تكشف شهادات جديدة وتسجيلات صوتية من داخل “الحرس الثوري” الإيراني عن الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وما رافقها من توتر حاد في العلاقات السورية – الإيرانية، وسط محاولات طهران المتكررة لإجبار دمشق على الدخول في مواجهة مباشرة مع “إسرائيل”.
وتناقلت مواقع إخبارية عربية تسجيلاً صوتياً لقائد كبير في “الحرس الثوري”، والذي غادر دمشق قبل ساعات فقط من انهيار نظام الأسد، يكشف أسراراً جديدة عن طبيعة العلاقة بين دمشق وطهران، خاصة بعد هجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته حركة “حماس” في تشرين الأول 2024.
بحسب هذا القائد الإيراني، فإن الأسد رفض بشكل قاطع طلبات طهران شن هجوم عسكري على الجولان، قائلاً: “أنا مجرد منصة لوجستية لمقاومتكم. إذا أردتم جلب الطائرات المحملة بالأسلحة والقتال، فافعلوا ذلك، لكنني لن أدخل في حرب مع إسرائيل”.
يُظهر التسجيل انقسامات داخل النظام السوري، حيث فضّل الأسد تعزيز علاقاته مع الدول العربية بدلاً من الاستمرار تحت الوصاية الإيرانية، وهو ما دفع طهران إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها في المنطقة.
يكشف العميد بهروز إصبتي (أبو أمير)، صاحب التسجيل، وأحد كبار القادة في “فيلق القدس”، والذي غادر دمشق إلى طهران قبل 36 ساعة فقط من سقوط الأسد، تفاصيل صادمة عن الأيام الأخيرة للنظام السوري، ودور خامنئي وقادة “الحرس الثوري” في محاولة إنقاذه دون جدوى.
لأول مرة، يعترف مسؤول إيراني بأن طهران استخدمت سوريا كطريق لنقل الأسلحة إلى لبنان.
تشير المعلومات إلى أن جواد غفاري، رئيس وحدة 4000 في فرقة العمليات الخاصة بـ “الحرس الثوري”، قاد عمليات تهريب الأسلحة، بينما قتل محمد رضا زاهدي، القائد الكبير في “قوة القدس”، في غارة إسرائيلية استهدفت القنصلية الإيرانية بدمشق في نيسان 2024.
كما تعرضت إيران لضربة كبيرة أخرى عندما قتل محمد جعفر قصير (الحاج فادي)، المسؤول عن تهريب الأسلحة إلى “حزب الله”، في ضربة جوية إسرائيلية.
وبحسب العميد إصبتي، بدأ الأسد بتقليص النفوذ الإيراني قبل ثلاثة أشهر من سقوطه، حيث قادت أسماء الأسد، زوجة الرئيس، جهودًا لتقريب النظام من الدول العربية وإقصاء النفوذ الإيراني.
وقال إصبتي: “هذه الفئة أقنعت الأسد بأنه لن يعاني من مشاكل مالية أبدًا. أخبروه: سنعطيك كل شيء، فقط قلص النفوذ الإيراني، وقد فعل ذلك. خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، طرد الأسد 80% من الإيرانيين من مواقعهم في سوريا”.
يفجر التسجيل الصوتي مفاجأة أخرى، حيث يؤكد إصبتي أن روسيا لعبت دورًا رئيسيًا في انهيار نظام الأسد.
بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، يقول إصبتي إن روسيا كانت تقوم بتعطيل أنظمة الرادار الخاصة بها، “ما سمح لإسرائيل بتنفيذ ضرباتها بدقة”، وهو ما أدى إلى مقتل قادة كبار في “الحرس الثوري”، مثل رازي موسوي وصادق أميدوار.
كما يؤكد إصبتي أن روسيا قدمت للأسد خطة بديلة عن الخطة الدفاعية الإيرانية، حيث اختارت موسكو الضربات الجوية ضد مواقع “تحرير الشام” في إدلب، بينما كان “الحرس الثوري الإيراني” يوصي بالدفاع البري.
في النهاية، يعترف الجنرال إصبتي بأن هزيمة إيران في سوريا لم تكن بسبب هجوم عسكري، بل لأن الشعب السوري أسقط النظام الفاسد، وقال “لم تكن هناك حرب حقيقية ليخسروها، ولكن السوريين قرروا إنهاء حكم الأسد”.