح تفصيلاً. لكن ما يحصل الآن هو أنه قبل أيام معدودة من موعد الاستحقاق، لم يُتخذ أي قرار بعد في هذا الشأن.

كيف ترى تصريحات رئيس الحكومة حسان دياب، الذي قال أن الدولة في حالة ترهل وأنها غير قادرة على حماية اللبنانيين وتأمين الحياة الكريمة لهم؟

لو كان هذا الحديث في أي دولة أخرى، لاستقال رئيس الوزراء على الفور.

كيف تقيم تعامل الحكومة مع فيروس كورونا المستجد؟

كنا واضحين في هذا الموضوع، وانتقدنا الإجراءات المتبعة في مطار بيروت. من المعيب أن نسمع أحد الوزراء (وزير الصحة) يقول قبل أيام أن وقف الرحلات إلى إيران له اعتبارات سياسية، في الوقت الذي تتخذ معظم البلدان إجراءات حازمة وسريعة حين يكون هناك خطراً داهماً على مواطنيها، بعيداً عن أي اعتبارات سيساية.

نحن مع أخذ الاجراءات الحاسمة والواضحة والصريحة. هناك فيديو نشرته عبر حسابي على “تويتر” عن الاجراءات المتخذة في المطار، هناك استلشاء والجميع يشعر بعدم الثقة. علينا أولاً مصارحة الرأي العام اللبناني بالعدد الحقيقي للإصابات لكي نعالجها. أوقفوا المدارس رغم أنهم يتحدثون عن 10 حالات فقط.

الليرة تنهار يوماً بعد يوم أمام الدولار، والغلاء الفاحش يعصف بالأسواق.. ما اقتراحك لحل الأزمة ومن أين يجب أن نبدأ؟

أولاً، الغلاء هو نتيجة “اللعب” في سعر الصرف. من غير المبرر وجود سعرين لسعر صرف الدولار، واحد لدى المصارف والآخر لدى الصرافين. السؤال هنا: من أين تأتي الدولارات للصرافين؟ تأتي من المصارف طبعاً. في المصارف سعر الدولار 1500 ليرة لبنانية، لكنه مفقود. أما لدى الصيارفة فيتراوح بين 2200 و2500 ليرة.

لمذا لا توحدون سعر الصرف؟

القرار ليس عندنا. نحن سلطة تشريعية رقابية، ولسنا في السلطة التنفيذية. على الحكومة وضع استراتيجية واضحة للخروج من الأزمة التي أتت بسبب تراكمات عمرها 30 سنة، نتيجة سياسات نقدية أوصلتنا إلى اقتصاد كسول يسمى “ريعي”.

لم نفعل شيء سوى الهروب إلى الأمام وتديين الدولة بفوائد عالية، والدولة تصرف الأموال بهدر وفساد. غشوا الناس بالفوائد العالية، المواطنون وضعوا أموالهم بالمصارف، واليوم تلك الأموال لم تعد موجودة في هذه المصارف.

هل ندمت على دخول البرلمان اللبناني في هذه الظروف؟ وهل كنت ستشارك في التظاهرات لو لم تكن نائباً؟

بطبيعة الحال، سواء كنت في البرلمان أم لا، أنا شاركت في الثورة لأن هذه قناعتي. لكن بالتأكيد، نحن في أسوأ وقت يتمنى فيه الشخص أن يصبح نائباً، لكن في الوقت نفسه هذا واجب علينا أن نتحمل المسؤولية ونعمل بقدر الإمكان على التغيير.

ومن أهم عوامل التغيير المنشود هو انتفاضة الناس التي حصنتنا وولدت لنا قناعة أن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة. قد نمر بالكثير من الصعوبات، لكن هناك فجر جديد ولبنان جديد سيخرج من هذه الثورة.

هل ما زلت تؤمن بما يسمى “قوى 14 آذار”، أم تعتبر أن تلك الاصطفافات انتهت بعد الثورة؟

لم تنتهي بعد الثورة فحسب، بل انتهت بعد التسوية الرئاسية عام 2016، حين استسموا (أحزاب ما كان يعرف بـ”14 آذار) لإرادة القوى الأخرى (تحالف ما كان يعرف بـ”8 آذار”) وتبنوا ترشيح خصمهم السياسي للرئاسة.

حاولوا تبرير ذلك بـ”سياسة الأمر الواقع”. قرارهم كان كارثياً ونرى نتائجه اليوم. “14 آذار” هي التي رضيت على نفسها بأن تسير في هذه التسوية التي ارتدت عليها بأسوأ طريقة ممكنة.

كيف ترد على من يتهمونكم بركوب موجة الثورة؟

نحن بدأنا في الثورة في قلب الحزب منذ العام 2015، وتموضعنا خارج السلطة. لم يكون هناك ثورة حين قمنا بكل المعارك: من الطعن بقانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، إلى معارك الموازنات الممتالية، إلى عدم إعطاء الثقة للحكومات المتتالية، ومعارك المكبات العشوائية البحرية وخطة الكهرباء والتوتر العالي في المنصورية.

كل هذه المعارك خضناها قبل انتفاضة الشعب، لكننا لم نكن محصنين بهذه الثورة كما هو الأمر الآن. نحن نشعر بالارتياح اليوم لأن هناك مواكبة كبيرة لنا من الشارع. لا نقول أننا نتقدم الانتفاضة ولا نستغلها، نحن في الخطوط الخلفية لهذه الثورة. الجميع اليوم يدفع بالاتجاه نفسه الذي كنا دائماً ندفع إليه.

أليس حزب “الكتائب” ضمن معادلة “كلن يعني كلن”؟

بل هو كذلك. نحن نؤيد شعار “كلن يعني كلن” ونحن من ضمنهم. علينا أن نسحب الوكالة من جميع النواب، بمن فيهم نحن، ثم نعيد إنتاج طبقة سياسية جديدة عبر انتخابات نيابية مبكرة. نحن تقدمنا بقانون، من موقعنا المعارض، يطالب بتقصير ولاية المجلس النيابي.

ماذا ستفعل إذا قرر حزب “الكتائب” المشاركة في إحدى الجلسات النيابية رغم اعتراض الشارع؟ هل ستتواجه مع المتظاهرين لدخول البرلمان بالقوة؟

أنا محظوظ لأني موجود في حزب قناعاته متطابقة تماماً مع قناعاتي الشخصية. حتى الآن، لم أسير في أي خيار اتخذه الحزب في عكس قناعتي. هناك تطابق في كل الخيارات الكبرى، ومن أبرزها عدم المشاركة في جلسة الثقة الأخيرة. أتمنى أن لا أصل إلى وقت يصبح هناك شرخ بين قناعاتي وقناعة الحزب الذي أنتمي إليه.

ولكن، فرضاً أن ذلك حصل، ماذا ستفعل؟

أنا ملتزم بخيارات الحزب، لذلك احتراماً لموقعي في هذا الحزب سألتزم بخياراته. لكن أعتقد أننا لن نصل إلى موقف يتخذ فيه الحزب قراراً بعكس مساره الطبيعي وتاريخه النضالي. طالما نحن مع الناس، لن يكون هناك أي خيار بعيد عن الناس.

علاقات لبنان مع العالم العربي والمجتمع الدولي تتراجع بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة، التي شاركتم في بعضها، والتي كانت مصطفة في المحور الإيراني في المنطقة. برأيك، كيف يمكن تحسين علاقات لبنان مع الخارج؟

علينا إعادة لبنان إلى محيطه الطبيعي العربي. لا يمكننا أن نشتم بلدان وقفت إلى جانبنا في أصعب الأوقات، ونحن في أمس الحاجة إلى وقوفهم معنا مجدداً.

نحن في هذه الحالة نعمل عكس مصلحة لبنان واللبنانيين. هذه الدول، بالإضافة إلى أنها تقف دائماً إلى جانب لبنان، تستقبل مئات آلاف اللبنانيين الذين يعملون هناك. كفانا تعريض لبنان واللبنانيين لمخاطر قد تكون نتائجها كارثية.

يجب اتباع خطاب منسجم مع سياسية جامعة الدول العربية في القضايا والشؤون العربية، ومع مبدأ الحياد والنأي بالنفس فيما يتعلق بالصراعات الدولية.

ما تعليقك على مقتل لبنانيين خلال الاشتباك الأخير بين الأتراك والإيرانيين في سوريا؟

الفيديو الذي صوره الشاب (أحد عناصر “حزب الله” اللبناني) في آخر لحظات حياته، يكسر القلب. على أمل أن يكون ذلك درساً لنا بعدم إغراق لبنان بوحول وحروب لا دخل لنا فيها، وأن يستفيد لبنان من خيرة شبابه عوضاً عن قتالهم لصالح دول أخرى.