أخبار عربية – موسكو
عشية زيارته إلى السعودية والإمارات، أدلى الرئيس فلاديمير بوتين بحديث لقنوات “روسيا اليوم” و”العربية” و”سكاي نيوز عربية”، ركز فيه على طبيعة علاقة روسيا بدول العالم العربي وجيرانها ومواقفها الدولية.
وفي مايلي النص الكامل للحديث، نقلاً عن “روسيا اليوم”:
محمد الطميحي – العربية: أعزائي المشاهدين أهلا وسهلا بكم إلى هذا اللقاء الذي يجمعنا في سوتشي مع الرئيس فلاديمير بوتين.
يشاركنا الحوار الزملاء مهند الخطيب من قناة سكاي نيوز العربية وأيضا سلام مسافر من قناة RT Arabic (روسيا اليوم). السيد الرئيس أهلا بكم مجددا وشكرا لكم على هذه الفرصة التي تسبق زيارتكم إلى المنطقة العربية.
ج: ويطيب لي أيضا اللقاء بكم. أعتقد أنه لتقليد حسن أن التقي قبيل زيارة هذه الدولة، أو تلك، بممثلي وسائل الإعلام من الدولة التي أعتزم زيارتها.
فيما يتعلق بزيارة المملكة العربية السعودية، فإننا نوليها أهمية كبيرة. وهي، بمعنى ما، رد للزيارة التي قام بها إلى روسيا عاهل العربية السعودية، خادم الحرمين الشريفين. كانت تلك أول زيارة تاريخية. ونحن، في حقيقة الأمر، نصفها بالتاريخية، وهي كذلك فعلا.
وثمة أيضا أمرٌ أرى من الضروري جدا الإشارة إليه، وهو أن العلاقات بين العربية السعودية والاتحاد السوفيتي، في العهد السوفيتي، كانت على مستوى منخفض بقدر ملحوظ. وخلال السنوات الأخيرة تغيرت نوعية علاقاتنا تغيّرا جذريا. نحن ننظر إلى العربية السعودية كدولة صديقة لنا.
لقد نشأت لدي علاقات طيبة مع الملك، ومع الأمير ولي العهد أيضا. وعلاقاتنا تتطور عمليا في كافة الاتجاهات.
سأبدأ من الاقتصاد. حيث لا يزال أمامنا الكثير مما يجب القيام به، ولكن الوتيرة جيدة. في العام الماضي بلغ النمو 15 بالمئة، وفي هذه السنة، في نصفها الأول، ارتفع النمو إلى 28 بالمئة. ونحن ندرس مشاريع مشتركة جيدة. لقد أسس صندوقُ استثماراتنا المباشرة، وصندوق الاستثمارات العامة للمملكة العربية السعودية، قاعدةً مشتركة بـ 10 مليارات دولار، وُضع ملياران منها قيد الاستثمار، كما أن العمل جار على مشاريع أخرى، إذ تم بالفعل تنفيذ بضعة مشاريع واعدة جدا ومثيرة للاهتمام.
ونحن نرى أيضا فرصة للعمل في أراضي العربية السعودية. وإحدى شركاتنا تدرس إمكانية بناء مجمّعٍ بتروكيميائي بحجم استثماري يبلغ أكثر من مليار دولار. إنها شركة “سيبور- هولدنغ”، شركتنا الأضخم في هذا القطاع من الاقتصاد.
كما تنشأ بيننا علاقات في مجال حساس جدا، يتطلب ثقة متبادلة… إنه التعاون العسكري- التقني. ونحن نتفاوض منذ فترة بعيدة حول هذا الجزء.
ولا يقل أهمية عن ذلك، بالطبع، عملنا المشترك لحل الأزمات الإقليمية. بهذا الصدد أود الإشارة إلى دور العربية السعودية الإيجابي في حل الأزمة في سوريا. نحن نعمل بشكل وثيق جدا مع تركيا وإيران، وهذا معروف جيدا للجميع. ولكن من دون مساهمة العربية السعودية في عمليات التسوية في سوريا، ما كان بالإمكان مطلقا، كما يبدو لي، التوصل إلى توجه إيجابي في التسوية. ولذلك أود مباشرة التعبير عن الامتنان للملك، وللأمير ولي العهد على هذا الموقف البنَّاء. وإنني على ثقة بأن زيارتي ستعطي دفعة جديدة لتطوير علاقاتنا الثنائية، وتعاوننا على الساحة الدولية.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: السيد الرئيس شكرا جزيلا لكم على هذه الفرصة مرة أخرى. طبعا زيارتكم إلى المنطقة تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالفعل تربطكم علاقات شراكة استراتيجية مع الإمارات، وهناك تعاون ثنائي منذ فترة طويلة.. أود أن أعرف من فخامتكم رؤيتكم للدور الذي يمكن أن تلعبه الإمارات العربية المتحدة في إطار الأمن المشترك الذي طرحته روسيا في الآونة الأخيرة؟ ما هو الدور الذي يمكن لدولة مثل الإمارات ودول المنطقة الأخرى أن تلعبه ضمن هذه المبادرة التي طرحتها روسيا؟
ج: أنتم، تحدثتم للتو عن طابع علاقاتنا الاستراتيجي. بالفعل، في العام الماضي وقعنا إعلان الشراكة الاستراتيجية والتعاون، ونحن ننظر إلى الإمارات العربية المتحدة كأحد شركائنا الواعدين، والقريبين جدا. وليس من قبيل الصدفة أن نتوصل إلى توقيع هذه الوثيقة، فهذا يدل على نوعية، وطابع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية.
يجب القول إن شراكتنا تتطور، كالشراكة مع العربية السعودية، في جميع الاتجاهات، وبما يكفي من الحيوية. وهذا، حسب التقييم القُطري، أي إذا نظرنا إلى منطقة الخليج، تبادلٌ تجاري كبير الحجم يبلغ 1.7 مليار دولار، ولكنه – طبعا- غير كاف. وهذا ما ندركه تماما. ونعمل أيضا مع الصندوق السيادي في الإمارات العربية المتحدة، حيث تبلغ القاعدة المشتركة حوالي 7 مليارات دولار، تم استثمار مليارين منها في بعض المشاريع. ويجري أيضا عمل حثيث على مشاريع أخرى. والإمارات العربية المتحدة، طبعا، تسهم بدور مهم في حل أزمات المنطقة، وتلعب- دونما أي مبالغة – دورا يعزز الاستقرار.
لن أكشف سرا كبيرا إذا قلت إننا على اتصال دائم مع قيادة الإمارات العربية المتحدة، بل ونشأت لدينا تقاليد وممارسة معينة، فلدينا إمكانية ضبط ساعات نشاطنا على توقيت واحد، في اتجاهات وقضايا مختلفة. ونقوم بذلك، كما أرى، لما فيه فائدة كبيرة، لا لكلا الطرفين فحسب، بل وللمنطقة بأسرها.
سلام مسافر – RT Arabic: فلاديمير فلاديميروفيتش!، خلال ولايتكم التي امتدت حوالي عقدين من الزمن حصلت أحداث جسيمة في العالم العربي، سقطت دول بأكملها، سقط العراق وليبيا وأصبح وضع اليمن على الهاوية، وأخيرا وليس آخرا ما حصل في سوريا. العرب الذين يعتقدون أن روسيا عادت قوة كبيرة إلى المنطقة، وهذا ما نلمسه من خلال الإقبال الواسع على قناتنا قناة RT Arabic ومحاولة فهم السياسة الروسية من خلالها، يتساءلون لماذا فرطتم بدول غنية مثل ليبيا والعراق ولم تقفوا موقفا حاسما كما تقفون الآن هذا الموقف الحازم مع السوريين؟
ج: أولا، عندما جرت الأحداث حول العراق وليبيا، لم أكن رئيسا. ولكن القضية، طبعا، لا تكمن في ذلك وحده، أو حتى ليست في ذلك إطلاقا. تكمن القضية في أن الولايات المتحدة – في الحالة الأولى- كما هو معروف، تصرفت بالالتفاف على مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. ولم يكن لديها أي تفويض باستعمال القوة ضد العراق. آه. كلا .. أنا آنذاك كنت في منصبي هذا. ولكن روسيا لم تؤيد. روسيا وفرنسا وألمانيا لم تؤيد… نحن لم نؤيد خطط الولايات المتحدة الأميركية بشأن العراق. والأكثر من ذلك، حذرنا من العواقب السلبية المحتملة… ولكن هذا ما حصل.
والنشوة الأولى بفعل الانتصارات العسكرية، حلت محلها الكآبة والتشاؤم في ما يخص عواقب هذا الانتصار، لأنه تم تدمير جميع هياكل الدولة في العراق، ومع ذلك، لم تشيد بدلا منها أي هياكل جديدة، على الأقل في المرحلة الأولى. بل على العكس، نشطت القوى الراديكالية، واشتدت قوةُ ما نسميه بالجانب الإرهابي.
العديد من الضباط السابقين في جيش صدام حسين، ومنتسبي الأجهزة الخاصة بالضبط، نزحوا، ورفدوا صفوف داعش، وبمساعدتهم كانت تتشكل داعش. ولذلك فإن أحدا ممن قاموا بهذا العمل وساندوه، لم يحسب حساب العواقب.
نحن نعول جدا على أن العراق اليوم سوف يتطور في منحى إيجابي، وبغض النظر عن بعض المشاكل الداخلية، سيسير قدما إلى الأمام، على أي حال. هذا مع العلم أن الكثير من المشاكل ما تزال موجودة، للأسف، ونحن وإياكم نعلم ذلك جيدا.
وفي ما يتعلق بليبيا، فإن الفوضى التي سادت بعد العمليات الحربية، للأسف، لم تتوقف حتى الآن.. شركاؤنا الغربيون- في تلك الحالة- خدعونا (ضحكوا علينا كما يقال عندنا في الأوساط الشعبية). لقد صوتت روسيا على قرار بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي. فعلى ما ينص ذاك القرار، إذا قرأناه بتمعن كما يجب؟ القرار يمنع القذافي من استعمال الطيران ضد المنتفضين، ولكنه لا يتضمن أي شيء يبيح لأي طائرات أن تقصف أراضي ليبيا.. ولكن هذا ما فعلوه تماما. أي أن هذا أيضا، في حقيقة الأمر، مخالفةً، تجاوز، لمجلس الأمن الدولي في كل ما جرى عمليا. ونحن جميعنا نعلم تمام العلم ماذا نتج عن ذلك. فهناك حتى الآن الفوضى، والتخبط.. وانهال سيل من المهاجرين عبر ليبيا، الأمر الذي كان القذافي يحذر منه دائما، حيث كان يسد طريق المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا. وما أن اختفى هذا الجدار، حتى انطلق السيل. والآن ها هم يواجهون ما سبق تحذيرهم منه. ولكن هذا ليس الأهم، ربما.. بل الأهم أنه يزعزع استقرار الشرق الأوسط بأسره.
وبالنسبة لسوريا.. نحن ذهبنا إلى سورية لدعم الحكومة الشرعية، تحديدا الشرعية.. أريد أن أشدد على ذلك. وهذا لا يعني عدم وجود مشكلات داخلية هناك.. أنا مستعد للحديث عن ذلك لاحقا ببضع كلمات، لمزيد من التفصيل. هذا لا يعني أن القيادة الحالية لا تتحمل أي مسؤولية عن الوضع. بلى… ولكن ذلك لا يعني مطلقا أن نسمح للمنظمات الإرهابية بالاستيلاء على أراضي سوريا، لتقيم هناك شبه دولة إرهابية. لم يكن بوسعنا السماح بأن يتدفق لاحقا سيل من المقاتلين إلى بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، التي لدينا معها حدود مفتوحة ونظام تنقل دون الحاجة لتأشيرة مرور. لم يكن بوسعنا السماح ببدء تسلل المسلحين من هناك إلى الأراضي الروسية. لقد خَبِرنا ذلك جيدا، ونعرف ما قد يؤدي إليه، وذلك من خلال تلك الأحداث غير البعيدة التي جرت في شمال القوقاز الروسي. ولذا، شكَّلت كل تلك الأمور دوافع حفزتنا على اتخاذ قرار بإسداء العون للسلطات الشرعية.
نحن لا نقدّم العون وحسب للسلطات الشرعية، بل ننطلق من أن التناقضات السياسية الداخلية يمكن ويجب، أن تحسم بالوسائل السياسية حصرا. ولذلك أصررنا على هذا الأمر بشدة، وأنا مسرور جدا لأن هذا هو ما يجري الآن، مع بدء العملية السياسية تحديدا، نتيجة لتشكيل ما يسمى باللجنة الدستورية.
لقد ولدت فكرتها هنا بالضبط، حيث نحن وإياكم الآن… في سوتشي، خلال مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي تمثلت فيه مختلف القوى السياسية، بما فيها القوى المعارضة والهياكل الحكومية. وآنذاك، هنا تحديدا، اتفق السوريون فيما بينهم على إنشاء لجنة دستورية تشرع بالعمل لتعديل الدستور السوري، أو إقرار دستور جديد.
لقد قطعنا طريقا معقدا، وصعبا، وطويلا بما يكفي لتشكيل هذه اللجنة. والآن تم تشكيلها، أخيرا… من جانب الحكومة، من جانب الرئيس الأسد… ومن جانب المعارضة. آمل أن تقوم في الأيام القريبة المقبلة بخطواتها الأولى، في جنيف، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة.
محمد الطميحي – العربية: السيد الرئيس تحدثتم بإيجابية عن العلاقات التي تربط بين المملكة العربية السعودية وروسيا ولكن كما تعلمون أن المملكة، وهي الحليف الاستراتيجي لروسيا فيما يتعلق بقطاع الطاقة، تعرضت لهجوم إرهابي استهدف منشآتها. فيما كان كل العالم يتحدث عن إيران كمتورط رئيسي في هذه العملية دافعتم عن طهران وطالبتم بوجود أدلة على تورطها، فكيف يمكن فهم الموقف الروسي؟
ج: الموقف الرسمي كالآتي: نحن ندين أي أعمال من هذا النوع، ولا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك. هذا هو موقفنا الرسمي. أعلنا عن هذا منذ البداية، وقد تحدثت شخصيا عن الأمر منذ فترة وجيزة خلال أسبوع الطاقة في موسكو. ولا يوجد أي شك في ذلك. مثل هذه الأعمال لا تحقق أي نتائج لأي طرف، بما في ذلك أولئك الذين يعدُّون وينفذون مثل هذه الأعمال، لماذا؟ لأنه إذا توقع أحد ما أن يؤثر ذلك بطريقة ما على سوق النفط، فإن هدفهم لن يتحقق. لكن التقلبات، في رأيي، لم تكن كبيرة، على الرغم من أن الهزة الأولى كانت ملحوظة. ولكن بعد أسبوع فقط عادت مؤشرات الأسعار إلى مستواها الطبيعي مرة أخرى، لأن العوامل الأساسية التي تشكل السوق لن تسمح للسعر بالقفز لا للأسفل ولا للأعلى. هذا أولاً.
ثانيا. نحن، وأنا شخصياً، على اتصال مع قيادة المملكة العربية السعودية، بما في ذلك مع ولي العهد، الذي ناقشت معه الحادث، وأخبرته أنه من الضروري الحصول على أدلة وتحديد المذنبين، وأكدت أن هناك من يقف وراء هذا العمل.
من حيث المبدأ، الأمير محمد بن سلمان وافقني الرأي، وطرح السؤال: “هل يمكن لروسيا أن تشارك في التحقيق في هذا الحادث”؟ قلت نعم، نحن مستعدون لتقديم كل ما يطلب منا وكل ما لدينا من أجل التحقيق في هذا الحادث بدقة. ولهذا فإن موقفنا يبقى ثابتا، حيث نعتبر أنه من غير الصحيح تحديد من هم المذنبون قبل أن يُعرف بشكل موثوق وواضح ومفهوم من يقف وراء هذا العمل.
محمد الطميحي – العربية: ولكن فخامة الرئيس، هل نستطيع الحصول على تأكيد روسي بأن موسكو لن تتردد في معاقبة طهران إذا أثبتت التحقيقات تورطها في تلك الهجمات؟
ج: لقد قلت للتو، وأريد أن أكرر: بغض النظر عمن يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال. هذا هو بالضبط ما قلته. لا يمكن أن يكون هناك تفسير مزدوج.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: السيد الرئيس بمعزل عن الهجمات التي تعرضت لها المملكة العربية في الآونة الأخيرة، لا شك أنكم تدركون أن هناك هواجس ودواعي قلق لدى دول المنطقة، ولا شك أنكم ستسمعون هذا الأمر عندما تزورون المنطقة، قلق مما تراه دول المنطقة دورا مزعزعا للاستقرار تقوم به إيران. إيران اليوم تدعم عددا من المليشيات في المنطقة، في لبنان واليمن والعراق وسوريا وغيرها.. هل تشعرون في روسيا بالقلق إزاء هذا الدور الإيراني الذي تراه دول المنطقة مزعزعا للاستقرار؟ وكيف يمكن تغيير هذا السلوك؟
ج: قلت إن لدينا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية علاقات غير مسبوقة في الشراكة والصداقة أيضا.. لكن روسيا لا تُقيم صداقات مع شخص ضد شخص ما.. نحن نبني علاقات ثنائية على أساس الاتجاهات الإيجابية في اتصالاتنا ولا نشكل تحالفًا لمحاربة أحد ما. هذه هي النقطة الأولى.
والثانية هي، وأعتقد أنه من الواضح بالنسبة لكم ولمستمعيكم ومشاهديكم، أن روسيا وإيران جارتان ولا يمكننا إلا أن نأخذ هذا العامل بعين الاعتبار.
والثالثة- أن إيران قوة إقليمية عظمى، إنها أمة عريقة لها ثقافتها العميقة والقديمة، وإذا كنا نريد أن نبني علاقات جيدة مع شخص ما… وأنا أنطلق من حقيقة أن جميع بلدان المنطقة تريد أن تكون لها علاقات جيدة مع بعضها بعضا، ولا أحد يسعى إلى المواجهة، ولا سمح الله، لا أحد يسعى إلى أي نوع من الاشتباكات، أعلم ألا أحد في المملكة العربية السعودية يريد هذا، وفي الإمارات العربية أيضا لا أحد يريد ذلك. ولكن إذا كنا نريد أجندة إيجابية، فعلينا أن ننطلق من حقيقة أننا نعترف بالمصالح القانونية لشركائنا، وهنا أود التأكيد على هذا الأمر، وأنا الآن لست بصدد الإشارة إلى ما هو قانوني وما هو غير قانوني، ولكن لدى هذه القوة الكبيرة، أي إيران، الموجودة على الأرض منذ آلاف السنين (الإيرانيون والفرس عاشوا هنا منذ قرون) لا يمكن ألا تكون لديهم مصالحهم الخاصة، ويجب أن يعاملوا باحترام.
من الواضح ما هو قانوني وما هو غير قانوني، وأن المصالح يمكن أن تكون مشروعة، أو أن تتعدى الحدود، وهذا بالـتأكيد هو موضوع للنقاش. ولكن من أجل أن نفهم بعضنا بعضا ولكي نفهم هذه الفروق الدقيقة والخفايا والقضايا الإشكالية، فمن الضروري إجراء حوار، إذ من دون الحوار لا يمكن على الإطلاق حل ولو مشكلة واحدة، ولهذا أتصور أن بإمكاني أن أشاطر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مخاوفهما وقلقهما، لكن حل أي خلاف بين دولتين، حكر عليهما، ويجب أن يتم بالحوار المباشر.
أما بالنسبة لروسيا فسنبذل قصارى جهدنا لخلق الظروف اللازمة لمثل هذه الديناميكية الإيجابية. وأظن أن لدى روسيا علاقات جيدة مع إيران وعلاقات جيدة كذلك مع أصدقائنا العرب… لم يكن هناك مستوى عاليا من العلاقات مع المملكة العربية السعودية في ظل الاتحاد السوفيتي ولكن مع العالم العربي كانت العلاقات ممتازة مع الجميع تقريبا. كان لدى الاتحاد السوفيتي علاقات جيدة مع العالم العربي بأسره. ولهذا نحن لا نقول إننا نعود الآن، بل عدنا بالفعل إلى ذلك المستوى من العلاقات. إذا استخدمنا علاقاتنا الجيدة مع إيران والعالم العربي ومع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فأعتقد أنه يمكننا إيجاد ما يحقق المصلحة المشتركة.
تحدثت عن عملنا الإيجابي في سوريا. نعم نحن – تركيا وإيران وروسيا – نعمل بنشاط كبير في إطار هذه المجموعة الثلاثية ونحقق النتائج، لكن لولا دعم السعودية، لكان الأمر مستحيلا تماما، والجميع يدرك ذلك. وما كان عملنا لينجح أيضا لولا الدعم المناسب من دولة الإمارات العربية المتحدة. ولهذا، وعلى الرغم من التناقضات الحادة، فهناك ما يجعلنا نتوحد ونتكاتف جميعاً لتحقيق الهدف المشترك. يجب إيجاد هذه الأهداف والعمل معاً على تحقيقها. وهذا سيخلق الظروف لتطبيع العلاقات في المنطقة بين البلدان.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: إذا سمح لي زملائي بتعقيب سريع على موضوع إيران، فخامة الرئيس، اليوم هناك حديث حول ضرورة إعادة التفاوض على اتفاق “خمسة زائد واحد”، الاتفاق النووي مع إيران، ليشمل هذه السلوكيات المزعزعة للاستقرار، والبرنامج الصاروخي، وكل هذه الأمور. هل تؤيدون أنتم هنا في روسيا إعادة التفاوض على اتفاق “خمسة زائد واحد” ليشمل هذه القضايا التي تثير مخاوف دول المنطقة؟
ج: هناك ما يسمى خطة العمل الشاملة المشتركة، أي اتفاقية البرنامج النووي الإيراني، بشأن القيود ذات الصلة.. إيران اتخذت على عاتقها التزامات معينة. من الواضح أن (دعونا نتحدث بصراحة وإلا فلن يكون كلامنا ذا أهمية بل سيكون جافا)، هناك تناقضات، وقد تطرقتم إليها، بين دول المنطقة. هناك تناقضات بين إيران وإسرائيل، وإيران والولايات المتحدة. أنا أنطلق من الحاجة إلى السعي لحل هذه التناقضات والبحث عن طرق للخروج من هذه الأوضاع المعقدة. لكن إذا انطلقنا من حقيقة وجود تناقضات بين دول المنطقة وإيران، فمن الذي يمكن أن يكون الحكم في حل مسألة: هل تفي إيران بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة أم لا؟ أولا، يجب أن يكون الحكم محايدا، أليس كذلك؟ ثانيا، يجب أن يكون مهنيا، وثالثا، مُعترفا به من المجتمع الدولي. يوجد مثل هذا القاضي وهو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فهي تصرح بشكل علني ومن دون أي خجل بأن إيران تفي تماما بجميع التزاماتها.
هذا غير مجد، ناهيك عن أنه ليس من العدل، توجيه الاتهامات لإيران بما لا تقوم به. هذا غير مجد، لأنه عندما يواجه أي شخص أو أي بلد مثل هذا الظلم، فإنه يبدأ بالتصرف بشكل مختلف، وليس كما هو مكتوب على الورق. وإذا لم يتم الوفاء بالالتزامات تجاهه، فلماذا يجب أن يفي هو بالتزاماته؟ ومع ذلك، أرى أنه سيكون من الأفضل لإيران أن تلتزم بنص وروح هذا الاتفاق. لكن هذه مسألة أخرى.
بالنسبة لبرنامج الصواريخ، على الأرجح، يمكن وينبغي مناقشته. يوجد في روسيا مقولة، أعتقد أن المسلمين سوف يفهمونها أيضا، تقول: “لا تخلط بين هبة الله والبيض المخفوق”. فهذه مواضيع مختلفة. برنامج الصواريخ شيء والبرنامج النووي شيء آخر. هذا لا يعني أنه ليست هناك حاجة للحديث عن هذا الموضوع، خاصة إذا كان يسبب القلق. بالطبع، هذا ضروري، ولكن لا حاجة إلى دمج واحد مع الآخر، حتى لا يجهض الإنجاز الذي تم تحقيقه في أول مراحله.
لذلك، أعتقد أن هذا الحوار ممكن، لكن لا ينبغي أن يؤدي إلى تدمير النتائج التي تحققت بالفعل بشأن الموضوع المهم والأول، وهو الحد من النشاط النووي لإيران نفسها.
سلام مسافر – RT Arabic: لو تسمحون لي، في سياق المخاوف الأمنية لدى بلدان منطقة الخليج في الآونة الأخيرة، من خلال اطلاعكم المباشر، هناك أحداث وقعت أيضا، منها احتجاز سفن متبادل، واعتداءات على سفن، أيضا العدوان الذي شُنّ على منشآت أرامكو والذي أدى إلى خسائر مادية.. والحمد لله لم يكن هناك خسائر بشرية، أو هكذا أعلنت المملكة السعودية. برأيكم كم ستؤثر هذه الأحداث الجسيمة على تعاون “أوبك بلاس”؟ وإلى الآن لم نسمع موقفا واضحا من الدول المعنية بالمقترح الذي اقترحتموه لإقامة منظومة للأمن الجماعي في منطقة الخليج.. هل تلقيتم ردود أفعال؟ هل تعقدون بأن هذه المبادرة ستجد طريقها للتنفيذ؟ وهل هي قابلة للحياة؟
ج: هذه الأسئلة التي طرحتموها مترابطة ببعضها بعضا، لكنها ليست الشيء ذاته. تعاوننا في إطار “أوبك بلاس” شأن، وأما قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، ومقترحاتنا حول كيفية ضمانها، فذلك شأن آخر.
بالنسبة إلى السؤال الأول، فإن مثل هذه الأعمال، إذا اعتقد شخص ما أن أعمالا، مثل الاستيلاء على الناقلات، والهجمات على البنية التحتية النفطية، ستؤثر بطريقة أو بأخرى على تعاون روسيا وأصدقائنا العرب – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – أو ستدمر بطريقة أو بأخرى تعاوننا في اتجاه “أوبك بلاس”، فهم جميعًا مخطئون. بل على العكس، سيعمل ذلك على توحيدنا، لأن هدفنا هو استقرار الوضع في أسواق الطاقة العالمية. ولكن كمهمة فنية، يجب تقليل حجم المخزونات في العالم إلى مستوى معقول بحيث لا تضغط هذه المخزونات على السعر.
بالمناسبة، كل ما تم إنجازه، ولقد أُنجز الكثير من العمل الإيجابي، تم القيام به، ليس لمصلحة المنتجين فحسب، بل المستهلكين أيضاً، لأن كلاهما مهتم بالاستقرار في السوق العالمية أكثر من اهتمامه بالسعر المرتفع. كل تلك الأمور تمت، بصراحة، تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان. ومعظمها كان من مبادراته، ونحن دعمناها ونرى أننا فعلنا الشيء الصحيح.
كل ما يزعزع استقرار السوق، يجب مواجهته بردٍ مسؤول.. بالطبع، سنعمل مع المملكة العربية السعودية ومع شركائنا وأصدقائنا الآخرين في العالم العربي من أجل تحييد وتقليل محاولات زعزعة استقرار السوق إلى الصفر.
الآن، فيما يتعلق بمبادرتنا لتحقيق الاستقرار في الوضع في منطقة الخليج. نعم، كما تعلمون، منذ بعض الوقت، تقدمنا بمثل هذه المبادرة لإنشاء منظمة ما من بلدان المنطقة، إضافة إلى الدول المعنية، مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها، بحيث نشكل منبرا لمناقشة الأزمات والمسائل الأكثر حدةً. هناك من يدعم هذه المبادرة وهناك من يعتبرها سابقة لأوانها، وذلك بالمناسبة، بناءً على التناقضات الحادة بين بلدان المنطقة. في رأيي، وانطلاقاً من هذا الظرف، أي بسبب وجود هذه التناقضات الحادة، سيكون من المناسب إنشاء مثل هذا المنبر حتى يتمكن الناس على الأقل من أن يلتقوا فيما بينهم.. كما تعلمون، أن المهم في بعض الأحيان، ليس المفاوضات بحد ذاتها بقدر أهمية المصافحة بين المتفاوضين، فهي مهمة بالفعل.
سلام مسافر – RT Arabic: هل يمكن التعويل على دور روسي كوسيط بين إيران والمملكة العربية السعودية وبلدان الخليج العربي؟
ج: دور الوسيط ليس هو الأكثر حمداً. أعتقد أن شركاءنا في إيران أو في السعودية ليسوا بحاجة إلى وساطة.
بما أنه لدينا علاقات جيدة مع جميع دول المنطقة: مع الإيرانيين ومع العالم العربي، وعلاقات قُطرية مع المملكة العربية السعودية ومع دولة الإمارات العربية المتحدة، بالطبع، يمكننا نقل مواقف الدول بين طرف وآخر. لكنني أعرف شخصياً قادة هذه البلدان، فهم لا يحتاجون إلى المشورة والوساطة. حيث يمكن التحدث معهم فقط من باب الصداقة، وكيفية صياغة بعض الأفكار لصديق. أعلم أن كونهم أذكياء، فإنهم سيصغون ويحللون ما يقال لهم. وفي هذا السياق يمكننا لعب دور إيجابي.
محمد الطميحي – العربية: السيد الرئيس، سأنتهز قليلا جو الصراحة الذي تحدثتم به. تتحدثون بثقة كبيرة عن أن إيران ليست متورطة في تلك الاعتداءات، ومرة أخرى نعود إلى القصة الرئيسية، كان لكم لقاء مؤخرا بالرئيس روحاني. هل حصلتم على تأكيدات من روحاني بأن طهران ليست متورطة بتلك الاعتداءات الإرهابية؟ وإذا لم تكن إيران فمن الفاعل إذن؟
ج: نعم، هكذا قال.. ألا علاقة لإيران بهذا. التقينا مؤخرًا على هامش فعالية دولية، هي الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي أنشأناه مع بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق. قبل بضعة أشهر، تم توقيع اتفاقية مؤقتة بين هذا الاتحاد وإيران بشأن إقامة منطقة تجارة حرة. بالمناسبة، وقعنا ذات الاتفاقية بشأن منطقة تجارة حرة مع سنغافورة ومع فيتنام. وبالمناسبة، الآن على جدول الأعمال نعمل في هذا الاتجاه مع إسرائيل ومع مصر. تتطور علاقات هذه المنظمة بشكل إيجابي مع العديد من بلدان العالم. إيران أيضاً تنضم إلى هذا العمل، وقد التقينا مؤخرًا على هامش أعمال هذه المنظمة في يريفان وتحدثنا عن ذلك.
محمد الطميحي – العربية: لم تجبني عن الشق الثاني من السؤال فخامة الرئيس.. لديكم بالتأكيد وجود ما في الخليج ولديكم قدرة استخباراتية عالية وقدرة عسكرية عالية.. دولة عظمى مثل روسيا لا تعرف من الذي نفذ اعتداءات آرامكو في السعودية؟
ج: تخيل، نحن لا نعرف. في اليوم التالي، سألت كلا من رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية ووزير الدفاع. “لا، نحن لا نعرف”. لن أعلق الآن على مسألة من كان يجب عليه أن يعرف هذا حتى لا أزعج أحدا، لكن ليس لدينا أي معلومات موثوق بها حول هذه المسألة.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: السيد الرئيس، دعونا نعود إلى الموضوع السوري. أشرتم حضرتكم إلى الموضوع السوري قبل قليل. أنتم أعلنتم إنهاء العمليات العسكرية الواسعة النطاق في سوريا، وقلتم إنه يجب الآن العمل على بدء مسائل التسوية السياسية. وأيضا استمعتُ إلى ما قلتموه في منتدى فالداي. تقولون إنه يمكن اعتبار سوريا نموذجا لحل الأزمات في المنطقة. هل يمكن الحديث اليوم عن تسوية سياسية في سوريا قبل إنهاء الوجود الأجنبي على الأراضي السورية؟ اليوم هناك دول تتقاسم النفوذ في سوريا. هناك طبعا روسيا وهناك إيران وتركيا والولايات المتحدة. الوضع في الميدان غير مستقر، هل يمكن الحديث عن عملية سياسية قبل استقرار الوضع الميداني هناك؟
ج: يجب أن نأمل. الأمل آخر شيء يموت. أنا أتفق معك في أنه يجب على كل من هم موجودون في أراضي أي دولة بشكل غير شرعي، وفي هذه الحالة في الجمهورية العربية السورية، مغادرة هذه المنطقة. هذا ينطبق بشكل عام على جميع الدول. إذا كانت القيادة المستقبلية أي القيادة الشرعية لسوريا ستقول إنها لم تعد بحاجة إلى وجود القوات المسلحة الروسية، فهذا ينطبق بالطبع على روسيا الاتحادية أيضا. نناقش اليوم هذه المسألة بصراحة تامة مع جميع شركائنا: مع الإيرانيين ومع الأتراك. لقد تحدثنا مرارا وتكرارا عن ذلك لشركائنا الأميركيين. وكما أخبرك الآن، تحدثت بصراحة مع زملائي: يجب تحرير أراضي سوريا من الوجود العسكري الأجنبي. ويجب استعادة وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية بالكامل.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: هل لديكم تصور لمستقبل سوريا السياسي؟ ولدور روسيا في سوريا في تلك المرحلة؟
ج: أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال، وهو السؤال الأصعب، يمكن فقط للسوريين أنفسهم الإجابة. وآمل ألا يكون ذلك بواسطة السلاح، ولا عن طريق المواجهة المسلحة، ولا عن طريق قتل الأخ لأخيه (حرب الأشقاء)، ولكن خلال المفاوضات فيما بينهم، وأقصد في هذه الحالة، كما سبق وذكرت، في جنيف. والمرحلة الأولى في هذا الطريق، بالطبع، هي العمل على إعداد القانون الأساسي للبلاد، أي إعداد الدستور: إما بتعديل الدستور الحالي، أو بصياغة دستور جديد. لكن، ودون أدنى شك، مع وجوب ضمان مصالح الطوائف الدينية والمجموعات العرقية كافة. فلا بد للناس أن يدركوا أنهم يعيشون في بلدهم، وأنهم يتمتعون بحماية هذا البلد وقوانينه بشكل موثوق.. وهذا ينطبق على السنة والشيعة والعلويين، كما ينطبق على المسيحيين، فسوريا كانت دائمًا في واقع الأمر دولة متعددة الطوائف وكان لها أن تفخر بذلك. يمكن فقط للأشخاص الذين يفتقدون للحكمة وحسن التقدير شن هكذا حملة وتنفيذ مذابح جماعية مثلما فعلت العناصر الإرهابية في سوريا.
ولكني أعود وأكرر: ستكون هذه العملية عملية ليست بالسهلة، ستكون صعبة ولكنها، في رأيي، ممكنة التحقيق. هل تعرفون ما الذي يجعلني أفكر على هذا النحو الإيجابي؟ اليوم، يعود الكثيرون إلى منازلهم ودورهم. واتحدث هنا عن الآلاف من الناس. من الخارج يعودون، ومن المناطق الأخرى في سوريا يعودون إلى ديارهم وإلى مواطنهم الأصلية ومسقط رأسهم. هذه علامة أكيدة على أن الناس يثقون في الوضع الذي تشكّل حاليا، ويثقون في الضمانات التي تقدمها الدولة، وفضلا عن ذلك يثقون في الدول الضامنة الموجودة هناك.
ويسعدني جدًا أن أشير في هذا الصدد إلى أن السوريين يتعاطون بإيجابية وبثقة كبيرة مع العسكريين الروس ومع شرطتنا العسكرية. وهذه الشرطة العسكرية، التي تؤدي خدمتها هناك بشرف وكرامة، مكونة في أغلبها من أفراد من شمال القوقاز، كلهم من المسلمين، والسكان المحليين، ولدي أمثلة محددة على ذلك، يأتون إليهم طلبا للحماية. يطيب لي جدًا ذكر هذا الأمر، لكن بالطبع في نهاية المطاف، لكي يصبح الوضع مستقرًا على المدى الطويل، يجب أن يتفق الناس فيما بينهم. فأسواء أنواع السلام سيظل دائما أفضل من أي حرب جيدة.
سلام مسافر – RT Arabic: لو خرجنا من دائرة منطقة الشرق الأوسط والخليج.. أنتم باستمرار تؤكدون ضرورة أن تكون العلاقات الأميركية الروسية علاقات حسنة وطبيعية، لأن أي خلل في هذه العلاقات وأي توتر يؤدي إلى وضع قلق غير مستقر في العالم.. هذه الإدارة الحالية، ربما كانت هناك بعض الرهانات في الكرملين حول قيامها ببعض الخطوات باتجاه التطبيع وتحسين العلاقات، ولكن يبدو حتى الآن، بناءً على تغريدات الرئيس ترمب بين حين وآخر، وأنتم طبعا غير معنيين بمواقع التواصل الاجتماعي، ولكن بلا شك تقدم لكم الإدارة الصحفية معلومات..
ج: أرجو المعذرة، أنا شخصياً ليس لديّ حساب في تويتر، ولا أتابع من يدون هناك. بالطبع، من وقت لآخر، يطلعني الموظفون على بعض من هذه الأمور.. فرأي رئيس الولايات المتحدة دائمًا مهم، وله أهميته دائمًا بالنسبة للكثيرين، بل للعالم ككل، لكنني شخصيا لا أقوم بمتابعته.
سلام مسافر – RT Arabic: حسنا فيما لو حصل أن الرئيس ترمب فاز بولاية ثانية هل تعتقدون أنه سيكون أفضل؟ أكثر جرأة في اتخاذ قرارات باتجاه روسيا التي باستمرار تعلن أنها مستعدة للحوار مع الإدارة الأميركية؟
ج: عفواً، أنت تعمل في قناة “Russia Today”، صحيح؟ بفضل أشخاص مثلكم، سيتم اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات، لأنك افترضت الآن إعادة انتخاب ترمب. سيقولون: “ها، هذا عنصر من عناصر التدخل الروسي في الحملة الانتخابية”.
لكن، إذا تحدثنا بجدية، فإننا نعرف، كلنا نعرف ماذا وكيف يتحدث رئيس الولايات المتحدة، السيد ترمب، عن العلاقات الروسية الأميركية. نحن نعلم أنه خلال الحملة الانتخابية السابقة تحدث عن تأييده لتطبيع العلاقات، لكن للأسف لم يحدث ذلك بعد. لكننا لسنا هنا بصدد توجيه اللوم، لأننا نرى ما يحدث في الحياة السياسية الداخلية للولايات المتحدة. والأجندة السياسية الداخلية لا تسمح للرئيس الحالي باتخاذ خطوات لتحسين العلاقات الروسية الأميركية بشكل جذري. لكن على أي حال سنعمل مع أي إدارة بقدر ما تريد هي ذاتها.
بالطبع، لكن لا يمكن ألا نكون قلقين إزاء الوضع المتعلق بمسألة الاستقرار الاستراتيجي والأمن الدوليين. وهذا شيء واضح تماما.
في عام 2002 (ولم يكن لترمب أي علاقة بذلك) انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الدفاع الصاروخي، والتي، أود التأكيد على ذلك مرة أخرى، كانت حجر الزاوية في نظام الأمن الاستراتيجي في العالم بأكمله، لأنها كانت تحد من إمكانيات إنشاء الدفاع الصاروخي لكلا الدولتين. وأقصد هنا، ما الفائدة من ذلك؟ الفائدة في ألا يتوهم أي من الطرفين أنه قادر على الفوز والانتصار في حرب نووية. وهذا هو بيت القصيد. لقد انسحبوا من هذا الاتفاق سعياً لتأمين تفوق ومزايا استراتيجية واضحة لأنفسهم، معتقدين أنه سيكون لديهم مثل هذه المظلة، في حين أن روسيا لن يكون لديها نظيرها. وبالتالي، ستكون روسيا معرضة للخطر وضعيفة للغاية، بينما ستحصل الولايات المتحدة وأراضيها على غطاء في شكل نظام الدفاع الصاروخي (الدرع الصاروخي).
في ذلك الحين أخبرت زملاءنا الأميركيين أننا ما زلنا لا نعرف كيف سيعمل هذا النظام، ولن ننفق عشرات المليارات على ذلك.. لكن سيتعين علينا الحفاظ على التوازن الاستراتيجي، وهذا يعني أننا سنعمل على تصنيع أنظمة هجومية، تكون، بالطبع، قادرة على التغلب على أي نظام دفاع صاروخي.. لقد نجحنا في ذلك، والآن أصبح الأمر واضحًا بالفعل.. يعمل نظام الدفاع الصاروخي ضد الصواريخ الباليستية، أي الصواريخ التي تحلق في المسار الباليستي. ونحن، بالإضافة إلى تحسيننا هذه الصواريخ عدة مرات، صنعنا أسلحة أخرى لا يملكها أحد آخر في العالم، وهي أنظمة الصواريخ التي لا تحلق في المسارات الباليستية، بل في المسارات المسطحة، ولكن بسرعة فرط صوتية.. لا أحد سوانا لديه أسلحة فرط صوتية كتلك سوانا. لكنها بالطبع ستظهر لدى الجيوش الرائدة في العالم عاجلاً أم آجلاً، وهذا شيء أكيد.. لكن عندما سيحدث ذلك، سوف يظهر لدينا شيء جديد. وأنا أعرف بالفعل ما الذي يعمل عليه علماؤنا ومصممونا ومهندسونا الآن. للأسف كل ذلك أدى بطريقة أو بأخرى إلى سباق تسلح معين.. هذا أمر واقع. للأسف، هذا صحيح.
والآن، انسحبت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، وهذه أيضا، في رأيي، خطوة خاطئة، كان من الممكن اتخاذها بطريقة مختلفة. في الواقع، مخاوف الولايات المتحدة، بالمناسبة، مفهومة بالنسبة لنا. وأنا أتفهم ذلك. فهناك بلدان أخرى تعمل على تطوير هذه الأنواع من الأسلحة، في حين وضعت روسيا والولايات المتحدة على نفسها قيودا في هذا المجال. لكن مع ذلك، في رأيي، لا يزال الأمر لا يستحق خرق الاتفاق، إذ كانت هناك بدائل أخرى متاحة لتطور هذا الوضع.
الآن عمليا يتبقى لدينا الأداة الأخيرة للحد من سباق التسلح، وأقصد سباق التسلح الجاد الخطير، وهي معاهدة ستارت3، أي معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، التي تشمل جميع هذه الأسلحة، بمعنى الثالوث النووي بالكامل: أنظمة الصواريخ التي تُطلق من البر والبحر والجو. ينتهي سريان المعاهدة في عام 2021. ولكي يتم تمديدها، نحتاج إلى العمل الآن مباشرة. نحن قدمنا مقترحاتنا في هذا الشأن، وهي مطروحة على الطاولة أمام الإدارة الأميركية. لكن لا يوجد رد. نحن نتفهم أنهم لم يقرروا بعد ما إذا كان من الضروري تمديد هذه المعاهدة من عدمه. لكن إذا تم التخلص من هذه المعاهدة أيضاً، فلن يبقى شيء في العالم ينظم مسألة الحد من الأسلحة الهجومية، وهذا أمر سيء. فالوضع في العالم سيصبح مختلفا. سيكون بالتأكيد أكثر خطورة، وسيصبح العالم ذاته حينها أكثر خطورة وأقل قابلية للتنبؤ به مقارنة بالعالم الذي نعيش فيه الآن.
محمد الطميحي – العربية: دعونا نعود مرة أخرى إلى سباق التسلح. هل يمكن فهم إجابة الرئيس بوتين بأن حرب التسلح قد عادت بالفعل؟ وأننا أصبحنا في حرب باردة أم على وشك، ربما؟
ج: لا نود أن يحدث ذلك. لكن على أي حال، سيؤثر هذا على روسيا في الحد الأدنى، لأن لدينا، كما سبق وذكرت، أنواعا واعدة من الأسلحة التي تعتبر حصرية بالمطلق، وليس لها مثيل لدى أحد في العالم. فنحن قد قطعنا شوطا كبيرا في طريقنا، بهذا المعنى، بالفعل. والآن نحن نفكر في الآفاق القادمة، ونعمل بهدوء.
والأهم من ذلك، ما ينفق على الدفاع. لن أذيع هنا أي سر، أو ربما سأفاجئكم، إذا قلت أن روسيا تحتل المرتبة السابعة في العالم من حيث الانفاق العسكري.. في حين تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة. بحسب علمي، الولايات المتحدة تنفق سنويا 716 مليار دولار، وقد طلبوا هناك زيادة هذا الرقم العام المقبل إلى 750، تأتي بعدها الصين بحوالي 177 مليار وكسور، ثم المملكة العربية السعودية، ولا أعرف على وجه الدقة كم المبلغ، حسب ما أتذكر يبلغ إنفاقكم 59 مليارا.. ثم بريطانيا وفرنسا واليابان، والتي يبلغ الانفاق لدى كل منها 48.1 مليار وفقا للبيانات المتوفرة لدينا، ثم تأتي روسيا بعد ذلك فقط في المركز السابع بـ 48 مليار دولار. لكن مع ذلك، لدينا في الوقت ذاته أسلحة لا مثيل لها في العالم.
وهذه هي نتيجة ماذا؟ هي نتيجة العمل المركّز في المجالات الأكثر أهمية (علينا هنا أن نثني على خبرائنا ومتخصصينا)، وهي القدرة على تحديد هذه المجالات، وتركيز الموارد فيها، وفي المقام الأول وجود المدارس بوجه عام، والمدارس العلمية ومدارس الإنتاج والمعارف الأساسية والكفاءات.
لذلك، أقول إن سباق التسلح هو شيء سيء، وهو لا يبشر بالخير بالنسبة للعالم، لكننا لن ننجر أو نتورط في نفقات باهظة بالنسبة لميزانيتنا.
محمد الطميحي – العربية: على الرغم من ذلك حلف شمال الأطلسي أصبح أكثر اتساعا. هل تشعرون بالتهديد؟ وكيف سيكون الرد الروسي؟
ج: بالطبع نشعر بهذا التهديد. وكنا دائما نشعر به، وتحدثنا عن ذلك باستمرار. وكانوا يجيبوننا طوال الوقت: “لا تخافوا، فهذا ليس ضدكم، ولا وجود لأي تخوف هنا، لأن الناتو يتحول وهو لم يعدْ منظمة عسكرية ولا يحمل صفة عدوانية” وما إلى ذلك.. ولكن لم يغير ميثاق الناتو. فهناك مادة فيه تتحدث (لا أذكر، المادة الخامسة، أو غيرها، يمكن أن أخطئ) عن الدعم العسكري لأعضاء منظمتهم وغيرها من المسائل. إنه حلف عسكري. وبالطبع عندما تقترب البنى التحتية لحلف عسكري من حدودنا فهذا لا يولد لدينا أي سرور.
وأين تكمن الخدعة هنا؟ إنها تكمن في أن الناتو مجرد أداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأظن أنه لم يعد لدى أي أحد شك في ذلك.. ففي أوروبا يتحدثون عن ذلك. اسمعوا ما يقوله الرئيس الفرنسي، ولا أحتاج أن أضيف على ذلك أي شيء. وما الخدعة الأخرى التي نلاحظها؟ تدخل الدول في الناتو، وبعدها لا يسألها أحد عندما ينشرون أنواعا محددة من أسلحتهم فيها. وهكذا ظهرت عناصر منظومة الدفاع الصاروخي في رومانيا. وقريبا ستنشر في بولندا. وهذا قريب جدا من حدودنا. وبالطبع يشكل ذلك تهديدا بالنسبة لنا، لأنها تعتبر محاولة للحد من قدرتنا النووية الاستراتيجية. ولكن أصبح واضحا أن هذه المحاولة ستفشل حتما. وأظن أن ذلك أصبح واضحا للمختصين أيضا. فامتلاك مثل هذه المنظومات التي تحدثت عنها لتوي (ولن أذكر قدراتها الآن) لا يشكل تهديدا لنا، ومع ذلك فالأمر ليس بالجيد. لذا، نعم، نحن نشعر بأن هذا النشاط التخريبي يزعزع الأوضاع ولا شيء جيد في ذلك.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: السيد الرئيس، ثمة ملف آخر كان مهما بالنسبة لروسيا في الفترة الماضية على الأقل، وهو عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.. روسيا كانت راعيا أساسيا لهذه العملية منذ انطلاقها في مؤتمر مدريد، اليوم روسيا غائبة أو شبه غائبة عن هذا الملف، والأميركيون يحتكرونه، ويطلقون مبادرة “صفقة القرن” وأدوات من هذا النوع، والحكومة الإسرائيلية ماضية في قضم المزيد من الأراضي وإقامة المستوطنات، مرجعيات العملية السلمية كلها تغيرت، أين روسيا من كل هذه التطورات؟ ولماذا روسيا غائبة عن هذا الملف بالأساس؟
ج: إن هذا لا يتعمد علينا ولا على نشاطنا، بل يعتمد على رغبة جميع المشاركين في هذه العملية في رؤية أحد ما أو عدم رؤيته فيها.
والحق يقال، لدينا مع إسرائيل علاقات طيبة جدا، فحوالي 1.5 مليون شخص من المواطنين الإسرائيليين قد خرجوا من الاتحاد السوفييتي. فهذه دولة ناطقة باللغة الروسية تقريبا، وهناك أينما دخلت إلى أي محل تجاري، ترى الجميع فيه يتحدثون باللغة الروسية، لذلك ما يحدث هناك يهمنا، ولكن لدينا موقفا مبدئيا وثابتا حول التسوية الفلسطينية، فنحن نلتزم بصرامة بكل قرارات الأمم المتحدة ونرى أنه يجب أن تطبق جميعها.
أما فيما يخص “صفقة القرن” فنحن ندعم أي صفقة تؤدي إلى السلام، ولكن علينا أن نفهم ماهيتها، فتفاصيل هذه المقترحات ضمن ما يسمى بصفقة القرن ما تزال مبهمة، والولايات المتحدة لم تقدمها بعد للرأي العام، سواء العالمي أو الأميركي الداخلي أو الشرق أوسطي أو الفلسطيني.. ونحن ننطلق من ضرورة تنفيذ خطة “حلّ الدولتين” وإقامة الدولة الفلسطينية، وقد اقترحنا حينها إجراء مفاوضات مباشرة في موسكو بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والقيادة الفلسطينية، ولكن للأسف لم تجرِ هذه المفاوضات، نحن نقوم بكل شيء، لقد أجرينا عدة جلسات وعدة لقاءات بين مختلف المجموعات الفلسطينية. ونعتبر أن العامل المهم في ذلك سيكون إعادة الوحدة الفلسطينية، لأن التحدث من مواقف مختلفة يضعف الموقف الفلسطيني العام. نحن نعمل على هذه المسألة. وهذا لا يعني أبداً أننا خرجنا من هذه العملية وأنها لا تهمنا. إنها تهمنا جدا، وقبل أي شيء، لأننا نعتبر أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بمثابة مفتاح لحل الكثير من مشاكل المنطقة. وهذا النزاع، وإلى حين حله، يعتبر كذلك مصدرا للراديكالية والإرهاب. ذلك لأنه عندما يشعر الناس بأنهم لا يملكون سبلاً شرعية لحماية حقوقهم سيلجؤون لحمل السلاح. وفي هذا المعنى، أعتقد بأن الحل النهائي والحل طويل الأمد لهذا النزاع يُهم ليس فلسطين وحدها وإنما الشعب الإسرائيلي أيضا.
محمد الطميحي – العربية: حضرة الرئيس يبدو بأن الوقت أصبح ضيقا، ربما نطرح سؤالا من كل واحد من الزملاء إذا سمحتم.
سيادة الرئيس تحدثتم بإيجابية أكثر من مرة عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وكان قد لوحظ في أكثر من مؤتمر تقارب شخصي بينكم وبين ولي العهد السعودي. هل تراهنون على الدور الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان في تعزيز العلاقات ما بين البلدين، وأيضا فيما يتعلق بمستقبل المنطقة؟
ج: نعم إنه يلعب دوراً، وهو الآن ينفذ هذا الدور وبشكل ناجح تماما. نعم بالفعل لدينا معه علاقات شخصية ودية جداً، فهو المبادر في الكثير من مشاريعنا، وهذه المبادرات قائمة وتُنفذ وتتطور باستمرار، وقد قلت ذلك من قبل، إن “أوبيك بلاس” هي مبادرته للتعامل معنا في هذا السياق، فهو من دعم إنشاء منصة لصندوق استثماراتنا، وساهم بنفسه باستثمار مليارين فيه. وهو من يطرح مسألة توسيع تعاوننا في المجال التقني العسكري ولدينا حزمة جيدة من الفعاليات المشتركة في هذا الاتجاه. وهذا كله قائم ويجري فعلا، وآمل أننا سنستمر في توسيع تعاوننا.
وبالنسبة لدور المملكة العربية السعودية في المنطقة، فبالطبع إن المملكة تعتبر من الدول الأساسية في المنطقة بلا شك. كما أنها تؤثر بحسب قدراتها ونطاق نشاطها في مجال الطاقة. ويمكن أن نعتبر المملكة العربية السعودية لاعبا ليس إقليميا فحسب، وإنما دوليا أيضا، فهي تؤثر على سوق الطاقة العالمية، وبالتالي على سائر الطاقة العالمية.
لذا فإن التعاون مع المملكة العربية السعودية ومع العاهل السعودي والأمير محمد بن سلمان بالنسبة لنا مهم للغاية، وسوف نعمل على تطوير هذه العلاقات قدماً.
سلام مسافر – RT Arabic: لو تسمحون لنا.. قبل مجيئنا إليكم نشرنا استفتاءً في موقع RT Arabic، وجاءتنا المئات، وربما الآلاف من الأسئلة. قلنا: “”لو أتيحت لكم الفرصة للقاء الرئيس الروسي، ما هي الأسئلة التي تودون أن تسألونها؟”. وقد جمعنا حصيلة من هذه الأسئلة. طبعا، هي كثيرة ولا يتسع وقتكم بلا شك لها، ولكن أكثر الأسئلة حيوية كان: العرب، المشاهدون العرب أو الناطقون باللغة العربية قلقون على علاقات روسيا مع العالم العربي، في حال لن تترشحوا مرة أخرى للرئاسة في الانتخابات المقبلة.. أولا هل أنتم مطمئنون بأن خليفتكم سينهج نفس النهج في الدعم والتقارب مع العالم العربي؟
ج: المسألة لا تتعلق باسم رئيس روسيا، وإنما بمصالحنا الوطنية، إن المصالح الوطنية لروسيا والشعوب الروسية وغيرها في روسيا الاتحادية هي من يملي علينا ضرورة تطوير العلاقات مع العالم العربي، إن العالم العربي كان دائما يجذب روسيا بغموضه وثقافته وإمكاناته وقدراته. وليس لدي أدنى شك بأن روسيا ستطور علاقاتها مع العالم العربي بوتائر أسرع في السنوات القريبة المقبلة.
سلام مسافر – RT Arabic: شكرا جزيلا لكم.
مهند الخطيب – سكاي نيوز العربية: باختصار، السيد الرئيس، شهد العالم العربي تطورات كثيرة في السنوات العشر الماضية، منذ عام 2011 ما يسمى بالربيع العربي، والآن هناك تجارب جديدة في المنطقة: ما يحصل في الجزائر وفي السودان والانتخابات في تونس. هل ترون مؤشرات إيجابية على دخول المنطقة ربما في مرحلة جديدة، تكون أكثر استقرارا من التجارب السابقة التي شهدناها؟
ج: في الواقع لا يمكن القول إن المنطقة تعيش اليوم في حالة استقرار، ونحن ندرك ذلك جيداً ونراه الآن بأعيننا.. ولكن كل شيء سينتهي يوما ما، وآمل أن تنتهي هذه الأزمة أيضا.. وهذه الأوضاع لن تنتهي بسرعة في حال تركناها تسير على هواها، كما يقال، ولم نتّخذ أي محاولات لتسوية هذه الأوضاع، وروسيا ستفعل كل ما في وسعها من أجل أن تَحُل هذه التسوية بأسرع وقت ممكن.
نحن لا نعتقد أنه يمكن، أو يجب أن ننتظر حلا من السماء، وقد قلت إن لدينا الكثير من الأصدقاء في العالم العربي، والحق يقال، إنه الوقت حان لإعادة سوريا أيضا إلى حضن الشعوب العربية، وإعادتها إلى جامعة الدول العربية، وسنقوم بكل شيء من أجل تسوية الأوضاع، وسنساعد أصدقاءنا في ذلك، ولكن بالتأكيد، وفي نهاية المطاف، إن سرعة تغيّر الأوضاع إلى الأفضل تعتمد بالتحديد على الناس الذين يتحمّلون مسؤولية هذه الأوضاع في هذه الدولة أو تلك، وأنا واثق من أن الاستقرار آتٍ لا محالة، وأتمنى أن يحدث ذلك بأسرع وقت ممكن.
معا: شكرا لكم فخامة الرئيس على هذا اللقاء.