جاء في “نداء الوطن”:
نجا مخيّم عين الحلوة من قطوع أمني خطير، حين استهدف ناشطان إسلاميان في حي حطين الواقع عند الطرف الجنوبي للمخيم، عنصرين من حركة «فتح» كانا يمرّان في المنطقة. القطوع وصفته أوساط «فتح» بأنّه محاولة اغتيال كادت تدخل القوى الفلسطينية في أتون فتنة لا تُحمد عقباها، وطالبت بتسليمهما إلى الجيش اللبناني أسوة بمن قام بتعريض أمن المخيّم إلى الخطر. اللافت أنّ الحادث الأمني هو الثاني في غضون ثلاثة أيام فقط، إذ سبقه قيام أحد عناصر الأمن الوطني بإطلاق النار في أحد أزقّة رأس الأحمر – الطيرة، على ثلاثة ناشطين إسلاميين، أصاب اثنين منهم بجروح، إلى جانب طفلة صغيرة صُودف وجودها، وقد سارعت عائلته ورابطة «عرب زبيد» إلى تسليمه لمخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، مؤكّدة حرصها على أمن المخيّم واستقراره.
ويُعدّ الحادث الثالث خلال شهر ونصف أيضاً، إذ سبقهما مقتل العنصر الفتحاوي محمود زبيدات وسقوط 11 جرحى من بينهم مدنيون، على يد الفلسطيني خالد علاء الدين الذي ينتمي إلى «عصبة الأنصار الإسلامية» وقد جرى تسليمه إلى مخابرات الجيش، لينتهي التوتر الذي دام نحو أسبوعين، وسط إقفال المدارس والمحال التجارية وشلّ الحركة في الشارع الفوقاني.
القوى الفلسطينية التي لم تسقط من حساباتها في يوم من الأيام هواجسها من توترات أمنية، ترصد باهتمام بالغ خلفية الحدثين الأخيرين لمعرفة ما إذا كانا مرتبطين أم مجرّد صدفة، وتقول أوساطها لـ»نداء الوطن»: «إنّ المؤشرات الأوّلية لا تشير إلى الترابط، بل هي عمليات انتقامية أو ثأرية على خلفية الإشكالات السياسية والأمنية السابقة»، موضحة أنّ قرارها حاسم لجهة تسليم أي مخلّ بالأمن أو من يحاول المسّ باستقرار المخيّم وإيقاع الفتنة.
ويشير قائد «القوة المشتركة» الفلسطينية العقيد عبد الهادي الأسدي لـ»نداء الوطن»الى أنّ «تزامن الحدثين بمنطقتين مختلفتين أحدث نوعاً من النقزة، لكنّ القوى السياسية حريصة على إحباط أي محاولة للتوتير، وقرارها واضح بل حاسم في تسليم أي مخلّ بالأمن لأي طرف إنتمى»، وتحدّث عن لقاء عقد مع لجنة حي حطين ومن خلال القوى الإسلامية من أجل الضغط لتسليم المرتكبين أسوة بمن جرى تسليمهم عقب إقدامهم على الإخلال بالوضع الأمني. ويعتبر المخيّم عاصمة الشتات الفلسطيني وأكبر مخيّمات اللجوء في لبنان، ويقطن فيه نحو 85 ألف نسمة على مساحة كيلومتر مربّع واحد فقط، وتتواجد فيه كل القوى الوطنية والإسلامية، إلى جانب مجموعات إسلامية متشدّدة، ويعيش دوماً على صفيح ساخن من التوتّرات الأمنية، إذ لا يكاد ينتهي إشكال أو اشتباك حتى يقع آخر، ما جعله محكوماً بمعادلة الأمن المفقود دون الانفجار الكبير، أو الأمن بالتراضي حيناً أو المربّعات الأمنية حيناً آخر.
سخونة الأوضاع الأمنية دفعت القوى الفلسطينية الى عقد اجتماعين لهيئة العمل المشترك، الأول في قاعة مسجد النور في عين الحلوة، والثاني في مقرّ السفارة الفلسطينية في بيروت، وخلص المجتمعون إلى اعتبار ما جرى من محاولة اغتيال عملاً أمنياً مشبوهاً يصبّ في توتير الوضع الأمني في المخيم و»أي مخلّ بأمن أهلنا وشعبنا في المخيّم سيتمّ تسليمه الى القضاء اللبناني»، بينما التقى سفير دولة فلسطين أشرف دبّور مسؤول «عصبة الأنصار الاسلامية» الشيخ أبو طارق السعدي.
وأوضح القيادي في هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان غسان أيوب لـ»نداء الوطن» أنّ القوى «أكّدت حرصها على أمن واستقرار المخيّمات ومنها عين الحلوة، وعلى تعزيز العمل المشترك لقطع الطريق على أي محاولة للتوتير، وعلى الحفاظ على الموقف الحيادي الإيجابي في عدم التدخّل بالشؤون اللبنانية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة، وعلى دعوة وكالة «الأونروا» الى تحمّل مسؤولياتها كاملة في رعاية اللاجئين وتوفير الخدمات لهم للعيش بكرامة».