بقلم :بولا عطية
عصفت حادثة مصرع الرئيس الإيراني #إبراهيم رئيسي، جراء تحطم المروحية أثناء تحليقها، بأسواق الطاقة و#الذهب، التي سجّلت ارتفاعاً طفيفاً في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الإثنين، لتواصل مكاسب الأسبوع الماضي، فيما شهد الدولار الأميركي زيادة مقابل الريال الإيراني في السوق غير الرسمية، يوم الأحد، ليهوي التومان بنسبة فاقت الـ8 في المئة.فهل الخضّات التي طالت الأسواق طبيعيّة وموقتة أم أننا أمام جولة جديدة من ارتفاع أسعار النفط وسط توجّه الأنظار إلى مقررات اجتماع أوبك+ وسياسات الإنتاج التي ستتبناها المنظمة في اجتماعها المنويّ عقده في الأول من حزيران؟في جوابه عن هذه الأسئلة اعتبر مهدي عفيفي، عضو الحزب الديمقراطي الأميركي، والمحلّل السياسي، في حديثه لـ “النهار”، أنّ “تأثير وفاة الرئيس الإيراني لن يكون مستداماً على أسواق الطاقة، فما حصل ليس سوى ردود فعل مباشرة، ولن تستمرّ إلّا لساعات أو لأيّام كحدّ أقصى، حيث إنّ أسواق الطاقة تملك فائضاً في المخزون، يضمن الاتزان في أسعار النفط في الوقت الحالي، وأسواق النفط ستستقرّ فور استيعابها لهذه الحادثة، أمّا التأثير الفعلي فسيكون نتيجة قرارات اجتماع أوبك+”.ولفت إلى أنّه “من الطبيعي أن يلجأ المستثمر إلى الاستثمار الآمن، وهو ما يشرح سبب ارتفاع أسعار الذهب، نتيجة التخبّطات التي تحدث في الأسواق. لكننا سنشهد انخفاضا مرّة أخرى في أسعار الذهب فور عودة السوق إلى حالة الاستقرار”.ويمثّل الذهب المهرب الأساسي للمستثمرين في حال حصول انخفاض في قيمة الدولار، أو توترات جيوسياسية وحالات عدم اليقين، كما في حالات التضخم، ممّا يعني أن الذهب اليوم يملك جميع المقوّمات التي تدفع باتجاه زيادة الطلب عليه، وبالتالي تحقيقه المزيد من المكاسب.وتوقّع المحلل السياسي أن “تستمر مجموعة أوبك+ في سياساتها الحالية. وهي لن ترفع الإنتاج. وبالتالي لا تغيّر في أسعار النفط، إلّا في حال ارتفاع درجات الحرارة، على غرار العام الماضي، ممّا قد يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، وبالتالي ارتفاع الأسعار، ولكن على المدى الطويل”.وكانت دراسة نشرت في دورية “Nature” العلمية قد أشارت إلى القيظ الشديد بالنصف الشماليّ من الكرة الأرضية، لم يجعل صيف العام 2023 الأعلى حرارة منذ بدء السجلات فحسب، بل الأكثر سخونة منذ نحو 2000 عام.أمّا بالنسبة إلى العملة الإيرانية، فتوقّع عضو الحزب الديمقراطي الأميركي، استمرار تراجع التومان، لأنّ الحادث أثار حفيظة الكثير من المتخصّصين بأنّ المنظومة الإيرانية فيها إخفاق شديد، وهناك مشاكل كبيرة تتعرض لها صناعات كثيرة في إيران بسبب الحظر؛ فإذا لم تتمكن إيران من أن توفّر لرئيسها طيّارة في حالة جيّدة، فكيف لها أن توفّر ذلك للمواطنين؟”.
على مقلب آخر، أوضح الخبير الاقتصادي وخبير الطاقة، أحمد صدام، في حديثه لموقع “النهار”، بأنّ “التأثير المباشر لمقتل رئيسي على أسواق الطاقة سيظهر بعد الإعلان الرسمي حول الأسباب التي أدّت إلى سقوط الطائرة. فإذا كان الحادث بسبب خلل فني فلن يكون له أيّ تأثير على الأسواق، أما إذا كان سقوط الطائرة نتيجة فعل مدبّر، فلا شكّ في أنّ التأثير على مستقبل أسواق الطاقة سيكون كبيراً، نتيجة ردود الفعل الإيرانية. وحتى الساعة لا تأثير مباشراً للحادثة على سوق الطاقة العالمية، ولا على الداخل الإيراني، باعتبار أنّ السلطة الإيرانية هي بيد المرشد الإيراني، وإيران كدولة مؤسسات لا يرتبط استقرارها بحياة الرئيس أو وزير خارجيته”.ولا شكّ في أنّ أسواق النفط تتأثر بالأحداث الجيوسياسية بحكم إمدادات الطاقة، وأكبر دليل على ذلك تأثير الاضطرابات في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي، وحركة الشحن العالمية، إن من جهّة الحرب في غزّة، وإن من جهّة أحداث البحر الأحمر، والضربات بين إيران وإسرائيل..إلخ.يُذكر أنّ 20% من النفط المصدّر من دول الخليج يمرّ من خلال مضيق هرمز. فالسعودية تصدّر 88% من إنتاجها النفطي عبر هذا المضيق، والعراق 98 %، والإمارات 99 %، وكلّ نفط إيران والكويت وقطر، فيما 40% من إمدادات الطاقة العالميّة هي من الشرق الأوسط، وتحديداً من منطقة الخليج العربي، وهو ما يجعل أسعار النفط هشّة وتتأثر بالأحداث الجيوسياسية التي تحيط بهذه المنطقة. وهو ما يفسّر انخفاض مستوى حركة الملاحة البحرية بنسبة 50% بحسب البنك الدولي.وشرح صدام بأنّه “وسط الإضرابات يرتفع الطلب على النفط، والذهب، بحكم أنّ الدول المستهلكة للنفط تريد ضمان مخزون آمن يدعم صناعاتها، ويكفي استهلاكها، ويحقق لها الاستقرار الداخلي من الناحية الاقتصادية، مما يرفع من سعر النفط الخام والذهب، نتيجة حالة الاختلال وعدم اليقين، كما أنّ هذه الأسواق تطالها المضاربات، حيث يستغلّ المضاربون في أسواق المال الظروف التي تلفظها الأحداث الجيوسياسية، لتحقيق المزيد من الأرباح”.ونفى خبير الطاقة أن تكون السوق غير مهتمّة بشكل متزايد بالتطورات على الجبهة الجيوسياسية، “فعلى الرّغم من امتلاك أوبك ما يقارب الـ5 ملايين برميل يومياً كطاقة فائضة، إلّا أنّها لجأت إلى التخفيض الطوعيّ (السعودية، العراق، كازاخستان، الكويت…إلخ) في سبيل دعم أسعار النفط”، متوّقعاً “تمديد سقف هذا التخفيض في اجتماع أوبك+ المنتظر للمحافظة على مستوى الأسعار بحدود 85 دولاراً للبرميل الواحد، في ظلّ سعي الولايات المتحدة (كمنتج رئيسيّ ومستهلك للنفط الخام) إلى رفع مستوى مخزوناتها بحكم زيادة مستوى إنتاجها”.وعن تراجع العملة الإيرانية، قال إنّ “المستوى المتدنّي للتومان هو نتيجة العقوبات. وفي ظلّ حالة اللايقين، وتفاقم الاضطرابات سنشهد انخفاض جديد لقيمة العملة، مقابل زيادة الطلب على العملات الأجنبية للجوء أصحاب الأعمال إلى الحفاظ على قيمة مدّخراتهم، نتيجة عدم الثقة”.