اعتبر الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية بعنوان: ” مرحلة جديدة في الأفق”، أنه “بات واضحًا أن أي خطة تعافٍ لا يمكن أن تنجح إلا من خلال شراكة مسؤولة بين الأطراف المعنيّة، تقود إلى استعادة الثقة وحماية حقوق المودعين دون المس بمقومات استمرارية القطاع المصرفي. هذه الثوابت لم تعد مجرّد وجهة نظر مصرفية، بل أصبحت محورًا لمواقف رسمية متقدّمة، برزت خلال اللقاءات الأخيرة التي عقدتها جمعية المصارف مع جهات رسمية عدّة، كان آخرها مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد”.
أضاف:”لقد تميّز اللقاء مع سعادة الحاكم بالمصارحة ووضوح الرؤية، وبمواقف تستحق التوقّف عندها، لأنها أعادت توجيه النقاش إلى سكّة المنطق والعدالة، ضمن مقاربة يمكن تلخيصها بالعناوين الآتية:
- إن الاعتراف بالطابع النظامي للأزمة لا يَهدف للتنصّل من المسؤوليات، بل لفهم طبيعة الخلل وبلورة سبل المعالجة.
- لا حلّ ممكن من دون الإقرار بأن المسؤولية ثلاثية الأبعاد: الدولة، مصرف لبنان، والمصارف. فكلّ اختزال أو تحميل أحادي يعيدنا إلى الحلقة المفرغة.
- إن معالجة الفجوة لا تتحقّق فقط عبر تقليص المطلوبات أو إعادة هيكلة المصارف، بل تبدأ أولًا بتنظيم حسابات مصرف لبنان وتحديد التزامات الدولة تجاهه.
- لا يمكن شطب ديون مصرف لبنان تجاه المصارف، كونها تُعدّ التزامًا تجاريًا صريحًا بموجب القانون.
أما المصارف من جهتها، فتُعيد التأكيد على المسلّمات الآتية: - إن الدولة مدعوّة إلى تطبيق قوانينها، بدءًا بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تُحمّلها مسؤولية تغطية خسائر المصرف المركزي.
- إن السياسات التي استنزفت الاحتياطيات الأجنبية، من دعم غير مدروس وتمويل مزمن لعجز الدولة، تشكّل السبب الجوهري للفجوة المالية.
- إن استبعاد المصارف من النقاش أو اللجان، بحجّة تضارب المصالح، يُشكّل مساسًا بمبدأ الشراكة. وإذا كانت مشاركة المصارف موضوع تحفُّظٍ، فكيف بالدولة ومصرف لبنان، وقد تسبَّبا في تبديد الودائع؟
- إن توظيف أموال المودعين لدى مصرف لبنان جاء بغالبيته نتيجة التزام المصارف بالتعاميم الصادرة عنه وبأصول التعامل التي فرضها مصرف لبنان على المصارف.
- بعد أن أجمعت كافة الجهات، المحلية والدولية، على أن الأزمة اللبنانية غير مسبوقة عالميًا، فإنّ أي خطة معالجة يجب أن تراعي خصوصية الواقع اللبناني، لا أن تستنسخ نماذج خارجية لا تشبهه لا في تركيبته ولا في تعقيدات الأزمة الحالية”.
ختم: “من هذا المنطلق، تُعتَبر المواقف الرسمية المستجدة تصحيحًا لمسار النقاش العام، وفرصة حقيقية لإنقاذ ما تبقّى من مقومات، شرط أن تُترجم هذه المبادئ إلى سياسات عملية، وأن تُحوَّل إلى نصوص وتشريعات واضحة قابلة التطبيق”.