تمثل بحيرة تشالا الأفريقية أرشيفًا جيولوجيًا نادرًا، حيث احتُفظ في رواسبها بسجل فريد لتقلبات المجال المغناطيسي وظروف المناخ القديم.
وبحسب مجلة Geochemistry, Geophysics, Geosystems، تقع بحيرة تشالا الساحرة على الحدود بين كينيا وتنزانيا، في فوهة بركان خامد منذ أمد بعيد، ما جعلها وجهة سياحية مميزة. إلا أن الاهتمام العلمي بالبحيرة ازداد في الآونة الأخيرة، إذ كشفت الرواسب المتراكمة في قاعها عن تغيرات في المجال المغناطيسي للأرض تعود إلى نحو 150 ألف سنة.
ويشرح العلماء أن الصخور، خاصة تلك التي تحتوي على معادن مغناطيسية، تحتفظ باتجاه وشدة المجال المغناطيسي السائد وقت تكوّنها، ما يجعلها أشبه بـ”بصمة مغناطيسية” توثق لحظات من الماضي الجيولوجي. وهذا ما وجدوه عند تحليل عينة أساسية تم استخراجها من قاع البحيرة، حيث احتفظت بسجل مغناطيسي دقيق.
تكتسب هذه النتائج أهمية خاصة لندرة السجلات المغناطيسية في المناطق الاستوائية، بخلاف وفرتها في مناطق خطوط العرض العليا القريبة من القطبين. وتُعد بحيرة تشالا بيئة مثالية لحفظ هذه السجلات بفضل استقرار نظامها المائي وعزلتها الطبيعية، مما أتاح تراكم الرواسب بشكل منتظم على مر العصور.
وقد تمكّن الباحثون من تحديد ست حالات انحراف مغناطيسي ضمن هذا السجل، وهي اضطرابات مؤقتة في بنية المجال المغناطيسي للأرض لم يُسجّل مثلها في أي مكان آخر. ويرجّح العلماء أن تكون هذه الظواهر ناجمة عن اضطرابات في النواة الداخلية للأرض، على الحدود بين جزئها السائل والصلب.
إلى جانب ذلك، توفر الرواسب في بحيرة تشالا أدلة على تحولات مناخية قد تكون أثّرت على تحركات الإنسان القديم. ومن أبرز ما تم اكتشافه، وجود طبقة تحتوي على رماد ناتج عن ثوران بركان توبا الهائل في إندونيسيا قبل نحو 74 ألف عام، ما يشكّل مرجعية زمنية دقيقة تربط بين السجلات الجيولوجية والمناخية والأثرية حول العالم.