عيسى الخوري: لبنان قادر على المنافسة عالمياً رغم التحديات

أكد وزير الصناعة جو عيسى الخوري أنه “كوزير للصناعة، أؤمن أن الابتكار ليس ترفًاً، بل ضرورة. وإذا أردنا للبنان أن يتجاوز تحدّياته الاقتصادية ويعيد تموضعه الاقليمي والدولي، علينا أن نتبنّى نموذجًا جديدًا للنمو الصناعي قائماً على المعرفة، موجّهاً نحو التصدير، صديقاً للبيئة، ومندمجاً رقميًا. الثورة الصناعية الرابعة ليست مفهومًا مستقبليًا بعيدًا – إنها هنا، ويجب على لبنان ألا يتأخّر عنها. من خلال الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتصنيع الذكي، وسلاسل الإمداد الرقمية، يمكننا إعادة تشكيل قطاع صناعي موجّه نحو التصدير، تنافسي، ومستدام. PowerX هي المنصّة الحاضنة لهذا التحوّل، والتي تعزّز الحوار بين روّاد الأعمال والصناعيّين، وبين لبنان والعالم”.

وشارك الخوري في افتتاح “PowerX 2025” وهي أول قمة وطنية في لبنان مخصصة لريادة الأعمال والابتكار، في حضور عدد من النواب والسفراء والشركاء الدوليين والشخصيات الرائدة في هذا المجال.

وألقى كلمة عن دور وزارة الصناعة في دعم الابتكار أثنى فيها على تنظيم مؤسسة بيريتيك Berytech ورئيس مجلس إدارتها مارون شمّاس هذا الحدث الهام، مقدّراً دعم الشركاء الدوليين وثقتهم بمستقبل لبنان وقدرات أبنائه.

وأكد ان “PowerX ليست مجرد قمّة، بل رسالة تؤكد أن الشعب اللبناني، رغم الأزمات، لا يزال يؤمن بقدرته على الابتكار، والتأقلم، والأهم من ذلك الازدهار”.

وتوقّف عند بعض ركائز رؤية وزارة الصناعة المستقبليّة ومنها التحوّل الرقمي. ودعا الصناعيين إلى مكننة خطوط إنتاجهم وخدماتهم اللوجستية، واعتماد أدوات ذكيّة وأتمتة العمليات لزيادة الإنتاجية، مذكّرا بانه أطلق الاسبوع الماضي مناقصة لمكننة الوزارة بالكامل، بمساعدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ما يساهم في زيادة كفاءة الموظّفين. كما لفت الى العمل على حملة “صُنع من كل لبنان” إلى جانب فرض معايير صارمة على الجودة، تساهم في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات اللبنانية حول العالم.

وشدّد عيسى الخوري على أن “الابتكار لا ينمو في عزلة”، معلناً إطلاق مبادرات لربط البحث العلمي بالإنتاج الصناعي، من خلال تعاون الجامعات مع المصانع، وتشجيع الطلاب والشركات الناشئة على ابتكار حلول يحتاجها السوق. وتحدّث عن أهمية “جمعيّة انجازات البحوث الصناعيّة – لبنان” (IRALEB) التي تهدف إلى ربط الباحثين الأكاديميّين والشركات الناشئة مع الشركاء الصناعيّين، للحدّ من هجرة الأدمغة، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة. كما ركّز على وجوب الانتقال إلى الطاقة المتجددة، كاشفاً عن السعي الى وضع أطر للمناطق الصناعية التي تعتمد الطاقة الشمسية، ولتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري في إدارة النفايات والمياه.

وتابع: “في هذه القمّة، يقف رائد الأعمال اللبناني – الشاب أو الشابّة التي تطوّر تطبيقًا صحّيًا، أو المهندس الذي يصمّم جهازًا ذكيًا للري. هؤلاء لا يديرون مجرد مشروع تجاري، بل يساهمون في صنع مستقبل هذا البلد. لهذا، تعمل الوزارة مع شركاء عديدين لتسهيل الإجراءات الإدارية، وتبسيط تراخيص الشركات الناشئة، وتوفير مصادر تمويل للمشاريع ذات الأثر العالي، كما ندفع باتجاه قوانين تشجّع الاستثمار، منها الإعفاءات الضريبية وتحديث قوانين رأس المال الاستثماري.”

ورأى وزير الصناعة أن لبنان، رغم الصعوبات، ما زال مختبرًا للإبداع ومنصّة لإطلاق حلول قابلة للتطبيق عالميًا، لكن الحكومة وحدها لا يجب ولا تستطيع تحقيق التغيير، ولا يمكن لروّاد الأعمال أن ينجحوا بمعزل عن الآخرين، لذا نحن بحاجة إلى شراكات – بين القطاعين العام والخاص، بين المؤسسات المحلية والدولية، بين المستثمرين والمبتكرين”.

ووصف “PowerX” بالنموذج الأمثل لهذه الروحيّة، فخلال الأيام الثلاثة منه، سيتبادل المئات من الناس الأفكار، ويكتشفون التقنيات، ويؤسسون الشراكات التي يجب ألا تنتهي مع نهاية القمّة، بل أن تصبح قاعدة لتحالفات طويلة الأمد”. كما توجّه للشركاء الدوليين، قائلا: “دعمكم لمثل هذه الفعاليات هو استثمار في مستقبل لبنان – اقتصاديًا واجتماعيًا. ورسالتكم واضحة: لبنان يستحق أن يُستثمر فيه.”

اما للحاضرين من رواد الاعمال والمبتكرين فدعاهم إلى اغتنام هذه اللحظة وتحويل الأفكار إلى نماذج أولية، والتحديات إلى شراكات، والطموحات إلى إنجازات، لبناء لبنان صناعي تكنولوجي جديد يحترم بيئته، يمكّن شعبه، وينافس الأفضل عالميًا.

وكشف للحاضرين أنه استعان في صياغتها بـ”Chat GPT” بعد تلقينه المعلومات اللازمة، في إشارة الى أهمية التطوّر التكنولوجي، ثم تابع بكلمة من صياغته، متوجّها فيها الى الشباب، بالقول: “لبنان بحاجة الى شجاعتكم، مهاراتكم، وإلتزامكم. لا تخافوا ان تحلموا، ولا تتراجعوا امام الصعوبات. هناك عبارة أحبّ تكرارها دائمًا: “Des innocents ne savaient qu’une chose était impossible alors ils l’ont faite.” اي بعض الأبرياء لم يعلموا أن شيئاً ما مستحيل، فأنجزوه! لذا آمنوا بأنفسكم، ولا تيأسوا أبدًا”.

وشدد على انه رغم التحديات التي واجهها لبنان، من الأزمة الاقتصادية إلى انهيار العملة، مروراً بالقطاع المصرفي ومشكلة الكهرباء، وصولاً الى ضعف البنية التحتية للاتصالات والفساد، إلّا أن قطاع التكنولوجيا لا يزال في لبنان يثبت صموده، مدفوعًا بطاقات بشرية ماهرة، ومجموعة مواهب متنوّعة.

كذلك تطرق الى بعض الدراسات التي تشير إلى أن لبنان يصدّر سنويًا أكثر من 300 مليون دولار من المنتجات التكنولوجية، ليس فقط في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحوسبة، بل في المعدات أيضًا. وأشار الى أن قانون “مناطق التكنولوجيا الصناعية”، الذي أُقرَّ قبل ثلاثة أسابيع في مجلس النواب، قد يكون نقطة تحوّل حقيقية في لبنان، فهو من شأنه أن يفتح أبواب الاستثمار الصناعي التكنولوجي في لبنان أمام الشركات العالمية.

وعبّر عن فخره بالشابات والشباب العاملين في هذا القطاع، مشيراً إلى أن سبعة وعشرين بالمائة ( 27% ) من مهندسي البرمجة الشباب في لبنان هم من النساء، وهذا رقم أعلى من المتوسط العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *