اوضح واكد الخبير الاقتصادي بلال علامة ان :” المواضيع التي تواجه الكيان اللبناني في المرحلة الحالية صعبة جدا و ايضا منذ ثلاثين عاماً. لبنان الدولة إفترستها أحزاب الطوائف ومليشياتها المذهبية فأصبحت الدولة مصدر لمنفعة الخاص على حساب العام.
خلال التسعينيات من القرن الماضي سيطرت المليشيات الطائفية على أجزاء كبيرة من الوطن اللبناني وكانت تمول من الدول الخارجية بالإضافة الى بعض البلطجة على الشعب اللبناني فبقيت الدولة بمنأى عن بلطجة المليشيات في حينه.
بعد الطائف وإنهاء الحرب التي سميت اهلية عام 1990 تمخض رؤساء المليشيات رجال دولة فربطوا حول رقابهم ربطات العنق الملونة ودخلوا الى جنة السلطة فأحكموا قبضتهم على الدولة في وقت توقف الدعم من الدول الخارجية وبات التمويل يقتصر على الدولة اللبنانية وإيراداتها وباتت أحزاب السلطة تمارس كل أنواع السطو على القوانين والدستور لتتمكن من تسيير زبائنيتها وأزلامها.
بعد مرور ثلاثين عاماً ظهرت الكارثة بحيث خسر اللبنانيون 105 مليار دولار منها خسارات مباشرة سجلت على حسابات الدولة بالإضافة لودائع اللبنانيين في المصارف التي حجزت من دون وجه حق او من دون مسوغ قانوني.كل هذا حصل في ظل غياب كامل للسلطة القضائية التي لم تسلم من ممارسات السياسيين وأحزاب السلطة فغابت المساءلة وإختفت المحاسبة وكأن من حصل كان زوبعة في فنجان أو مسألة بسيطة لا تتعدى حد الألفي دولار أو أقل.
طبعاً الأموال المحققة كخسائر نصفها أو جلها ذهب الى الجيوب الخاصة وبعضها إستعمل في تمويل زبائنية الأحزاب وأزلامها.
هذه الأموال المفقودة سميت بعد ثورة 17 تشرين أموالاً منهوبة وبدأ البحث بكيفية إسترادها وبدأت عملية تقصي الحقائق بكافة الطرق المتاحة قضائياً ، إدارياً ، إعلامياً وشعبياً.
رغم كل ما حصل وما ظهر بقيت الأمور تراوح مكانها ولم يتم الإدعاء على فاسد واحد أو سارق صغيراً كان أم كبيراً .بالأخير نستيطيع القول أن المساءلة والمحاسبة غابت كوظائف إلزامية للسلطات كافة وأن السياسيين في لبنان عملوا بجد ونشاط لتمييع الموضوع وإبقاء الاموال المحولة والمخفية بمنأى عن المساءلة وربما الإستعادة أو المصادرة.
طبعاً الموضوع معقد جداً وحله يبدأ من إطلاق المحاسبة بواسطة القضاء المستقل بعد رفع يد السياسيين عنه ومنع تدخلهم بعمل القضاء والقضاة.
خلال ثورة 17 تشرين أثير موضوع الأموال المنهوبة وأثير أيضاً موضوع إستقلالية القضاء حيث ورد اتلى المجلس النيابي عدة مشاريع قوانين تلحظ إستقلالية القضاء والبعض منها بني على أساس ما ورد في الدستور ولكن لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب جورج عدوان وضعتها في جارور مجهول وأقفلت عليها بحيث لم يعد يتم التداول بوجود مشاريع قوانين لإستقلالية القضاء ويدور النقاش حالياً على ملئ الشغور في الجسم القضائي الذي تعطل بالكامل .
بعد إستقلالية القضاء يأتي الشغور على مستوى رئاسة الجمهورية والأمر موصول لحكومة تنصريف الأعمال التي تدعي بأن القانون لا يسمح لها بإثارة وتحريك مواضيع بخطورة مواضيع المحاسبة والمساءلة وإسترجاع الأموال المنهوبة.
تقدر الأموال المنهوبة والمفقودة فعلياً بما يفوق 200 مليار دولار التي لو تم إسترجاع ثلثها لأمكن إخراج لبنان من ازمته المالية ولأعيد إطلاق عجلة الإقتصاد بالشكل السليم.
لبنان بلد منهوب وناهبوه هم انفسهم المعنيون بالمحاسبة والمساءلة وإعادة الأموال.
مسألة تتعدى حدود العقل ومهما حاولنا إطلاق النداءات والصرخات نسمع صدى هذه النداءات “على من تقرأ مزاميرك يا داوود”.
متابعة رامي ضاهر