حركات “الإسلام السياسي”.. من العداء إلى التحالف المعلن

أخبار عربية – مقالات

أسعد الأسعد

كثرة المسميات، والهدف واحد: تشويه صورة الإسلام الحقيقية.. إنها جماعات “الإسلام السياسي”، أو كما يطلق عليه البعض في الغرب “التطرف الإسلامي”.

هي جماعات تستخدمها الدول الراعية لها كأداة لتحقيق مصالحها عبر تأجيج الصراعات الطائفية بين المسلمين أنفسهم من جهة، وبينهم وبين بقية الأديان من جهة أخرى.

من تنظيم “القاعدة” إلى “داعش”، مروراً بـ”الإخوان المسلمين” والتنظيمات الموالية لإيران.. جماعات تخاصمت علناً، وتحالفت سراً لتحقيق الأهداف نفسها، رغم تعدد الخلفيات الطائفية.

الأهداف مشتركة

جماعات الإسلام السياسي، بنسختيها “السنية” و”الشيعية”، تتفق على العداء للآخرين، وتصوير الإسلام على أنه دين “منغلق” على نفسه. كما تسعى تلك الجماعات إلى تصوير المسلمين وكأنهم يرفضون الحوار مع أتباع الديانات السماوية الأخرى، ويسعون لقتل وإرهاب من يخالفهم بالرأي.

تلك الجماعات التي تتخذ من الدين غطاء لتنفيذ مخططاتها الشيطانية، لطالما سعت إلى تفرقة العرب عبر الدعوة إلى إطاحة الأنظمة، كي تستولي على الأمة العربية وتنشر إرهابها بين الشعوب.

البداية مع الإخوان

البداية كانت في العام 1928، حين أسس المدعو حسن البنا، جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، قبل أن ينتشر فكر الجماعة إلى الخارج، حيث نشأت جماعات أخرى تحمل فكر “الإخوان” في العديد من الدول، ووصلت إلى 72 دولة حول العالم.

الجماعة التي تزعم أن هدفها هو الإصلاح السياسي والاقتصادي، عرف عن قياداتها التورط بقضايا الفساد والإرهاب، وحتى الدعارة كما يعرف عن طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان المقيم في فرنسا.

وبالنسبة للإخوان، زيارة الشواطئ على سبيل المثال “حرام” إذا كانت في مصر أو في الإمارات، لكنها “حلال” إذا كانت في تركيا التي تقدم دعماً مالياً ومعنوياً للجماعة. كذلك، انهيار العملات في الدول العربية قد يكون خبراً ساراً للإخوان، لكن انهيار الليرة التركية يستدعي إعلان النفير العام وإصدار فتاوى لدعمها.

ووصلت “بدع الإخوان” إلى حد قول أحد المعلقين العاملين في الجماعة أن تراجع الليرة التركية سوف يتسبب في “اغتصاب” نساء المسلمين.

ثورة الخميني.. مغناطيس التطرف

موجة التطرف الإخواني تصاعدت بعد العام 1979، مع قيام “الثورة الإسلامية” في إيران، وبدء قادتها بعملية “تصدير الثورة”.

ومع حرب إيران والعراق التي بدأت عام 1980 ودامت 8 سنوات، تصاعد “التطرف السني” لمواجهة “التطرف الشيعي”، إلى أن بلغ حده الأقصى مع الاجتياح الأميركي للعراق وإسقاط نظام البعث، حينها استغلت إيران الفرصة لـ”تعبأة الفراغ” الذي خلفه سقوط صدام حسين.

طهران أنشأت “حزب الله” في لبنان، كما أصبح لها أنصار كثر في اليمن والعراق.. في المقابل، كان تنظيم “القاعدة” بقيادة المقتول أسامة بن لازم يتمدد في أفغانستان ويصعد هجماته في العراق، بعد سنوات من الاعتداء الإرهابي في 11 سبتمبر 2001.

2011.. وربيع التطرف

استمر حال الاحتقان بين السنة والشيعة في الدول العربية، إلى أن بدأ ما سمي بـ”الربيع العربي” عام 2011 بدعم مادي وإعلامي قطري.

فقناة “الجزيرة” أصبحت الراعي الرسمي لهذا “الربيع”، تحت قناع دعم الديمقراطية.. لكن سرعان ما تبين أن ما سمي الربيع العربي هو أسوأ من خريف على الشعوب العربية، حيث خلف مئات آلاف القتلى والمصابين وملايين اللاجئين في شتى أنحاء العالم.

هذا “الربيع” دفع بالمرشد الإيراني علي خامئني إلى إلقاء خطاب باللغة العربية، داعياً الشعوب العربية إلى الإطاحة بأنظمتهم على غرار ما حصل في “ثورته” الإيرانية.

ما قيل يوماً أنه “ربيعاً” للعرب أدى إلى دمار سوريا بشكل شبه كامل، ودخول ليبيا واليمن في دوامة الحرب، وازدياد أعمال العنف في مصر والبحرين وتونس.

المستفيد الأبرز من كل ذلك، كانت الميليشيات المسلحة التي تقتات من الحروب والنزاعات الطائفية. ففي مصر على سبيل المثال، وصل “الإخوان” إلى الحكم قبل أن يعود الشعب ويثور عليهم.

أما في اليمن فأصبح البلد منقسماً بين “أنصار الله” الحوثيين الموالين لإيران، وتنظيم “القاعدة” المتشدد الذي يزعم “نصرة أهل السنة”، إلى أن تدخل التحالف العربي لإنقاذ الحكومة الشرعية.

سوريا بدورها أصبحت مقسمة بين النفوذ الإيراني عبر “حزب الله” وجماعات شيعية عراقية من جهة، والتركي عبر “جبهة النصرة” وجماعات أخرى من المعارضة.

اعتراف صريح: “نحن في خندق واحد”

وبعد كل الحروب والعداء المعلن بين جماعات الإسلام السياسي، السنية منها والشيعية، خرج علينا قيادي حوثي في اليمن، ليؤكد تحالف جماعته الموالية لإيران مع جماعة “الإخوان المسلمين”.

وأشار المدعو محمد ناصر البخيتي، في تغريدة على “تويتر” في الرابع من فبراير الجاري، إلى أن قضية الحوثيين والإخوان المسلمين باتت واحدة في مواجهة ما سماه “المخططات التي تستهدف الجماعتين”.

ويعد ذلك من التصريحات النادرة التي يقر فيها قيادياً في جماعات الإسلام السياسي أن “التطرف السني” متمثلاً بجماعة الإخوان، و”التطرف الشيعي” متمثلاً بالحوثيين، هما “في خندق واحد”.

مكافحة التطرف.. أولوية للقضاء على الإرهاب

وكما أن المتطرفون جميعهم في خندق واحد، يجب على الشعوب العربية أن تتوحد خلف قادتها وجيوشها لتواجه تلك الجماعات وفكرها الظلامي.

يبدأ ذلك عبر تربية الأجيال على مبدأ حب من ليس من طائفتهم أو دينهم، والتخلص من الخطاب العنصري والطائفي ومعاداة الآخرين.. فالقضاء على ظاهرة التطرف والإرهاب هي عملية ثقافية أولاً، قبل أن تكون أمنية أو عسكرية.