والد صوفي يسقط الدعوى بحق نقيب الأطباء السابق ريمون صايغ

في مشهد مؤثر وموقف نادر في القضاء اللبناني، أسقط فوزي مشلب، والد الطفلة صوفي مشلب، الدعوى المقدمة ضد نقيب الأطباء السابق ريمون صايغ، وذلك خلال جلسة استجواب المدعى عليه أمام القاضي المنفرد الجزائي في المتن، طارق بو نصار، في إطار القضية المتعلقة بالخطأ الطبي الذي تعرضت له ابنته.

وجاءت خطوة مشلب بعدما صدر حكم قضائي سابق بحق صايغ ورئيسة لجنة التحقيقات في نقابة الأطباء كلود سمعان، في القضية التي هزت الرأي العام وشكلت علامة فارقة في ملف الأخطاء الطبية في لبنان.

وفي مستهل الجلسة، تحدث مشلب من موقع الألم، مستعيدًا رحلة نضاله الطويلة منذ وقوع الخطأ الطبي الذي تسبب بمأساة عائلته، مؤكدًا أن معركته القضائية لم تكن بدافع التشفي، بل سعيًا لتصويب الخلل الجذري في عمل نقابة الأطباء، ووضع حد لسياسة “حماية الطبيب، ظالمًا كان أم مظلومًا”.

وقال مشلب كلمته التي تحوّلت إلى شعار: “ما قبل صوفي ليس كما بعد صوفي“، مشيرًا إلى أن الخصومة التي نشأت مع صايغ لم تمنعه من الاعتراف بموقف إنساني سجّله الأخير، حين زار الطفلة صوفي في المستشفى برفقة عدد من طلابه بعد صدور التقرير الأول عن النقابة، وأبدى تعاطفًا واضحًا مع وضعها الصحي.

وأوضح مشلب أن الحالة الصحية الحرجة التي مرّ بها صايغ، دفعت به إلى اتخاذ قرار العفو، مؤكدًا أن “العفو عند المقدرة من شيم الكبار”، لكنه اشترط أن يعترف صايغ بخطأ التقرير الصادر عن نقابة الأطباء والذي تبنّاه سابقًا.

وأمام المحكمة، أقر صايغ بوجود أخطاء عدّة في التقرير الأول، مشيرًا إلى أن النقابة عادت لاحقًا وأصدرت تقريرًا ثانيًا يؤكد هذه الأخطاء.

بناءً على هذا الاعتراف، قرر مشلب إسقاط الدعوى بحق صايغ، ليشكّل هذا التطور محطة مفصلية في مسار قضية صوفي مشلب، التي تحوّلت إلى رمز لمكافحة الفساد المهني والقصور الطبي في لبنان.

وعلى الرغم من إسقاط الدعوى عن صايغ، أكد مشلب استمراره في ملاحقة الطبيبة كلود سمعان أمام محكمة الاستئناف، في خطوة تؤكد أن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن محاسبة من زوّر التحقيق لا تزال مستمرة.

ثماني سنوات من النضال لم تكن سهلة، لكن فوزي مشلب أثبت أنه قادر على تحويل الجرح إلى قضية رأي عام، وعلى الانتصار للحق دون أن يفقد القدرة على التسامح. وهكذا، خطّ والد صوفي مشلب نهاية مشرّفة لمرحلة، وبداية لمسار إصلاحي في نقابة الأطباء، عنوانه: “ما قبل صوفي ليس كما بعدها“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *