قرر مجلس الوزراء الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون وحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء قبل ظهر الخميس في قصر بعبدا، اصدار موازنة العام 2025 بمرسوم.
كما تم الاتفاق على وضع الوزارات لائحة تفصيلية بالأمور الإصلاحية المطلوبة في كل وزارة ووضع جدول زمني لتنفيذها، وعلى إعادة العمل وفق آلية شفافة للتعيينات الإدارية المقبلة، إضافة الى تشكيل الهيئات الناظمة مع وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية.
وأطلع الرئيس عون، من جهته، الحكومة على نتائج زيارته الى المملكة العربية السعودية، ومشاركته في القمة العربية غير العادية في القاهرة، وشدد على أن “مجلس الوزراء يملك مرجعية القرار وليس الاحزاب ولا الطوائف”، قائلاً: “نحن هنا لاتخاذ القرارات، وليس للتعطيل”.
وأكد الرئيس سلام أن “مجلس الوزراء باشر اليوم باطلاق ورشة إصلاحية شاملة بالإستناد الى البيان الوزاري على مختلف الصعد الإدارية والمالية والقضائية”، مشيراً إلى “الاتفاق داخل المجلس على إعادة العمل وفق آلية شفافة للتعيينات الإدارية المقبلة، إضافة إلى تشكيل الهيئات الناظمة مع وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية”.
وكان سبق الجلسة اجتماع بين الرئيسين عون وسلام تداولا خلاله في جدول الاعمال.
وبعد انتهاء الجلسة، تحدث الرئيس سلام الى الإعلاميين، قائلاً: “أود اولاً ان أهنىء اللبنانيين بحلول شهر رمضان المبارك. باشرنا اليوم في مجلس الوزراء باطلاق ورشة إصلاحية شاملة بالاستناد الى البيان الوزاري على مختلف الصعد الإدارية والمالية والقضائية. كنت أصدرت تعميماً طلبت فيه من الزملاء الوزراء اصدار كل المراسيم التنظيمية المطلوبة لوضع القوانين النافذة موضع التنفيذ خلال مهلة شهر ونصف. واعدنا اليوم التذكير بهذا الامر، لأنه من الأمور المستعجلة”.
أضاف: “اليوم ركزنا على ضرورة استكمال البنود الإصلاحية الواردة في اتفاق الطائف، فهناك أمور تتطلب اصدار قوانين، وأمور أخرى لها قوانين موجودة، إما في المجلس النيابي، أو الحكومة سحبتها. وسنسير بهذه القوانين بحسب الأولوية. وهناك أمور أخرى بحاجة الى قرار، مثل العودة الى انعقاد جلسات مجلس الوزراء في مقر خاص بمجلس الوزراء كما تنص المادة 65 من الدستور، وليس في القصر الجمهوري او في رئاسة مجلس الوزراء، تأكيدا على أن مجلس الوزراء هو مؤسسة مستقلة عن رئيس الجمهورية وعن رئيس الوزراء. يتطلب هذا الامر الكشف على مقر مجلس الوزراء قرب المتحف، وسنعلن الأسبوع المقبل كيف سيتم تطبيق هذا القرار الذي تم اتخاذه اليوم”.
وتابع: “اتفقنا أيضا مع الوزراء على وضع لائحة تفصيلية بالامور الإصلاحية المطلوبة في كل وزارة من هذه الوزارات، ووضع جدول زمني لتنفيذها، في مهلة 30 يوماً او ستين او تسعين، بحسب أولوياتها، بالإضافة الى الأمور التي سيتم العمل عليها على مدى متوسط. كما اتفقنا على إعادة العمل وفق آلية شفافة للتعيينات الإدارية المقبلة، بالإضافة الى تشكيل الهيئات الناظمة مع وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية”.
وأردف: “في موضوع الموازنة، اعتبرنا أن الاستمرار في الصرف على القاعدة الاثني عشرية، يلزم المالية العامة بسقف موازنة العام 2024، بينما في الواقع الحاجات تغيرت، وهناك حاجات إضافية، غير مغطاة فيها، ولا نود الاستمرار بالصرف بسلفات خزينة نظراً للمشاكل القانونية العديدة التي يثيرها هذا الامر. لذلك تم إقرار اصدار موازنة العام 2025 بمرسوم، اولاً لمنع التعطيل او تأخير الحاجات العامة وخدمات المواطنين. كان من الممكن أن نستردها، ونقول أننا سنعيد العمل عليها، ولكن أردنا الابتعاد عن الترقيع من جهة، ومن جهة أخرى ليس لدينا ترف الوقت لاستردادها او لجعلها موضع نقاشات كثيرة في المجلس النيابي. وبالتوازي مع إقرار موازنة العام 2025 بمرسوم ، كلفنا وزير المالية باعداد مشروع قانون خلال أسبوع لاعادة النظر بالرسوم الواردة في الموازنة لتدارك الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية التي يمكن ان تترتب على المواطنين”.
وختم: “الأهم أننا سننكب على اعداد موازنة العام 2026، وهي التي ستكون الموازنة الإصلاحية الإنمائية التي بامكانكم محاسبتنا عليها، وليس على موازنة العام 2025”.
ثم تلا وزير الاعلام بول مرقص مقررات الجلسة، وقال: “عقد مجلس الوزراء جلسته في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة السيد رئيس الجمهورية وحضور السيد رئيس مجلس الوزراء والسيدات والسادة الوزراء بغياب السيد وزير الطاقة بداعي السفر. بداية، تحدث السيد رئيس الجمهورية مهنئاً اللبنانيين بحلول شهر رمضان المبارك، الذي يحل في الفترة عينها مع الصوم المبارك لدى الطوائف المسيحية مجتمعة. وهنأ الرئيس عون الحكومة بنيلها ثقة مجلس النواب بأكثرية 95 صوتاً، ما يعبّر عن ثقة الشعب والنواب بها، لذلك يجب ان تكون على قدر المسؤولية”.
وأضاف: “لفتني رفع العلم اللبناني في ساحة الشهداء مع علامة حمراء على الارزة التي تتوسطه، مشدداً على أن هذا الأمر لا يجوز، اذ من غير المسموح المساس بالعلم، حتى ولو كان بنوايا صافية، لان العلم هو رمز البلد والمحافظة عليه واجبنا جميعاً. لذلك، اطلب منكم العمل في وزاراتكم على الاهتمام بالعلم اللبناني وابدال القديم منه بالجديد”.
ووضع الرئيس عون المجلس في اجواء الزيارة التي قام بها الى المملكة العربية السعودية، ولقائه ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اضافة الى المحادثات الموسعة التي اجريت، مشدداً على اهمية هذه الزيارة. وقال: “هناك استعداد سعودي لمساعدة لبنان فور القيام بالاصلاحات اللازمة. وقد شددت خلال اللقاء، على ان الاصلاحات هي مطلب لبناني قبل ان يكون مطلباً خارجياً ونحن ننوي القيام بها نظراً الى حاجة لبنان اليها، ولكن مساعدتكم للبنان مهمة ايضاً. وتمنيت على سمو ولي العهد العمل على رفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان، وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية الى المملكة، والطلبان حالياً قيد الدرس وفق ما ورد في البيان المشترك الذي صدر بعد الزيارة.”
ولفت رئيس الجمهورية إلى زيارة ثانية مرتقبة الى السعودية بعد عيد الفطر، سيشارك فيها عدد من الوزراء لتوقيع اتفاقيات بين البلدين، “وهو ما سيعطي دفعاً إضافيا للبنان”.
كما وضع رئيس الجمهورية مجلس الوزراء في أجواء مشاركته في القمة العربية الطارئة التي عقدت في مصر، وقال أنه “التقى مع 10 رؤساء دول، اكدوا جميعهم الدعم للبنان وأنهم بانتظار الاصلاحات التي سيقومون بها، ورغبتهم في زيارته. كما ابدى العاهل الأردني عبد الله الثاني بن الحسين دعم بلاده السياسي، إضافة الى دعم تسليح الجيش اللبناني، فيما أيّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية بالنسبة الى المخيمات الفلسطينية والسلاح الموجود فيها”.
وشدد الرئيس عون على ان مجلس الوزراء يملك مرجعية القرار، وليس الاحزاب ولا الطوائف، وقال: “نحن هنا لاتخاذ القرارات وليس للتعطيل، ونحن تحت انظار الجميع في هذا السياق”. وتمنى على الوزراء الالتزام بسرية المداولات داخل الجلسة.
ثم تحدث رئيس مجلس الوزراء، فشكر الرئيس عون على كلمته، وبدأ بعرض المواضيع المدرجة على جدول الاعمال .
حرص دولة رئيس مجلس الوزراء على المباشرة فوراً بجدول الاعمال، وعرض آلية تنفيذ الإصلاحات التي تضمنها البيان الوزاري وفق جدول زمني يراعي الأولويات والحاجات الملحة. ودعا أيضا الى تنفيذ ما لم ينفذ في اتفاق الطائف، وما نفذ على نحو غير سليم. كل ذلك طلب فيه من الوزراء التعاون والتنسيق لوضع جدول زمني واضح في الموضوعات المطلوبة في وزاراتهم وفقا للحاجيات والاولويات.
كما جرى التطرق الى آليات التعيينات الإدارية، وقد اكد رئيس الحكومة على ضرورة التسريع بتعيين الهيئات الناظمة التي تعتبر المدماك الأساسي لتفعيل الخدمات العامة”.
وأورد بعض المقررات، ومنها:
– إقرار مشروع القانون لمنح المتضررين من الحرب الإسرائيلية على لبنان، بعض الإعفاءات على الضرائب والرسوم وتعليق المهل الضريبية.
– بالنسبة لمشروع الموازنة، تم اقراره بمرسوم كما ذكر رئيس الحكومة، وبالتوازي هناك مشروع مرسوم ستعده وزارة المالية خلال أسبوع لاعادة النظر بالرسوم.
– إقرار مشروع قانون معجل يرمي الى تمديد سن التقاعد للديبلوماسيين
– إقرار مشروع قانون يرمي الى طلب الموافقة على اتفاقية القرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للانشاء والتعمير، لمشروع الحد من تلوث بحيرة القرعون، وعلى تمديد مهلة الاقفال، إضافة الى إقرار بعض الشؤون الوظيفية الأخرى.
– الموافقة على استمرار عدد معين من السفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في وزارة الخارجية موقتا، اعتبارا من 9 آذار.
– الموافقة لقيادة الجيش بناء على طلب وزارة الدفاع التعاقد مع أطباء صيادلة، وممرضين تقنيين، ومساعدين في الجسم الطبي، وفنيين اداريين، ومبرمجين.
– الموافقة على تعيين 36 ضابطاً اختصاص في مختلف المجالات لصالح المديرية العامة لقوى الامن الداخلي
إضافة الى أمور أخرى إدارية منتظمة، ومن ذلك أيضا الموافقة على معظم التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للقانون الدولي للإنسان حول الانتهاكات الإسرائيلية، وترك بند لمزيد من المناقشة”.
وأضاف: “هنا اتوقف فقط عند ما اثاره وزيرا الزراعة والبيئة في موضوع التغييرات المناخية، وكمية الأمطار القليلة التي وصلت هذا العام الى حوالى 35 % من المعدل العام، والمخاطر من الجفاف في القطاع الزراعي، وضرورة تأمين مياه الري، إضافة الى تحذيره من حرائق الغابات. كما تم التشدد في موضوع حماية الطيور المهاجرة”.
وعندما سئل عمن تشملهم الإعفاءات في موضوع الضرائب، وما هو المعيار، أجاب: “في موضوع الإعفاءات، يجب أن يكون هناك ضرر مادي مباشر قد أصاب وحدات سكنية او تجارية وغيرها، ينظر به، ويتم المسح والتدقيق، ثم يتخذ القرار بشان الإعفاءات. وقد استغرق بحث هذا الامر وقتاً لتحديد معايير واضحة للاستفادة من الاعفاءات”.
وسئل أيضاً: تم اصدار مرسوم موزانة عام 2025، ويقال أن أرقامها غير واقعية، خصوصاً بعد تداعيات العدوان الإسرائيلي، فما رأيكم؟
أجاب: “اخذ هذا الموضوع نقاشا مستفيضا في مجلس الوزراء، وكنا امام خيارين، اما ان نتأخر اكثر، ونعمل على موازنة جديدة، يكون الزمن قد تجاوزها الى حين الانتهاء منها، ونعيد تحويلها الى مجلس النواب، او نتبع منهجية سليمة تقضي بما يلي: إقرارها بمرسوم كما هي مع إمكانية النظر في الإشكالات التي يمكن ان تطرأ، وبالتوازي يتم اعداد مشروع مرسوم إعادة النظر بالرسوم لأنها احياناً توقع غبنا على بعض الأماكن السياحية والتجارية”.
وسئل: هل ستقر التعيينات الأسبوع المقبل؟ وهل هناك توجه لتغيير كل المواقع الأمنية والإدارية، او سيتم ملء الشواغر بالمرحلة الأولى؟
أجاب: “ليس لدينا موعد محدد للتعيينات، لأننا لا نقارب ملف التعيينات بمقاربة اسمية، بل بمقاربة منهجية، أساس العمل هو على المنهجية والآلية كي تكون هذه التعيينات مراعية للكفاءة والنزاهة في هذه المواقع، ولم يدخل مجلس الوزراء بالاسماء، لأن المقاربة مختلفة والا لكنا اقدمنا مباشرة على إقرار التعيينات”.
كما سئل: ذكرت انه سيتم تعديل الرسوم، فماذا على الناس ان يفعلوا الآن؟ هل يدفعون الرسوم ام لا؟
أجاب: “أساسا، هذه مشاريع نصوص موجودة في مجلس النواب، وهي ليست مقرة بالأساس، حتى في موضوع الرسوم التي كانت أرسلت من الحكومة السابقة. ما سيحصل هو انه عملا بحقنا الدستوري، لدينا الحق بإصدار الموازنة بمرسوم، وسنرسل مشروعاً معجلاً في موضوع الرسوم بمهلة أسبوع”.
وأيضاً: هل ستعلق اذا الرسوم؟
أجاب: “هذه الرسوم لم تقر أساسا ليتم تعليقها. كانت مجرد مشروع، وسنعيد النظر به خلال أسبوع”.
سئل عما قيل عن اتفاق لبناني أميركي إسرائيلي حول عدم انسحاب اسرائيل فأجاب: “ليس هناك اتفاق ابدا يمكن ان يكون على حساب التراب اللبناني، وهناك تأكيد على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل والتام”.
ورداً على سؤال، أوضح أن “التعيينات الأمنية ستخضع أيضا لمعايير، هناك خصوصيات في بعض الاسلاك، ولكنها ليست متفلتة من المعايير”.
وعن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، قال: “هذا هاجس دائم لدينا كحكومة، ولا نطرحه دائما في التصريحات، بل نتابعه دائما عبر الوزارات المختصة”.
وكان رئيس الجمهورية قد استقبل قبل جلسة مجلس الوزراء المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، وعرض معها الأوضاع العامة في الجنوب
والتقى الرئيس عون، بعد ظهر الخميس، على التوالي النواب: رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان، علي عسيران وجهاد بقرادوني.
وكان قد التقى سفيرة لبنان في اسبانيا هالة كيروز، وعرض معها العلاقات اللبنانية الاسبانية وأوضاع الجالية اللبنانية في إسبانيا.