على وقع مفاوضات وقف إطلاق النار والبحث في آلية تطبيق القرار 1701 بما فيها نشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، يجري التحضير لعقد جلسة تشريعية لإقرار التمديد لقائد الجيش جوزيف عون للمرة الثانية. ومع بدء ضغوط السفيرة الأميركية ليزا جونسون للدفع للتمديد، وقبل شهرين من موعد انتهاء الولاية الأولى الممدّدة لعون، كَثُرَ طباخو اقتراحات القوانين. وتكرر مشهد العام الماضي نفسه بالعدّة والأدوات نفسها. فسعياً منه للظهور كـ«أمّ الصبي»، سارع حزب القوات اللبنانية إلى تقديم اقتراح يحصر آلية رفع سنّ التقاعد مجدداً بقائد الجيش فقط من دون باقي قادة الأجهزة الأمنية. وهو القانون نفسه الذي قدّمته كتلة القوات قبل التمديد الأول ولم يؤخذ به لأنه جاء مفصّلاً على قياس قائد الجيش ويسهل الطعن فيه لافتقاده الشمولية. لذلك، من المرجح أن لا يمرّ الاقتراح كما حصل قبل عام، عندما اضطرّ حزب القوات الى سحب اقتراحه وتبنّي قانون كتلة الاعتدال الوطني الذي نصّ على «تمديد سنّ تقاعد العماد قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، العسكريين منهم، والذين يمارسون مهامهم بالأصالة أو بالوكالة أو بالإنابة، ويحملون رتبة عماد أو لواء، ولا يزالون في وظائفهم لمدة سنة من تاريخ إحالتهم على التقاعد». ويبدو أن كتلة الاعتدال تستعد لتقديم الاقتراح نفسه مجدداً من دون أي تغيير ليشمل قائد الجيش والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
كذلك يوجد في أدراج المجلس اقتراحان قديمان قدمّتهما كتلة اللقاء الديموقراطي: ينص الأول على التمديد لكل ضبّاط ورتباء الأسلاك العسكرية والأمنية، وينصّ الثاني على التمديد لموظفي القطاع العام. وبحسب مصادر اللقاء الديموقراطي، فإن القانونين «يضمنان حسن سير المؤسسات الرسمية والمؤسسة العسكرية، ولا سيما أن مرسوم تعيين رئيس الأركان لم يوقّع بعد»، إلا أن اللقاء ما لبث أن سحبهما من التداول.
وتقدّم النائب جهاد الصمد باقتراح قانون مشابه لاقتراحَي الاشتراكي مع مزيد من التوسّع، إذ يشمل «من يرغب من العاملين في القطاع العام – إدارات ومؤسسات عامة ومختلطة وأجهزة قضائية والجامعة اللبنانية وعناصر وضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية، والذين لا يزالون في الخدمة الفعلية وذلك لمدة سنة من تاريخ إحالتهم على التقاعد». وقال الصمد لـ«الأخبار» إن الاقتراح يشكّل حلاً لموظفي القطاع العام الذين يعانون من انخفاض قيمة تعويض نهاية الخدمة نظراً الى تقاضيهم أساس الراتب على الـ 1550 ليرة. وبالتالي، يمنحهم هذا الاقتراح فرصة لتسوية أوضاعهم إذا ما أُقرّت سلسلة رتب ورواتب جديدة العام المقبل.
كذلك قدّمت كتلة «التوافق الوطني» اقتراحاً ركّزت فيه على «مصلحة أفراد وضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية» كما جاء في الأسباب الموجبة، ونصّ على «تأخير تسريح الضباط في القوات المسلحة اللبنانية من جيش وأمن عام وأمن داخلي وأمن دولة الذين تم تعيينهم بموجب مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء، وفي باقي القوى الأمنية للمعيّنين بموجب مراسيم بالأصالة أو الوكالة في المراكز التي يشغلونها، وذلك لمدة سنتين». كما يمدّد الاقتراح سن التقاعد للعسكريين والقوى الأمنية الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية لمدة سنتين، ويحق لهم طلب إحالتهم على التقاعد عند بلوغهم السن القانونية التي يتقاعدون فيها حالياً؛ كل حسب رتبته وفق القوانين والأنظمة المرعيّة الاجراء. أي أن هذا الاقتراح يشمل كل العسكريين من كل الفئات في القوى العسكرية والأمنية.
وفيما يرى أحد النواب في كثرة القوانين المطروحة «مزايدات» لا طائل منها، يشير الى أنه يجري العمل على توافق العدد الأكبر من النواب حول اقتراح واحد للسير فيه. غير أن الأفكار لم تتبلور بعد، بل يفترض أن تكون موضوع نقاش في لقاء بين الكتل، فضلاً عن الحديث عن اقتراح لم يُقدّم بعد، ولكنه الأنسب من الناحية العملية. إذ ينصّ على التمديد لرؤساء الأجهزة الأمنية من رتبة لواء وعماد لمدة ستة أشهر فقط بدلاً من سنة، وذلك حفاظاً على المؤسسات الأمنية والتراتبية العسكرية وحقوق الأفراد. وبالتالي يتمّ خلال هذه الأشهر انتخاب رئيس للجمهورية، فيقوم بنفسه بتعيين قائد جديد للجيش. ولفت الى أن كل هذه الاقتراحات ستشكل اختلالاً في الجيش وبقية المؤسسات الأمنية بسبب حرمان بعض العناصر فرصة نيل رتبة لواء أو عماد وإغلاق الأبواب أمامهم. إذ إن جيلين من العسكريين سيخرجون الى التقاعد من دون ترقية، بينما من هم أقدم منهم لا يزالون في الخدمة. ورغم أن ثمة ظلماً بالنسبة إلى الموظفين المدنيين والمتقاعدين مع انهيار قيمة تعويضاتهم وعدم حفظ الدولة لأيٍّ من حقوقهم، الا أنه ينبغي إقرار قانون خاص بهؤلاء وألّا يكون ضمن قانون التمديد الذي سيرتّب أعباء مالية على الدولة ويمسّ بالتراتبية الوظيفية.
في موازاة ذلك، تشير مصادر حكومية الى أن من المرجح أن يحدد بري موعداً لجلسة التمديد في مدة قريبة لا تتجاوز نهاية الشهر الجاري أو الأسبوع الأول من كانون الأول المقبل. وتحتاج الجلسة إلى نصاب النصف زائداً واحداً للانعقاد وتأييد أغلبية الحاضرين، وهو نصاب مؤمن بحضور كتل القوات والكتائب والمردة والاشتراكي و«الاعتدال الوطني» و«التوافق الوطني» و«تجدّد» و«اللقاء النيابي التشاوري (يضم النواب الخارجين من التيار الوطني الحر ونعمة افرام وميشال ضاهر وجميل عبود) والنواب التغييرين وبعض المستقلين. وحتى الساعة، لم يصدر عن كتلة التنمية والتحرير أي موقف في ما خص التمديد، في ما عدا تأكيد حضور الجلسة رغم ترجيح بعض النواب تكرار السيناريو القديم نفسه لناحية تصويت نواب حركة أمل على الاقتراح من دون نواب حزب الله. أما التيار الوطني الحر فلن يحضر الجلسة، وأكد النائب غسان عطا الله لـ«الأخبار» أن كتلة التيار «لن تشارك في المهزلة، ذلك لأن المخارج الدستورية لملء هذا الفراغ متاحة من دون اللجوء الى التمديد. فالجيش لا يعيش على ضابط واحد، بل ثمة ضباط لديهم الكفاءة يضيفون قيمة على هذا الموقع إن وصلوا إليه، وكان الأحرى أن تخصّص الجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يقوم بنفسه، وفقاً لصلاحياته، بتعيين قائد جيش».
رلى إبراهيم – الاخبار