بقلم:باولا عطية
بعد أسبوع على غياب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وقبل بضعة أيّام من اجتماع أوبك المقرر عقده في الثاني من حزيران المقبل، أقرّ المجلس الاقتصادي برئاسة الرئيس الإيراني الموقت محمد مخبر، خطة لزيادة إنتاج البلاد من النفط من 3.6 ملايين برميل يومياً إلى أربعة ملايين برميل. وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه البلاد أزمة في صيانة مرافقها النفطية، بسبب العقوبات الغربية، التي ضربت إنتاجها. فهل تؤثّر خطوة إيران، ثالث أكبر منتج للخام في منظمة أوبك بعد كل من السعودية والعراق، على أسواق النفط العالمية؟ وما تأثير الخطة الايرانية على قرار أوبك+ لتحديد سياسة الإنتاج؟يرى المهندس الاستشاري المتخصص في شؤون الطاقة والنفط، حيدر البطاط، أنّ “الجهود الإيرانية تأتي ضمن استراتيجية الحكومة لتعزيز قدراتها الإنتاجية رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فإيران تحاول أن تستهدف إنتاج 4 ملايين في اليوم، (رقم قياسي، لم تصل إليه إيران من قبل)”.وكان إنتاج إيران النفطي قد بلغ ذروته في الربع الأول من عام 2018، عند 3.85 ملايين برميل يومياً، قبل أن يتراجع إلى متوسط مليونين في نهاية العام نفسه بسبب العقوبات الأميركية. ووفق أحدث بيانات “أوبك”، بلغ إنتاج إيران النفطي في نيسان الماضي، قرابة 3.2 ملايين برميل يومياً، وهو أعلى مستوى تقريباً منذ استئناف العقوبات الأميركية في أيار 2018.وبعد توقيع وثيقة التعاون بين إيران والصين لمدة 25 عاماً، في 2020، تطورت العلاقات بين البلدين في مجال الصادرات النفطية، لتتخطى كمية النفط الإيراني الذي تستورده الصين مليون برميل يومياً.
وعن تأثير هذه الخطوة على الأسواق العالمية قال البطاط إن “زيادة الإنتاج تعني زيادة العرض العالمي من النفط، وبالتالي تنافس الأسعار، ولا شكّ في أنّ ذلك سيؤثّر كثيراً على مجموعة أوبك، كما قد يؤثّر على العلاقات الدولية بين الدول المنتجة للنفط”.يُذكر أن هدف إيران للوصول بالإنتاج إلى 4 ملايين برميل يومياً قد أعلن عنه في 2023، على أن يبدأ تطبيقه في 20 آذار 2024، إلّا أنّ عوائق عديدة حالت دون تحقيق هذا الهدف، فيما الخطة السابعة لتنمية إنتاج النفط تستهدف الوصول إلى 5.7 ملايين يومياً، لكن لا يمكن تحقيق ذلك من دون استثمارات جديدة.وسبق أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول مع حلفائها بقيادة روسيا في تشرين الثاني الماضي على تخفيضات طوعية تصل في المجمل إلى نحو 2.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو ما شمل تمديد السعودية خفضها الطوعي للإنتاج. وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران تعزيز إنتاجها من النفط تسعى الولايات المتحدة أيضاً إلى زيادة إنتاجها النفطي المتوقع أن يصل إلى مستويات قياسية في 2024، مع ارتفاع الإنتاج إلى أكثر من 12 مليون برميل يومياً، وهذا ما اعتبره البطاط “منافسة متزايدة في السوق النفطية العالمية، قد تؤدّي إلى تغيّرات كبيرة في الأسعار وحركة العرض والطلب على المدى القريب”.وبدورها كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت عن زيادة إنتاجها بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً في بداية أيار الحالي.وكان تقرير “أوبك” عن شهر نيسان توقع أن يصل الطلب على خام المنظمة لعام 2024 إلى 28.5 مليون برميل يومياً، والطلب على خام “أوبك+” عند 43.2 مليون برميل يومياً، مقارنة بالطلب العالمي على النفط البالغ 104.5 ملايين برميل يومياً.من جهته، يرى باسل جمال، وهو اقتصادي طاقة، في حديثه لـ”النهار”، أنّ “الإعلان الإيراني هو تطمين للداخل الإيراني، في محاولة للقول إنّ النظام محتفظ بقوته ومستمرّ بسياسته، حيث أنّ ملفّ النفط هو أولويّة، وركيزة للاقتصاد الإيراني، وقد لا يكون له تأثير كبير على سوق النفط العالمية، حيث إنّ تنفيذ هذه الخطّة قد يحتاج لأكثر من سنة، وإذا تمكنت إيران من إنتاج 4 ملايين برميل في اليوم فمَن هي الجهة التي ستشتري منها؟ إلّا إن كانت الخطّة لها علاقة بالضربات التي تجريها أوكرانيا على المصافي الروسية بشكل متصاعد”.ولفت إلى أنّ “إيران غير خاضعة لقرارات أوبك+ حيث هناك اتفاق ضمني يسمح لإيران برفع كمية تصديرها من النفط، وهي غير معنيّة بتخفيضات الإنتاج، كي تتمكّن من تعويض خسائرها من العقوبات. وهدف الخطّة الإيرانية هو رفع الاستثمارات الأجنبيّة في قطاع النفط، وتصدير كميات أكبر، فضلاً عن تلبية حاجة السوق الداخلية”.وستُنفّذ الخطة الإيرانية شركة النفط الوطنية، بتمويل قدره 3 مليارات دولار فقط، وستتمكن إيران من توليد دخل إضافي قدره 7 مليارات دولار بحلول نهاية السنة التقويمية الإيرانية الحالية، التي تصادف 20 آذار 2025. فهل تتمكّن إيران من تحقيق أهدافها؟