أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن “ما تعرض له المسجد الأقصى، خصوصاً في الاسابيع الماضية لم يكن له سابقة منذ احتلال القدس”.
ولفت الأمين العام لحزب الله خلال كلمته في الاحتفال التكريمي لشهداء المقاومة، الى ان “سياسة العدو كانت تزداد قهرا وظلما واذلالا ولذلك كان لا بد من حدث كبير يهز الكيان الغاصب وكل داعميه، خصوصا في واشنطن ولندن ويفتح هذه الملفات امام العالم واعادة طرح القضية الفلسطينة كقضية اولى في العالم”.
وشدد السيد نصر الله على ان “الحدث هو عملية جهادية كبرى في 7 تشرين الاول أي عملية طوفان الاقصى، التي قامت بها كتائب القسام وشاركهم فيها بقية فصائل المقاومة في غزة”، موضحاً أن “هذه العملية كان قرارها فلسطينيا وكذلك تنفيذها مئة بالمئة”.
وتابع: “قد اخفاها اصحابها عن الجميع حتى فصائل المقاومة في غزة وعن محور المقاومة وهذه السرية المطلقة ضمن نجاح العملية الباهر”، ولفت الى ان “هذا الاخفاء لم يزعج احد من محور المقاومة بل اثنينا عليه لانه كان شرطا اساسيا لنجاح العملية، وهذا الاداء من الاخوة في حماس اكد الهوية الحقيقية للمعركة وقطع الطريق على الاعداء والمنافقين، بان يزيفوا ويحرفوا في حقيقة علاقة المقاومة في المنطقة”؟
وقال نصر الله ان “هذه المعركة تثبت انها فلسطينية بالكامل ومن اجل فلسطين وملفاتها وشعبها ولا علاقة لها بأي ملف في المنطقة، وتؤكد مصداقية كل ما كنا نقوله طوال السنوات الماضية ان القرار لدى حركات المقاومة هو لدى حركات المقاومة”.
واعتبر السيد نصر الله أن “هذه الانجازات والنتائج والتداعيات التي نفذها المقاومون في المعركة تستحق كل هذه التضحيات، لانها اسست لمرحلة تاريخية جديدة من مصير الشعب الفلسطيني ومصير شعوب ودول المنطقة”، مضيفاً: “معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد فيها تثبت ان هذه المعركة فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين وقضاياه وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي ودولي”.
وأضاف: “ما حصل في طوفان الأقصى يؤكد أن إيران لا تمارس أي وصاية على الاطلاق على فصائل المقاومة، وأصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها”.
وأشار السيد نصر الله الى ان “العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أدى الى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني، له تداعيات وجودية واستراتيجية وستترك آثارها على حاضر ومستقبل هذا الكيان”، ورأى ان “أهم ما فعلته العملية انها كشفت الضعف والوهن وان اسرائيل بالفعل اوهن من بيت العنكبوت”، وأكد انه “مهما فعلت حكومة العدو لن تستطيع ان تغير من اثار طوفان الاقصى على هذا الكيان ومستقبله”.
ولفت السيد نصر الله الى ان “الادارة الاميركية سارعت برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل من أجل ان يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد، وهو لم يتمكن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة”.
وأردف: “هذه السرعة الاميركية لاحتضان اسرائيل ومساندتها كشف وهن وضعف هذا الكيان”، مضيفاً: “أن يأتي الجنرالات الاميركيون الى الكيان وفتح المخازن الاميركية للجيش الاسرائيلي وطلب اسرائيل من اليوم الأول 10 مليارات دولار فهل هذه دولة قوية وتملك قدرة الوقوف على قدميها؟”.
وقال السيد نصر الله: “كان واضحا من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى ان العدو كان تائها وضائعا”، مضيفاً: “أمام غزة والحادث المهول الذي تعرّض له العدو يبدو ان حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الاطلاق، وما يجري اليوم جرى في السابق في لبنان عام 2006 وفي حروب متكررة في غزة، مع فارق كمي ونوعي ولكن من نفس الطبيعة”.
ولفت السيد نصر الله الى انه “من أهم الأخطاء التي ارتكبها الصهاينة ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها أو يصلوا إليها”، مشيراً الى انه “في عام 2006 وضعوا هدفًا يتمثل بسحق المقاومة في لبنان واستعادة الاسيرين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يوما لم يحققوا أهدافهم واليوم في غزة الوضع نفسه لكن مع حجم الجرائم والمجازر”.
وتابع: “ما يقوم به الاسرائيلي هو قتل الناس في غزة، فأغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء من المدنيين، ولا توجد حرمة لشيء فالاسرائيلي يدمر أحياء بكاملها”.
وأشاد السيد نصر الله ببطولات المقاومين في غزة، وقال: “كلنا شاهدنا بأم العين بطولات المقاومين في غزة فعندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة كيف سيتعامل العدو الاسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع”، لافتاً الى ان “المشاهد الآتية كل يوم وساعة من غزة تقول لهؤلاء الصهاينة مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين لنصرة المقاومة بأنك لن تستطيع من خلال القتل والمجازر ان تصل الى أي نتيجة”، وأكد ان “شهداء غزة وأطفالها والنساء يكشفون كل هذه الأقنعة الكاذبة التي ساهمت وسائل اعلام عالمية ودولية للتغطية عن هذا الكيان”.
وشدد السيد نصر الله على ان “ما يحصل في غزة يكشف المسؤولية الاميركية المباشرة عن كل هذا القتل والنفاق الأميركي”، مضيفاً: “ما يجري في غزة يعكس الطبيعة المتوحشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا”.
واضاف: “مشاهد المجازر الآتية من قطاع غزة تقول لهؤلاء الصهاينة إن نهاية المعركة ستكون انتصار غزة وهزيمة العدو”، مشدداً على ان “أميركا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة واسرائيل هي أداة، فأميركا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف اطلاق النار”.
وتابع: “الأميركي هو الذي يدير الحرب في غزة لذلك أتى قرار المقاومة الاسلامية في العراق، بمهاجمة قواعد الاحتلال الأميركية في العراق وسوريا وهو قرار حكيم وشجاع”.
وذكر السيد نصر الله ان “واجب كل حر وشريف في هذا العالم ان يبيّن هذه الحقائق التي تحدثنا عنها في معركة الرأي العام والرأي العام العالمي بدأ ينقلب على هؤلاء الطغاة المجرمين الذين يقتلون الاطفال والنساء والرأي العام العالمي يرى ذلك”، واكد انه “يجب ان يتحمل الكل مسؤوليته”.
وشدد السيد نصر الله على ان “العدو يغرق في رمال غزة ولكنه يستقوي ويهدد الشعب اللبناني بدماء الأطفال والنساء في غزة والمساجد والكنائس فيها”، لافتاً الى ان “انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية وأولا وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية”.
واكد ان “انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني وانتصار الاسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصا دول الجوار”، وذكّر انه “في العام 1948 عندما تخلى العالم عن الشعب الفلسطيني، قام هذا الكيان ودفع الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة تداعيات وآثار قيام هذا القيام، ولبنان من اكثر الدول التي عانت من وجود هذا الكيان الغاصب”.
وقال السيد نصر الله: “هناك هدفان يجب العمل عليهما هما وقف العدوان على غزة والهدف الثاني أن تنتصر حماس في غزة”، مضيفاً: “ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها وهذا ما يحتم على الجميع تحمل المسؤولية”.
واستخلص خطابه قائلاً: “عليكم العمل من أجل وقف العدوان على غزة ولا يكفي التنديد بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء”، لافتاً الى انه “للأسف كان الخطاب في السابق اقطعوا النفط عن أميركا واليوم نطلب بوقف التصدير الى اسرائيل”، وسأل العرب “أليس فيكم بعض القوة حتى تفتحوا معبر رفح؟”.
واكد السيد نصر الله “نحن دخلنا المعركة منذ 8 تشرين الأول”، وتابع “ما يجري على الحدود مع فلسطين المحتلة هو الاول من نوعه في تاريخ الكيان سواء باستهداف المسيرات والاليا والجنود وتجمعاتهم والتجهيزات الفنية وبمختلف الاسلحة، المقاومة الاسلامية تخوض معركة حقيقية منذ 8 تشرين الاول/اكتوبر معركة حقيقية مختلفة عن كل المعارك التي خاضتها سابقا مختلفة بكل ظروفها ونوعيتها واجراءاتها واستهدافاتها، ولذلك تقدم فيها هذه الكوكبة من الشهداء الشجعان الذين يتقدمون في الصفوف الامامية”.
ولفت الى ان “هذه العمليات للمقاومة وما قدمته من شهداء، عند الحدود يوم السبت 7 تشرين الاول بدأ العدو بسحب جنوده عن الحدود مع لبنان باتجاه قطاع غزة المحاصر، واستدعى ايضا الاحتياط، والعمليات التي بدأت ومن ثم تصاعدت أجبرت العدو ان يبقى قواته وان يضيف اليها قوات، وبعض قوات النخبة التي كان يريد نقلها من الضفة الى غزة جاء بها الى حدود لبنان ، وبالتالي هذه العمليات خففت من هذه القوات عن غزة وجذبتها الى هنا”، وتابع: “البعض يقول إننا نغامر لكنها مغامرة مفيدة ولها حساباتها”.
وقال السيد نصر الله: “اليوم جبهة لبنان استطاعت ان تجذب ثلث الجيش الاسرائيلي الى حدود لبنان، وجزء مهم منها هي قوات نخبة ونظامية”، مضيفاً: “نصف القدرات البحرية الاسرائيلية موجودة اليوم مقابل لبنان وحيفا، نصف الدفاع الصاروخي الاسرائيلي موجه باتجاه لبنان، هذه بعض الثمار المباشرة للمعركة على حدودنا”.
واضاف: “العمليات ادت الى نزوح عشرات الآلاف من المستعمرات وإخلاء عشرات الآلاف في الشمال، وايضا مقابل غزة تم اخلاء 58 مستوطنة، وهذا كله يشكل ضغطا نفسيا وحياتيا واقتصايا وماليا”.
ورأى السيد نصر الله ان “هذه العمليات على الحدود وفي مزارع شبعا اوجدت حالة من الذعر والقلق لدى العدو الاسرائيلي وايضا لدى الاميركيين، من امكانية ان تذهب هذه الجبهة الى تصعيد اضافي وان تتدحرج هذه الجبهة الى احتمالات واسعة”، مؤكداً ان “هذا يمكن ان يحصل وعلى العدو ان يحسب الف حساب، ونحن نقرأ هذه الحسابات بقوة، من خلال الرسائل الغربية والاميركية وبعض الرسائل العربية التي تصلنا كل يوم منذ 7 تشرين”.
واوضح السيد نصر الله ان “هذا الخوف يجعل العدو يحسب خطواته جيدا باتجاه لبنان، وهذا ما نسميه الردع للعدو من قبل المقاومة”، مشيراً الى ان “العدو اليوم يتحمل كل الضربات ويضبط ايقاعه لانه يخشى ان تذهب الامور الى ما يخاف وما يحذر، هذه العمليات والجهوزية والعمل اليوم يجعل العدو مردوعا وإلا كلنا سمعنا الكلام الصهيوني عن ضرورة الاستفادة من الدعم الاميركي لفتح جبهة باتجاه لبنان”.
وشدد على ان “دماء الشهداء تقول للعدو انك سترتكب اكبر حماقة في تاريخ وجودك، إذا ما فتحت جبهة لبنان”.
وقال السيد نصر الله: “منذ 8 تشرين الاول جاء التهديد الاميركي لنا بامكانية الدخول بالمعركة، وهنا أقول تطور وتصاعد الجبهة على الحدود مع فلسطين المحتلة مرهون بأحد امرين اساسين: مسار وتطور الاحداث في غزة لان جبتنا هي جبهة دعم ومساندة لغزة”، وتابع: “المسار الثاني هو سلوك العدو الصهيوني باتجاه لبنان وهنا أحذره من بعض التمادي الذي ادى الى استشهاد بعض المدنيين الذي قد يدفعنا لعودة قاعدة المدني مقابل المدني”، مؤكداً ان “كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وكل الخيارات مفتوحة ويمكن ان نذهب اليها في اي وقت من الاوقات، وان نكون جميعا جاهزين لكل الاحتمالات المفتوحة”.
وتوجه السيد نصر الله للاميركيين بالقول إن “التهويل علينا وعلى المقاومين لا يجدي نفعا لا على الدول ولا على حركات المقاومة”، مضيفاً: “أساطيلكم في البحر المتوسط لا تخيفنا ولم تخفنا في يوم من الايام، وانا اقول لكم بكل صراحة اساطيلكم التي تهددوننا بها لقد اعددنا لها عدتها ايضا”.
وتابع: “ايها الاميركيون عليكم تذكروا هزائمكم في لبنان وافغانستان، ومن هزمكم في لبنان ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اولادهم واحفادهم”.
واعتبر السيد نصر الله أن “طريق الحل ليس التهويل على المقاومين بل وقف العدوان على غزة، وهذه اسرائيل خادمتكم وانتم الاميركيون تستطيعون وقف العدوان على غزة”، مؤكداً ان “من يريد وقف الحرب الاقليمية يجب عليه وقف العدوان على غزة”، ولفت الى انه “في اي حرب اقليمية ستكون الضحية والخاسر الاكبر هي مصالحكم وقواتكم”.
وقال السيد نصر الله إنه “بالرغم من كل التهديدات، قام الشعب اليمني بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيراته، حتى لو أسقطوها لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيرات الى إيلات وإلى القواعد العسكرية الاسرائيلية في جنوب فلسطين”.
وتوجه السيد نصر الله للشعب الفلسطيني ولكل المقاومين الشرفاء في المنطقة بالقول “ما زلنا نحتاج الى وقت ولكننا ننتصر بالنقاط، وهكذا انتصرنا في عام 2006 وفي غزة وهكذا حققت المقاومة في الضفة انجازات”.
واضاف “المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمل وتراكم الانجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه ونحن جميعا يجب ان نعمل لوقف العدوان على غزة وتنتصر المقاومة في غزة”، وتابع: “أقول لأهل غزة والضفة ان صمودنا جميعا واحتسابنا سيكون نتيجته النصر الاكيد ان شاء الله، ونحن واياكم سنلتقي قريبا بالاحتفال بانتصار مقاومة وشعب غزة”.