طفلك يريد أن يشعر بأنه مرئي!

قد يظن البعض أن حب الوالدين لأطفالهم كافٍ لضمان تنشئتهم بطريقة سليمة ومتوازنة، لكن الحقيقة أن الحب وحده، مهما كان عميقًا، لا يكفي إذا لم يشعر الطفل بأنه مرئي.

أي أن يكون حاضرًا في وعي والديه، مسموعًا، مفهومًا، ومُعترفًا بمشاعره وأفكاره.

فالطفل قد يعرف أنه محبوب، لكنه إذا لم يشعر بأن اهتمام والديه يتجاوز مجرد رعايته إلى إدراكه كشخص مستقل، فقد ينشأ وهو يعاني من مشكلات نفسية وعاطفية تؤثر على ثقته بنفسه وعلاقاته المستقبلية.

ماذا يعني أن يكون الطفل “مرئيًا”؟

أن يكون الطفل “مرئيًا” لا يعني فقط أن يلاحظه والداه، بل أن يشعر بأن وجوده وأفكاره ومشاعره لها قيمة. عندما يشعر الطفل بأنه يُسمع ويُفهم، تتشكل لديه هوية قوية وإحساس صحي بذاته، وذلك يجعله أكثر استقرارًا من الناحية العاطفية. على العكس، إذا لم يُشعر الطفل بأنه مرئي، فقد ينمو بداخله إحساس بالرفض أو الإهمال، حتى لو كان والداه يحبانَه بصدق.

الفرق بين الحب والرؤية العاطفية

الحب غالبًا ما يكون شعورًا داخليًا عند الوالدين، لكنه لا يكون دائمًا مرئيًا أو ملموسًا بالنسبة للطفل.

قد يقول الأهل “نحن نحبك” ولكن، دون أن يعطوا الطفل مساحة حقيقية للتعبير عن نفسه، أو يشعرونه بأنه مهم.

في المقابل، عندما يُشعر الطفل بأنه مرئي، فإن ذلك يعني أنه يُعامل كشخص مستقل له مشاعره الخاصة، وليس مجرد تابع لوالديه.

كيف يؤثر غياب شعور الطفل بأنه مرئي؟ 

إذا لم يشعر الطفل بأنه مرئي، فقد تتشكل لديه مشكلات مثل:

تدني تقدير الذات

حين يشعر أن رأيه أو مشاعره غير مهمة.

البحث عن الاهتمام بطرق سلبية

مثل التصرف بعدوانية أو لفت الانتباه بالبكاء والغضب.

الخضوع أو الانطواء

حيث يتعلم الطفل أن مشاعره غير ذات أهمية، فيكبتها ويصبح أكثر انعزالًا.

علاقات غير متوازنة في المستقبل

حيث قد يصبح إما شخصًا تابعًا يسعى لإرضاء الآخرين، أو على العكس، شخصًا متطلبًا يبحث عن الاهتمام بأي ثمن.

كيف يمكن للوالدين جعل الطفل يشعر بأنه مرئي؟

هناك طرق بسيطة، لكن عميقة التأثير تساعد الطفل على الشعور بأنه مرئي، وليس مجرد محبوب، ومنها:

الاستماع الفعلي

التفاعل مع الطفل عندما يتحدث، وليس مجرد سماعه بشكل سطحي.

الاعتراف بمشاعره

بدلًا من التقليل من مشاعره “لا تبكِ، هذا أمر تافه”، يمكن تأكيد مشاعره (“أرى أنك حزين، ماذا يمكننا أن نفعل؟”).

إشراكه في القرارات

إعطاؤه حرية الاختيار في أمور تناسب عمره، مثل اختيار ملابسه أو نشاطاته.

التواصل البصري والجسدي

مثل الجلوس معه وجهًا لوجه عند الحديث، ولمسه بحنان ليشعر بالقرب العاطفي.

الاحتفاء بإنجازاته الصغيرة

حتى لو كانت بسيطة، مثل رسمه لصورة أو إكماله لمهمة ما.

حب الطفل أمر أساسي، لكنه لا يكفي إذا لم يشعر بأنه مرئي ومُقدَّر كشخص مستقل. فالطفل يحتاج إلى أكثر من مجرد الرعاية، إنه يحتاج إلى أن يُعامَل ككيان له مشاعره وأفكاره الخاصة، وأن يكون له مكان في عالم من حوله، لا أن يكون مجرد متلقٍ للحب، دون أن يشعر بأنه مسموع ومفهوم. عندما يكون الطفل مرئيًا، فإنه ينمو ليصبح شخصًا واثقًا ومتزنًا، قادرًا على بناء علاقات صحية وعيش حياة متوازنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *