كتبت الصحافية عبير رحال
لبنان، هذا البلد الصغير بمساحته والكبير بتاريخه وثقافته، مرّ بمراحل صعبة خلال الحروب التي شهدها. الحرب ليست مجرد نزاع مسلح، بل هي تجربة مريرة تترك بصماتها العميقة على الأرض والشعب. بعد سنوات من الصراع، وعندما أتى اتفاق وقف إطلاق النار، بدأت رحلة التعافي.
الشعب اللبناني، المعروف بصلابته وإصراره، أظهر قدرة مذهلة على النهوض من تحت الركام. برغم الجراح التي خلّفتها الحرب، برزت إرادة الحياة بقوة، حيث استمر اللبنانيون في إعادة بناء وطنهم، ليس فقط بالحجارة والإسمنت، بل بالأمل والعمل المشترك.
ما يميّز لبنان وشعبه بعد الحرب هو الروح الجماعية التي ظهرت في محاولات تجاوز الانقسامات وإعادة بناء الهوية الوطنية. رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تلت وقف إطلاق النار، استمر اللبنانيون في التمسك بقيمهم الثقافية والتراثية، والتي تمثل جزءًا من قوتهم وتفرّدهم.
وفي هذا السياق، لعبت الصحافة دورًا حاسمًا في ظل الحرب وما بعدها. خلال الحرب، كانت الصحافة نافذة للعالم على معاناة اللبنانيين وأداة لفضح الانتهاكات وتسليط الضوء على مآسي المدنيين. عمل الصحفيون، رغم المخاطر الكبيرة، على نقل الحقيقة وتوثيق الأحداث في وقت ساد فيه التضليل والتعتيم.
أما بعد الحرب، أصبحت الصحافة صوت الشعب، وسيلة لمتابعة عملية إعادة الإعمار، ولتسليط الضوء على التحديات التي تواجه البلاد، من فساد وأزمات اجتماعية وسياسية. أسهمت الصحافة الحرة والنزيهة في تعزيز المساءلة والشفافية، حيث كانت أداة لرصد الانتهاكات، ومراقبة السلطة، وتحفيز النقاش العام حول المصالحة الوطنية.
لذلك، الصحافة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل شريك حقيقي في بناء السلام واستعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات. لقد كانت وستظل ركيزة أساسية في معركة لبنان للانتقال من الحروب إلى الاستقرار، ومن الانقسام إلى الوحدة.