العارفون في السياسة يُدركون أن البلاد مُقبِلة على هاوية كبيرة، وأن المرحلة الآتية ستكون مختلفة جداً عن كل ما مرّ به لبنان، خصوصاً أن الحرب الحالية تتصل بتغيير هوية البلد وصياغة عقده الجديد وفقَ التوازنات التي سيرسو عليها المسار العسكري. وليد جنبلاط واحد من هؤلاء العارفين، ويُمكن القول إنه كانَ مِن أكثر العارفين بأن “طوفان الأقصى” سيُغيّر معالم المنطقة والعالم على مستويات عدة.
ورغمَ الضغط الكبير الذي تعرّض له في شارعه وداخل الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة اللقاء الديمقراطي النيابية، بقي الرجل متمسّكاً بموقفه الداعم لغزة وجبهة الإسناد في الجنوب.
وعليه، ردّ الرجل على كل من ضرب لنفسه موعداً مع انقلاب جنبلاطي جديد يُغطي الحملة السياسية التي بدأت في البلد بعنوان “ما بعد حزب الله”، باتخاذ قرار مقاطعة مؤتمر “معراب” الذي دعا إليه حزب “القوات” اليوم تحت عنوان “دفاعاً عن لبنان لرسم خريطة طريق إنقاذ للبنان”.
وكشفت معلومات لصحيفة “الأخبار” أن الحزب الاشتراكي “ناقشَ على مدى اليومين الماضييْن التطورات في البلد، والجو السياسي الذي تُحاول بعض القوى إشاعته عن انتهاء حزب الله والتحضير لمرحلة ما بعده، ودعوة القوات للمؤتمر”. ومع أن بعض المحيطين به لا ينفك يروّج للعلاقة مع سمير جعجع، لكنّ جنبلاط لا يبدو في وارد الانضمام إلى أي جبهة تحمل مشروعاً فتنوياً، كما قالت مصادر قريبة.
ولفتت المصادر إلى أن “الحزب الاشتراكي قرّر عدم الحضور وعدم إرسال ممثّل عنه”، مشيرة إلى أن “جنبلاط لن يقبل بأن يكون جزءاً من مشروع عزل أو كسر موقع لأي طائفة كانت، وهو جزء من اللقاء الثلاثي في عين التينة الذي كانَ لديه موقف واضح يؤكد على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701”.
وفيما طلب جنبلاط من النواب والمسؤولين في الحزب عدم التعليق على المؤتمر مهما كان سقف الخطاب، علمت “الأخبار” أن رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل كانَ ينوي المشاركة شخصياً، لكنه تراجع عن ذلك بضغط من الرئيس السابق أمين الجميل الذي أصر على أن يكون هناك تمثيلاً متواضعاً عن الحزب.