لمن يزعجهم صوت المضغ… هذا الخبر لكم

كشفت دراسة حديثة عن أسرار وراثية كامنة وراء “مرض غامض” يجعل المصابين به يعانون من ردود فعل سلبية عند سماع بعض الأصوات اليومية العادية، مثل مضغ الطعام أو نقر الأقلام أو حتى التنفس.

وشملت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من المركز الطبي بجامعة أمستردام، تحليل بيانات 80 ألف شخص. وتوصلت إلى نتائج مثيرة تربط بين هذا الاضطراب وعدد من الحالات النفسية والعصبية. حيث وجدت النتائج تداخلا جينيا بين الاضطراب العصبي “الميسوفونيا” (Misophonia) – أو كما يعرف أيضا باسم الميزوفونيا أو متلازمة حساسية الصوت الانتقائية – وكل من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب الشديد والقلق، بالإضافة إلى ارتباط واضح بطنين الأذن المزمن.

وتم اعتماد مصطلح “الميسوفونيا” في عام 2001، ويصف حالة مزمنة تثير فيها أصوات معينة ردود فعل سلبية شديدة يمكن أن تؤثر على الحياة اليومية والتفاعلات الاجتماعية. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 5% إلى 20% من السكان يعانون من الميسوفونيا، رغم أن النسبة قد تكون أعلى، حيث أن هذا الاضطراب يوصف بأنه “ظاهرة غير مبلغ عنها بشكل كبير”.

وأوضح الأستاذ المساعد ديرك سميت، قائد الفريق البحثي، أن “الجينات المرتبطة بالميسوفونيا تتقاطع مع جينات سمة الشخصية التهيجية (أو الاستثارية)، والتي تمثل جوهر هذه الحالة المرضية”. مضيفا أن المصابين يعانون من نوبات غضب شديدة عند سماع الأصوات المحفزة، تليها في الغالب سلوكيات تجنب ومشاعر بالذنب.

ومن الاكتشافات المثيرة للجدل التي توصلت إليها الدراسة، ذلك الارتباط السلبي غير المتوقع بين الميسوفونيا واضطراب طيف التوحد، رغم أن الأخير يرتبط عادة بمشاكل الحساسية الحسية. وهو ما وصفه الباحثون بأنه “مفارقة علمية تحتاج لمزيد من البحث”.

واعتمدت الدراسة على تحليل 44 سمة ومرضا مختلفا، بما في ذلك الحالات النفسية والسمعية وسمات الشخصية. ورصدت علاقة قوية بين الموضع الجيني rs2937573 – القريب من جين TENM2 المسؤول عن تطور الدماغ – والحساسية المفرطة تجاه أصوات المضغ.

لكن الباحثين حذروا من بعض القيود في الدراسة، أبرزها اعتمادها على تشخيص ذاتي للمشاركين بدلا من تشخيص طبي رسمي، وكذلك تركيزها على الغضب كرد فعل أساسي رغم أن الأعراض تشمل أيضا القلق والاشمئزاز وضيق التنفس والتعرق الغزير.

وهذه النتائج تفتح الباب أمام فهم أعمق لأحد أكثر الاضطرابات غموضا، رغم أنه ما يزال “ظاهرة غير مبلغ عنها بشكل كاف” حسب وصف الباحثين.

كما تبرز الحاجة الملحة لتطوير أساليب تشخيص وعلاج أكثر دقة لهذه الحالة التي يمكن أن تعكر صفو الحياة اليومية وتؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *